شهدت العاصمة العراقية بغداد، أمس الإثنين، موجة تفجيرات جديدة تسببت بمقتل وإصابة عشرات العراقيين، وسط اعتقاد برلمانيين بأن الخلافات السياسية أدت إلى التدهور الأمني، فيما تعرّض التحالف الانتخابي بين رئيس الوزراء حيدر العبادي ومليشيات "الحشد الشعبي"، الذي أعلن يوم الأحد الماضي، باسم "نصر العراق" إلى أولى التصدعات، بعد انسحاب بعض المليشيات منه. وفي الوقت الذي باشرت فيه القوى السياسية العراقية ترتيب أوراقها استعداداً لخوض الانتخابات، بدا أن الوضع الأمني مرشح للتدهور في البلاد. فقد قُتل نحو 38 شخصاً، وجُرح 105 أشخاص، أمس، بتفجير مزدوج في ساحة الطيران وسط بغداد مع قيام إرهابيين اثنين بتفجير نفسيهما وسط تجمّع العمال، حسبما أفاد مسؤول بوزارة الداخلية العراقية. ما دفع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بصفته القائد العام للقوات المسلحة إلى إصدار أوامر بملاحقة الخلايا الإرهابية النائمة، عقب اجتماعه بقيادات العمليات والأجهزة الاستخبارية في بغداد.
وتعليقاً على التفجيرين، اعتبرت النائبة جميلة العبيدي، في تصريح صحافي، أن "السياسيين هم السبب بتدهور الأمن". وأضافت "قلنا سابقاً ونعيدها الآن، إنه عندما يكون هناك اختلاف بين السياسيين تترجم تلك الخلافات في الشارع بسيارات مفخخة وعبوات وأحزمة ناسفة"، مبينة أن "الشارع يهدأ ولا يتعرض إلى أية حوادث أو خروق أمنية حين توجد التفاهمات". وتابعت "العراق يختلف عن بقية دول العالم فنجد هنا أن السياسيين هم الذين يثيرون الشغب والفتنة في الشارع"، مؤكدة أن "تصاعد الصراعات مع قرب الانتخابات وانعكاس ذلك على الشارع بات سيناريو غالباً ما يتكرر"، مطالبة السياسيين بـ"ألا يجعلوا دماء الأبرياء حطباً للصراعات الانتخابية".
خطط الارهاب الذي تزايد مع قرب موعد الانتخابات تتطلب وضع استراتيجيات جديدة بحسب نائب الرئيس العراقي، إياد علاوي، الذي دعا الحكومة العراقية إلى "توفير الحماية للمواطنين والعمل على حفظ الاستقرار في بغداد لمنع تأجيج الشارع وبث الفتنة". وأضاف أن "زمر الإرهاب والتطرف التي اتخذت من سفك دماء الأبرياء وسيلة لتعطيل الحياة بعد هزائمها الأخيرة على أكثر من جبهة ومحور، أقدمت على جريمة جديدة من أجل بث الفتنة والعودة إلى مربع العنف وتأجيج الشارع"، مؤكداً في بيان أن "الخلايا النائمة ستواصل نهجها الإرهابي باستهداف العراقيين، وهو ما يتطلب جهداً استخبارياً مركزاً، وتغيير البنية السياسية التي لا تزال قائمة على التهميش والإقصاء".
من جهته، رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة النهرين، علي البدري، أن "تصاعد العنف قبل أشهر من موعد الانتخابات، غير مستغرب"، مؤكداً في حديثٍ لـ "العربي الجديد"، أن "الصبغة الطائفية لأغلب التحالفات الانتخابية التي أُعلن عنها تضعنا أمام خيارات مفتوحة". وأضاف أنه "لا يمكن لأي تحالف أو حزب طائفي أن يحقق تقدماً في الانتخابات ما لم تكن الأجواء مشحونة طائفياً"، مبيناً أن "تأجيج الشارع أصبح ورقة لعب مكشوفة لا تخفى على أحد". وعبّر البدري عن تشاؤمه بما يتعلق بالانتخابات المقررة في 15 مايو/أيار المقبل، موضحاً أن "الوضع لن يتغير ما دامت الطبقة السياسية المتنفذة تفكر بالعقلية الضيقة ذاتها".
بدورها، ربطت عضو مفوضية حقوق الإنسان العراقية، وحدة الجميلي، بين تفجيرات بغداد والمنافسة الانتخابية، مطالبة بـ"إبعاد حياة المواطنين عن السباق الانتخابي المحموم، وتأثيره على أرواح الأبرياء". وأشارت إلى أن "ازدياد التفجيرات الإرهابية له صلة واضحة بانطلاق مضمار الانتخابات"، رافضة أن "يكون صعود الساعين إلى السلطة على جثامين المواطنين الأبرياء".
من جانبه، اعتبر رئيس كتلة "صادقون" التابعة لمليشيا "عصائب أهل الحق" في البرلمان، حسن سالم، أن "سبب الانسحاب من تحالف (نصر العراق) يعود إلى وجود بعض الكتل والشخصيات المتورطة بشبهات فساد"، مبيناً في تصريحات صحافية أن "رسالة الحشد الشعبي هي الجهاد ضد الفاسدين".
كما أكدت وسائل إعلام محلية أن "القيادي في مليشيات الحشد الشعبي، فالح الخزعلي، انسحب من تحالف نصر العراق بقيادة العبادي". ونقلت عن الخزعلي قوله "لا نسمح لأنفسنا أن نكون جزءًا من منظومة الفساد وتدوير بعض الشخصيات التي أساءت للعراق ونتطلع للأفضل لأجل العراق"، مشدداً على "ضرورة الحفاظ على مبدأ التداول السلمي للسلطة عن طريق الانتخابات، وعدم السماح باستخدام المال العام والنفوذ الحكومي في شراء الأصوات".