وسط خوف من المجهول، اتجه العراقيون في مناطق عدة في البلاد، لا سيما العاصمة بغداد، إلى تخزين الغذاء، في حالة من الاستنفار، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ، فيما دعا أئمة مساجد بغداد المواطنين إلى شراء الاحتياجات اللازمة فقط، حفاظاً على الفقراء.
شوارع العاصمة العراقية، بغداد، لم تعد مزدحمة بالسيارات والناس، كما كان الحال قبل أيام قليلة. ورغم اعتيادهم على عدم استقرار الأمن وشحة المواد التموينية وارتفاع الأسعار، إلا أن الأمر مختلف هذه المرة، حسب حامد العزاوي، وهو شيخ طاعن في السن من سكان بغداد.
ويرى أصحاب محال لبيع المواد الغذائية في بغداد، إن "الوضع أشبه باستنفار لشراء المواد الغذائية".
وقال فلاح كاظم، صاحب محل لبيع المواد الغذائية في منطقة الباب الشرقي، وسط بغداد، لمراسل "العربي الجديد"، إن زبائنه، وبينهم ضباط ومنتسبون في وزارة الداخلية، اشتروا كميات كبيرة من المواد الغذائية الجافة لغرض تخزينها.
وأضاف أن هناك استنفاراً من قبل المواطنين لشراء المواد الغذائية وتخزينها بسبب خطورة ما يحدث، كما أن هناك خوفاً من المجهول في الأيام القادمة.
ولفت الانتباه إلى أن الكثير من المواطنين، حين يرون رجال الأمن يخزنون السلع يفعلون مثلهم، لاعتقادهم بأن رجال الأمن لديهم اطلاع على أسرار أمنية وأخبار رصينة.
وأشار إلى أن تجّار الجملة رفعوا أسعار المواد الغذائية، بسبب غلق المنافذ الحدودية المهمة في شمال وغرب العراق، نتيجة الأحداث الجارية فيه، وسيطرة المسلحين على عدة مدن عراقية والمنافذ الحدودية عبر سورية والأردن.
وأكد رئيس نقابة الشاحنات الأردنية، محمد خير الداوود، لـ"العربي الجديد"، أمس الإثنين، أن حركة الشحن البري بين الأردن والعراق شبه متوقفة منذ أيام عدة لتدهور الأوضاع في العراق، وتصاعد حدة المواجهات بين الجيش العراقي والمسلحين.
وأضاف أن 95% من الشاحنات الأردنية، التي تعمل على الخط البري بين الأردن والعراق، توقفت عن العمل لارتفاع درجة المخاطرة في الاراضي العراقية.
وأعرب مواطنون عراقيون عن سخطهم إزاء ما يحدث في العراق، محملين الحكومة مسؤولية تردي الأوضاع الأمنية وشح المواد التموينية.
وقال ياسين مهدي، موظف في وزارة التجارة :"الوزارة فشلت في تأمين حصة المواطن من البطاقة التموينية، بسبب الفساد المستشري في جميع أوصال الحكومة العراقية وليس فقط في الوزارة".
وأضاف أن وزارة التجارة مهمتها تأمين ما يحتاجه المواطن في مثل هذه الظروف، والسيطرة على الأسعار، وضخ المواد التموينية إلى الأسواق، مشيرا إلى أن الوزارة تحتفظ في مخازنها بمواد غذائية رديئة والكثير منها انتهت صلاحيته.
وتابع مهدي: "سيحاول المسؤولون اللجوء إلى الفتنة الطائفية، وتفعيل عمل الميليشيات، للحفاظ على كراسيهم، لأن سقوطهم يعني كشف فضائحهم وسرقاتهم والأموال الطائلة التي جنوها على حساب قوت الشعب".
ودعا أئمة مساجد بغداد وخطباؤها، يوم الجمعة، المواطنين إلى شراء ما يحتاجونه، وعدم تخزين المواد الغذائية، لما في ذلك من ضرر على الفقراء.
وتسارعت الأحداث السياسية والعسكرية في العراق خلال الساعات الماضية، إذ أعلن المجلس العسكري لعشائر العراق عن تمكنه من إحراز تقدم كبير في عدد من المدن العراقية.
وبدا الارتباك والتخبط واضحين على حكومة نوري المالكي نتيجة الهزيمة الميدانية، وهو ما انعكس في قرارها بإعفاء عدد من الضباط الكبار من مناصبهم، وإحالتهم إلى التحقيق، بحجة هروبهم من ساحة المعركة، بموازاة هجومها على السعودية، واتهامها بدعم الحراك المسلح ومهادنة من وصفتهم بـ"الإرهابيين.
وحذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الثلاثاء، من انتشار الأوبئة بين النازحين العراقيين. وتقدّر المنظمة أعداد العراقيين، الذين فروا من ديارهم في الموصل والمناطق المجاورة شمال بغداد منذ اندلاع الأحداث الأخيرة، بأكثر من نصف مليون.
وبحسب الأمم المتحدة، لا يزال 25 ألف شخص في الموصل يبحثون عن مأوى في المدارس والمساجد، ولا يستطيع هؤلاء الحصول على المياه الصالحة للشرب، بسبب قصف محطة المياه الرئيسية في المنطقة وتدميرها. كما تسجّل تقارير منظمة الصحة العالمية حصول نقص في الغذاء في المنطقة.