وأوضح العكرمي أنه قدم استقالته لأنه لمس أن جهوده في محاربة الفساد ليست كافية، بسبب التجاذبات السياسية الكبيرة في البلاد، مشدداً في المقابل على أنه سيظل وفياً لحزب "نداء تونس".
العكرمي، وفي تصريح لـ"العربي الجديد"، أشار إلى أنّ القضية تكمن في شكل إدارة الحكم نفسه، وأن العلة تكمن في النظام برمته، لافتاً إلى أنّه سينشر تفاصيل أسباب الاستقالة المطولة، التي خطها في سبع صفحات كاملة.
ورأى أنه منتخب كنائب من قبل عشرات آلاف المواطنين، ولكنه شعر أنه لم يعد باستطاعته تقديم شيء لهم، ولذلك اختار الاستقالة من الحكومة والتفرغ للحزب، ولعائلته.
مضمون الرسالة، الذي تداولته المواقع وصفحات التواصل الاجتماعي، ذهب في نفس الاتجاه، إذ كتب العكرمي أنه ليس "في حاجة إلى سيارة مرسيدس فاخرة، وإلى امتيازات وإلى راتب وزاري"، وأنه أراد خدمة الشعب انطلاقا من إيمانه بأن إرجاع الاقتصاد وإقامة دولة على أسس ديمقراطية جديدة، لا تكون إلّا بمحاربة الفساد.
إلى ذلك، اعتبر أن هناك إقصاء ممنهجاً من كل القرارات، وغياباً تامّاً للمعلومة، ومنعه من أي تصرف حتى صار يتحرك في مساحة زنزانة سياسيّة انفراديّة، يراد منها نزع أية مصداقية عنه وإحالته إلى تقاعد سياسي مبكر.
العكرمي قال إن القرارات التي تتخذ والتعيينات التي تمضى والتوجهات التي تصاغ تصلهم عبر وسائل الإعلام، ثمّ يطلبون منهم الدفاع عن الحكومة بحجة أن الفريق الحكومي يجب أن يكون متضامناً، متسائلاً إذا كانت هناك إرادة فعلية للتصدي للفساد، لأنّه لا يمكن محاربة الفساد بمسؤولين فاسدين، ولا يمكن للعقول الاستبدادية أن تقود الديمقراطية،على حدّ تعبيره.
كما أشار إلى أنّه نبّه إلى ملفات بعينها وإلى أشخاص متورطين، لا تستحق فقط الطرد بل المحاسبة الفورية والسجن، ولكنه وجد نفسه كمن يصيح في الخلاء أو كمن يجذف في بحيرة لا ماء فيها، في حكومة قيل إنّ أيديها مرتعشة، "وأنا أقول أن لا أيادي لها أصلا لترتعش."
وشدد على أن الفساد هو مؤشر للاستبداد، وما نحن فيه اليوم هو سيطرة الإقطاع السياسي وسياسة الفساد في ظل الفوضى المنظمة وليست الديمقراطية.
وتأتي استقالة العكرمي في ظل صراعات قوية داخل "نداء تونس" استعدادا للمؤتمر المقبل، وفي ظل تواتر الأخبار حول تعديلات حكومية وشيكة.
بدوره، قال المدير التنفيذي للحزب، بوجمعة الرميلي، إنه فوجئ بالاستقالة ولم يُستشر فيها الحزب، ولم يعلم بها برغم أنه اجتمع يوم الجمعة الماضي، وقال إن الحزب ينتظر توضيحات من العكرمي بخصوص هذه الاستقالة.
وعلّق اعضاء في الحزب على هذه الاستقالة، إذ قال بعضهم لـ"العربي الجديد" إنّه لا أهمية لها سياسياً، لأن المنصب في حد ذاته ليس مهما، مشيرين إلى أن الهدف منه هو إرباك الحكومة ورئيسها، الحبيب الصيد، بغاية تحقيق أهداف سياسية أخرى.
وفي هذا السياق، لفت المتحدث باسم رئيس الحكومة، ظافر ناجي، في تصريحٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ رئيس الحكومة لا يعارض هذه الاستقالة، ويرى أنه من حق أي وزير في نظام ديمقراطي أن يستقيل.
اقرأ أيضاً: "نداء تونس" على مفترق التوحيد أو التقسيم