تشهد محافظة نينوى العراقية، وتحديداً عاصمتها المحلية الموصل (شمال)، انتشارا وصفه مسؤولون بالمربك للعملة المزيفة، إذ وقع ضحيتها مواطنون وأصحاب محلات تجارية على حد سواء، وسط اتهامات بتهريبها من سورية إلى داخل العراق عبر مليشيات مسلحة مرتبطة بحزب العمال الكردستاني، أو فصائل مسلحة تابعة للحشد الشعبي، أو مليشيات مسلحة في سورية تدعم نظام بشار الأسد.
وبينما حذّر مسؤولون في تصريحات لـ"العربي الجديد" من تأثيرات هذه العملة على اقتصاد وأمن المحافظة الخارجة من سنوات احتلال "داعش"، دعا آخرون إلى إخراج المكاتب الاقتصادية التابعة لفصائل مسلحة، مؤكدين أنّها المسؤولة عن تزوير العملة.
وتعدّ نينوى من المحافظات العراقية التي تشهد ارتباكا أمنيا وسياسيا، بسبب ملفات الفساد فيها، بينما تتسابق جهات حزبية ومليشياوية للسيطرة عليها وعلى استثماراتها الاقتصادية.
وقال عضو مجلس مدينة الموصل محمد الحمداني لـ"العربي الجديد"، إن السوق تضررت من عمليات التزييف، مضيفاً: "رغم أن الخسائر غير كبيرة لكنها أربكت الناس والحركة التجارية السيئة من الأساس في المدينة منذ تحريرها"، مبينا أن العملة المزيفة تشتمل على فئة 100 دولار وفئة 5 آلاف و25 ألف دينار عراقي.
وحسب الحمداني فإن قوات الأمن نجحت في اعتقال عدد من مروجي العملات النقدية المزيفة وصادرت كميات منها، وأصبح السكان وأصحاب المحلات التجارية على دراية بكيفية التمييز بين العملتين المزيفة والأصلية، لكن تبقى المسألة تهدد استقرار السوق.
ويطالب خبراء أمنيون بإخراج المكاتب الاقتصادية والمجموعات المسلحة المرتبطة بها من المدينة، مؤكدين أنّها المسؤولة عن تزوير العملة وضرب اقتصاد المحافظة.
ومن جانبه، قال قاضي محكمة تحقيق الموصل الأيسر، أشرف العبادي، إنّ "دخول العملة المزيفة إلى الموصل ازداد بعد احتلال داعش للمحافظة، ومنها الموصل، وأصبحت من الجرائم المنظمة فيها"، مبينا في تصريحات صحافية أنّ "أغلب الأموال المزيفة التي تدخل المدينة تكون من خارجها أو خارج الحدود العراقية وأكثرها عن طريق سورية".
ويثير انتشار العملة المزيفة في الموصل قلقا كبيرا، لما له من أثر سلبي على اقتصادها، إذ قال النائب البرلماني عن المحافظة عبد الرحيم الشمري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك جهات تروّج لهذه العملات من داخل الموصل، وقد تم القبض على مجموعة بسيطة منها"، مرجحا أن "تكون خلف هذه المجموعات جهات تحاول نشر هذه العملة في المحافظة".
وحذّر الشمري من خطورة "انتشار العملة في المحافظة، لأنها ستؤثر على اقتصاد المدينة، من قبل الجهات الساعية لتدمير اقتصادها".
من جهته، حمّل القيادي في تحالف النصر عن نينوى النائب السابق محـمد نوري العبد ربه، الحكومة المركزية، "مسؤولية دخول العملة المزيفة الى المحافظة، لما له من إخلال بأمن الدولة اقتصادياً وأمنياً"، مشيرا إلى أنّ "هناك جهات تستفيد من ضرب العملة العراقية، وقد تكون هذه الجهات في دول مجاورة بدعم من جهات داخلية، والمكاتب الاقتصادية (المرتبطة بالحشد) لها يد في تخريب اقتصاد الموصل".
وأكد أن هناك معلومات عن وجود هذه العملات المزيفة، لكن حتى الآن لا يوجد تحرك رسمي جاد، داعياً إلى ضبط الحدود لمنع دخول العملة، وأن تتوفر أجهزة متطورة لكشف العملة داخل المحافظة.
الخبير الأمني محمد الحياني قال لـ"العربي الجديد" إنّ "الوضع الأمني المربك في محافظه نينوى شجّع على هذا الأمر، وإنّ ضعف أداء الدولة في الموصل من جانب، وضعف تطبيق القانون من جانب آخر، وفر فرصة للمجموعات المسلحة المرتبطة لأن تعبث بأموال المواطنين والدولة في الموصل".
وأكد أنّ "تلك المجموعات المسلحة هي التي تقوم بعمليات التزوير للعملة تؤدي إلى إنهاك الاقتصاد في هذه المناطق، ويجعلها غير قادرة على النهوض والبناء وإعادة تنظيم نفسها من جديد".
وشدّد الحياني على "ضرورة إخراج الفصائل المسلحة وغلق المكاتب الاقتصادية المرتبطة بها لكي تتمكن هذه المحافظة من استعادة أنفاسها وإعادة الإعمار والنازحين".
وكان مسؤول أمني في وزارة الداخلية العراقية قد أكد في تصريحات سابقة لـ "العربي الجديد" أن ما لا يقل عن 200 شبكة تزوير عملات تنشط في مناطق مختلفة بالبلاد، وتتباين في قدراتها على التزوير من حيث الكمية التي تنتجها، لكن في الغالب تتخصص في تزوير عملة الخمسة وعشرين ألف دينار والخمسين ألف دينار.