06 نوفمبر 2024
القدس شخصية العام
هي "الزّمان متجسّدا"، كما وصفها مرة ابن بيت لحم الراحل جبرا إبراهيم جبرا. هي المكان متعدّد الأمكنة: المسجد الأقصى، وقبة الصخرة، وحائط البراق، وكنيسة القيامة، ودرب الآلام، وكنيسة مريم، وهيكل سليمان، وعشرات المواقع والآثار والمسارات التي حفظت تاريخ ستة آلاف سنة. هي راعية ديانات الشرق الثلاث، وجامعة المجد من أطرافه، وهي أيضا "عروس عروبتنا" و"جوهرة مدن العالم"، والتاريخ كله عندما يفيض في لحظة فارقة.
هي القدس كما وصفها ياسر عرفات "ليست بندقية فقط، فلو كانت بندقية فقط لكانت قاطعة طريق، إنها نبض شاعر، وقلم كاتب، ومقبض جراح، وإبرة فتاة تخيط بها قميصا لزوجها الفدائي".
هي القدس، عاصمة فلسطين الأبدية بشرقيها وغربيها، التي انتصرت على واشنطن في مجلس الأمن، إذ وقفت معها أربع عشرة دولة، وأبقت الدولة الخامسة عشرة وحدها في عزلة خانقة، لم تشهدها من قبل.
هي القدس التي احتفت بها 128 دولة، لكن بضع دويلات مجهرية خنعت للإرادة الأميركية، وتنكرت لهذا الاحتفاء، وخرجت عن الإجماع الدولي، لتنال غضب العالم كله.
هي القدس التي حضرت في اسطنبول "مدينة الإسلام" كما سمّاها أجدادنا، والتقت ملوكا ورؤساء دول مثّلوا مليارا ونصف المليار من سكان العالم، وقد أجمعوا على مبايعتها بيتا للصلاة والعبادة، وعاصمة لدولة فلسطين، وإن تنكّب عن الحضور بعض أبالسة العصر الذين أتقنوا فن صنع المكائد.
هي القدس التي حقّقت على يديها، وباسمها، الانتفاضة الثالثة لأهل فلسطين، من مقيمين ومنفيين ولاجئين، وأعادت ترتيب أولويات العرب جميعا، إلى درجة أن بعض حكامهم الذين زاغوا عن الطريق أرعبهم صوتُها، فشرعوا يحسبون لها الحساب من جديد، وهي تدرك أنهم يُخادعونها، وما يخادعون إلا أنفسهم الشريرة، وتعرف بذكائها، وقد علمتها التجارب أنهم ينتظرون ساعة الفرج في ما يسمونها "التهدئة" أو "خفوت الانتفاضة"، كي يواصلوا سيرهم في المخطط الأسود الجديد الذي يدعونه "صفقة القرن".
هي القدس التي قدّم الفلسطينيون باسمها في أسبوع أكثر من ثلاثة آلاف بين شهيد وجريح، ولسوف يذكر التاريخ الشاب ذا الربيع الخامس عشر حامد المصري، ومثله محمد التميمي، ومثلهما شريف العبد، وكذلك القعيد إبراهيم أبو ثريا الذي قاوم المحتل الغاصب بنصف جسد، ولكن بعقل كبير وقلب أكبر وهبه كله للقدس.
هي القدس التي هتفت باسمها الشابة عهد التميمي، ذات الستة عشر ربيعا، في مواجهة جنود الاحتلال الصهيوني، وصفعت بذراعها الغضّة أحد أولئك الأشرار، وكان أن اختطفت من بيتها في اليوم التالي على أيديهم، ووضعت في مركز اعتقال مع والدتها، ومازالت هناك تدفع ضريبة الوطن الذي ليس عندها أحلى منه، ولا أغلى.
هي القدس التي تنتظر أن تثأر لها حكومة السلطة ومؤسساتها، وفصائل المقاومة ورجالها، وأن تعمل بجد على تكريس المصالحة بين كل أطرافها، على نحو يكفل ديمومة مواجهة العدو حتى تحقيق النصر، وأن تتواصل أشكال المواجهة بالسلاح والحجارة، وكذلك بالأيدي الغضّة والأصوات المتحدّية، وأن تتصاعد المقاطعة الشاملة عربيا وفلسطينيا للعدو، ولكل القوى المساندة له، وأن يتم العمل على إسقاط كل الاتفاقيات التي كبلت العمل الفلسطيني وأضعفته، وأن تتصاعد مناهضة التطبيع على مختلف الأصعدة، وأن ترسم الخطط لإدامة الحملة الدولية للتعريف بالقدس وفلسطين وبقضيتها العادلة، واستغلال الزخم الذي أحرزته أخيرا لتحقيق مكاسب أكبر.
من حق القدس، إذن، بعد هذا وقبله، أن تتوّج، وعلى رؤوس الأشهاد، شخصية العام الذي يوشك على الانصراف، وأن تتبوأ المكانة التي طمع بعض ولاة الأمور أن ينالوها، ولو عبر الخداع والدعايات الكاذبة التي مارستها منصاتٌ إعلاميةٌ معروفٌ أصلها وفصلها، وكان أن خرج أولئك الولاة من لائحة المنافسة بخفّي حنين، تلاحقهم الخيبة.
ومن حق القدس علينا أن نقف معها، وأن نرشحها وحدها لتكون شخصية هذا العام وكل الأعوام. ومن حقها علينا أيضا أن نسمع عتابها، ونصغي لأنينها، وننحني لكبريائها وسموّها، ونغني لها أناشيد الصمود والنصر والحياة، ونحن نعرف أن يوما قريبا سوف يأتي تتحقّق فيه نبوءة عرفات أن "يرفع شبلٌ من أشبالنا وزهرة من زهراتنا علم فلسطين فوق كنائس القدس، ومآذن القدس، وأسوار القدس.. ولسوف تبقى عاصمة أبدية لفلسطين، واللي مش عاجبه يشرب من بحر غزة".
هي القدس كما وصفها ياسر عرفات "ليست بندقية فقط، فلو كانت بندقية فقط لكانت قاطعة طريق، إنها نبض شاعر، وقلم كاتب، ومقبض جراح، وإبرة فتاة تخيط بها قميصا لزوجها الفدائي".
هي القدس، عاصمة فلسطين الأبدية بشرقيها وغربيها، التي انتصرت على واشنطن في مجلس الأمن، إذ وقفت معها أربع عشرة دولة، وأبقت الدولة الخامسة عشرة وحدها في عزلة خانقة، لم تشهدها من قبل.
هي القدس التي احتفت بها 128 دولة، لكن بضع دويلات مجهرية خنعت للإرادة الأميركية، وتنكرت لهذا الاحتفاء، وخرجت عن الإجماع الدولي، لتنال غضب العالم كله.
هي القدس التي حضرت في اسطنبول "مدينة الإسلام" كما سمّاها أجدادنا، والتقت ملوكا ورؤساء دول مثّلوا مليارا ونصف المليار من سكان العالم، وقد أجمعوا على مبايعتها بيتا للصلاة والعبادة، وعاصمة لدولة فلسطين، وإن تنكّب عن الحضور بعض أبالسة العصر الذين أتقنوا فن صنع المكائد.
هي القدس التي حقّقت على يديها، وباسمها، الانتفاضة الثالثة لأهل فلسطين، من مقيمين ومنفيين ولاجئين، وأعادت ترتيب أولويات العرب جميعا، إلى درجة أن بعض حكامهم الذين زاغوا عن الطريق أرعبهم صوتُها، فشرعوا يحسبون لها الحساب من جديد، وهي تدرك أنهم يُخادعونها، وما يخادعون إلا أنفسهم الشريرة، وتعرف بذكائها، وقد علمتها التجارب أنهم ينتظرون ساعة الفرج في ما يسمونها "التهدئة" أو "خفوت الانتفاضة"، كي يواصلوا سيرهم في المخطط الأسود الجديد الذي يدعونه "صفقة القرن".
هي القدس التي قدّم الفلسطينيون باسمها في أسبوع أكثر من ثلاثة آلاف بين شهيد وجريح، ولسوف يذكر التاريخ الشاب ذا الربيع الخامس عشر حامد المصري، ومثله محمد التميمي، ومثلهما شريف العبد، وكذلك القعيد إبراهيم أبو ثريا الذي قاوم المحتل الغاصب بنصف جسد، ولكن بعقل كبير وقلب أكبر وهبه كله للقدس.
هي القدس التي هتفت باسمها الشابة عهد التميمي، ذات الستة عشر ربيعا، في مواجهة جنود الاحتلال الصهيوني، وصفعت بذراعها الغضّة أحد أولئك الأشرار، وكان أن اختطفت من بيتها في اليوم التالي على أيديهم، ووضعت في مركز اعتقال مع والدتها، ومازالت هناك تدفع ضريبة الوطن الذي ليس عندها أحلى منه، ولا أغلى.
هي القدس التي تنتظر أن تثأر لها حكومة السلطة ومؤسساتها، وفصائل المقاومة ورجالها، وأن تعمل بجد على تكريس المصالحة بين كل أطرافها، على نحو يكفل ديمومة مواجهة العدو حتى تحقيق النصر، وأن تتواصل أشكال المواجهة بالسلاح والحجارة، وكذلك بالأيدي الغضّة والأصوات المتحدّية، وأن تتصاعد المقاطعة الشاملة عربيا وفلسطينيا للعدو، ولكل القوى المساندة له، وأن يتم العمل على إسقاط كل الاتفاقيات التي كبلت العمل الفلسطيني وأضعفته، وأن تتصاعد مناهضة التطبيع على مختلف الأصعدة، وأن ترسم الخطط لإدامة الحملة الدولية للتعريف بالقدس وفلسطين وبقضيتها العادلة، واستغلال الزخم الذي أحرزته أخيرا لتحقيق مكاسب أكبر.
من حق القدس، إذن، بعد هذا وقبله، أن تتوّج، وعلى رؤوس الأشهاد، شخصية العام الذي يوشك على الانصراف، وأن تتبوأ المكانة التي طمع بعض ولاة الأمور أن ينالوها، ولو عبر الخداع والدعايات الكاذبة التي مارستها منصاتٌ إعلاميةٌ معروفٌ أصلها وفصلها، وكان أن خرج أولئك الولاة من لائحة المنافسة بخفّي حنين، تلاحقهم الخيبة.
ومن حق القدس علينا أن نقف معها، وأن نرشحها وحدها لتكون شخصية هذا العام وكل الأعوام. ومن حقها علينا أيضا أن نسمع عتابها، ونصغي لأنينها، وننحني لكبريائها وسموّها، ونغني لها أناشيد الصمود والنصر والحياة، ونحن نعرف أن يوما قريبا سوف يأتي تتحقّق فيه نبوءة عرفات أن "يرفع شبلٌ من أشبالنا وزهرة من زهراتنا علم فلسطين فوق كنائس القدس، ومآذن القدس، وأسوار القدس.. ولسوف تبقى عاصمة أبدية لفلسطين، واللي مش عاجبه يشرب من بحر غزة".