تقف ناطحة السحاب، شارد، في منطقة " لندن بريدج" وجوهرة المتاجر البريطانية "هارودز"، إلى جانب شقق "وان هايد بارك" السكنية الفاخرة في منطقة نايتسبريدج، كأكبر شاهد على قوة الاستثمارات العربية في لندن. وهذه الاستثمارات وغيرها تعدّ من درر العقارات ليس في لندن فقط ولكن في جميع أنحاء العالم. وهي عقارات يحلم بتملّكها مليارديرات العالم.
ويقول عقاريون في لندن: لقد أنقذ المستثمرون العرب، خاصة صناديق الاستثمار الخليجية وعلى رأسها جهاز قطر للاستثمار، العقارات البريطانية في لحظات حرجة كانت السوق تشارف فيها على الانهيار. وقال العقاري، ليان بيلي: "استثمرت قطر بقوة وكثافة في لندن في أوقات صعبة مر بها الاقتصاد البريطاني في أعقاب الازمة المالية التي أجبرت كبار المستثمرين من بريطانيين وأجانب على التقهقر من السوق البريطاني". وهذا الإقدام القطري والثقة في الاقتصاد البريطاني، هو الذي حفر اسم قطر في ذاكرة البريطانيين.
ليان بيلي، الشريك في "وكالة نايت فرانك" العالمية التي تتخصص في العقارات الفاخرة، قال لـ"العربي الجديد" في مكالمة هاتفية، إن العرب، وعلى رأسهم جهاز قطر للاستثمار، استثمروا بقوة في بريطانيا خلال سنوات الازمة المالية. وقال إن القطريين يستثمرون في بريطانيا استثمارات طويلة الاجل، وهي ما يحتاجها السوق. ولكنه قال في تعليقاته لـ"العربي الجديد"، إن الاستثمارات العقارية العربية عموماً تتجه الآن الى خارج دائرة الوسط بلندن التي تعرف بـ"زون وان"، ويشترون عقارات في "زون 2" والمناطق الاستراتيجية على طول خطوط القطارات، حيث ترتفع نسبة الإشغال. وأشار الى أنهم يفعلون ذلك لأن العائد على عقارات الوسط ليس كبيراً، حيث لا يتعدى 4%. ولكن العائد في العقارات خارج دائرة الوسط يصل الى 10%.
ويقدّر حجم الاستثمارات الخارجية القطرية بحوالى 22 مليار دولار في العام الماضي. كما يقدّر إجمالي استثماراتها الخارجية بحوالى 45 مليار دولار خلال العام 2012. ومعظم هذه الاستثمارات في شركات استراتيجية وعقارات بريطانية. وتقدّر قيمة موجودات صندوق قطر للاستثمار بأكثر من مئة مليار دولار. وقال الرئيس التنفيذي لجهاز قطر للاستثمار، أحمد السيد، في تصريحات بلندن الشهر الماضي: "جهاز قطر للاستثمار مستثمر طويل الاجل وملتزم بالاستثمار في لندن وبريطانيا". والى جانب قطر، هنالك مستثمرون كبار مثل جهاز أبو ظبي للاستثمار ومستثمرون أفراد من أثرياء السعودية والخليج، ولكن يبدو أن الاستثمارات القطرية خطفت الاضواء من باقي المستثمرين العرب بسبب نوعية العقارات وشهرتها وضخامة الصفقات التي وقّعتها خلال السنوات الثلاث الماضية.
وعلى صعيد الاستثمار الفندقي، قال خبراء في لندن إن الطلب الاستثماري من الصناديق السيادية العربية على قطاع الفنادق في بريطانيا رفع عدد وحجم الحيازات والتملُّك في هذا القطاع خلال السنوات الاخيرة. وقدّرت قيمة الصفقات التي نفذها المستثمرون العرب في قطاع الفنادق خلال النصف الاول من العام الماضي بقرابة ملياري دولار. وأشارت صحيفة "فايناشيال تايمز" في هذا الصدد، الى أن شركة "كونستليشن هوتيلز"، التي يملكها جهاز قطر للاستثمار والتي اشترت فندق انتركونتننتال هوتيلز في منطقة باركلين المطلة على حديقة الهايدبارك مقابل 300 مليون جنيه استرليني (حوالى 480 مليون دولار) ودفعت 160 مليون دولار لحيازة التملّك الحر للأرض، تعدّ أكبر محركي السوق الفندقي في بريطانيا وأوروبا. ويقول ماريام مهجر، كبير المدراء في شركة ديلوت لتدقيق الحسابات الذي يشرف على قسم الفنادق والسياحة للشركة بلندن: إن هذ الصفقات الضخمة في قطاع الفنادق ما كان لها أن تتحقق لولا استثمارات الصناديق السيادية العربية. وقالت مصادر في لندن إن فندق كلاريدجز، الذي يدور حوله نزاع قضائي شرس بين كبار رجالات الفنادق في العاصمة البريطانية، تنوي إحدى أطراف النزاع حوله الاستعانة بجهاز قطر للاستثمار لتملّكه. ولكن "العربي الجديد" لم تتمكن من التحقق من هذه المعلومات عبر اتصالاتها مع مصادر عقارية في لندن.
من جانبها، قالت شركة الاستشارات الفندقية العالمية HVS في لندن، في تقرير لها، اليوم، إن إجمالي المعاملات التي تمّت في القطاع الفندقي في أوروبا بلغت 6.10 مليارات دولار في العام 2013. وبلغ إجمالي قيمة الصفقات التي تمت عبر مستثمرين من الشرق الأوسط في القطاع الفندقي في أوروبا 2.3 مليار دولار في العام 2013، وهو ما يشكل 30% من نسبة الصفقات التي تمت في العالم، فيما بلغت قيمة الصفقات في العام 2012، والتي أبرمها مستثمرون من الشرق الأوسط 889 مليون دولار. وكانت أبرز الاستحواذات التي تمت في العام الماضي من نصيب مجموعة "كونسلتنيشن" التي يملكها جهاز أبو ظبي للاستثمار. واستحوذت مجموعة "كونسلتنيشن" على أربعة فنادق من مجموعة "اللوفر" الفرنسية تديرها "ستار وود" العالمية، حيث بلغت قيمة الصفقة 961 مليون دولار، فيما حل ثانياً استحواذ جهاز أبو ظبي للاستثمار بقيمة 880 مليون دولار على 42 فندقاً لماريوت في المملكة المتحدة، وثالثاً استحواذ محفظة خاصة على فندقين بقيمة 321 مليون دولار. وأشار التقرير إلى أن معظم الاستحواذات تمت عبر صناديق سيادية، فيما تمت 42% عبر محافظ استثمارية و19% عبر مستثمرين أفراد.