وأكدت المحكمة الاتحادية، وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد، في بيان اليوم الثلاثاء رداً على استفسار قدم لها، أنّ لأعضاء المعارضة البرلمانية كامل حقوقهم الدستورية والقانونية والبرلمانية وصلاحياتهم التي كفلتها عضويتهم في البرلمان، بينما أكد قانونيون أنّ المحكمة جعلت في تفسيرها باباً واسعاً للمعارضة لأن تتضخم وتتسع داخل البرلمان، وأن تكون الكتلة الكبرى فيه وتشكل حكومة ظل جاهزة إذا قررت إسقاط الحكومة بسحب الثقة عنها.
ووفقاً لنص حكم المحكمة الاتحادية العراقية، فإنّها "نظرت طلباً من البرلمان بخصوص مفهوم المعارضة السياسية، ومدى أحقية كتلة أخرى أو أعضاء في البرلمان الانضمام إلى جبهة أو كتلة المعارضة بنفس الآلية التي سجلت فيها"، مبيناً أنّ "الطلب تضمن الاستفسار عن الضمانات الدستورية التي توفر لهذه الكتلة في النظام البرلماني، استناداً لأحكام الدستور وما استقر عليه الفقه المقارن".
وأوضح أنّ "المحكمة عرّفت مفهوم الكتلة النيابية الأكثر عدداً، وهي التي تكونت بعد الانتخابات من خلال قائمة انتخابية واحدة وحازت العدد الأكثر من المقاعد، أو التي تجمعت من قائمتين أو أكثر من القوائم الانتخابية، وحازت العدد الأكثر من المقاعد، وحاز كل أعضائها صفة النائب بعد أدائه اليمين الدستورية، التي يكلف مرشحها بتشكيل مجلس الوزراء".
وبين أنّ "المحكمة الاتحادية العليا أوضحت أنّ من بقي من النواب فهو على وفق النظام النيابي الديمقراطي الذي تبناه العراق بموجب نص المادة (1) من دستوره لعام 2005، ولم ينضموا إلى الكتلة النيابية الأكثر عدداً التي شكّل مرشحها مجلس الوزراء، فهم بالخيار إما أن يشكلوا كتلة معارضة وفق منهاج معين وتشعر رئاسة البرلمان بأسماء نوابها ومنهاجها، وإما البقاء فرادى يعارضون ما يريدون معارضته من عمل السلطة التنفيذية أو يؤيدونه حسب قناعاتهم".
وأشار إلى أنّ "المحكمة الاتحادية العليا ذكرت أنّ لكتلة المعارضة التي تشكلت وفق خياراتها ووفق منهاجها جميع الضمانات الدستورية، التي كفلها الدستور وقانون البرلمان بممارسة الاختصاصات والصلاحيات باعتبارهم يمثلون الشعب العراقي بأكمله، إضافة للحصانة التي يمتاز بها عما يدلي به النائب من آراء في أثناء دورة الانعقاد".
وأكد أن "المحكمة الاتحادية العليا وجدت أن لأعضاء كتلة المعارضة، كما لأعضاء الكتلة النيابية الأكثر عدداً، التحول إلى أي من الكتل خلال الدورة الانتخابية حسب قناعاتهم، وضماناً لحرية الرأي والخصوصية استناداً للمادتين (17/ أولاً) و(38/ أولاً) من الدستور".
من جهته، عدّ تيار "الحكمة" المعارض نجاحاً له، وقال المتحدث باسم التيار نوفل أبو رغيف، إنّ "قرار المحكمة الاتحادية يؤكد دستورية معارضتنا"، مؤكداً في تصريح صحافي: "سنشهد جبهة معارضة وحكومة ظل في الخطوات القريبة القادمة".
وحُكم المحكمة، وفقاً لما رآه خبراء ومختصون، سيكون له مكاسب كبيرة للمعارضة تستطيع أن تحققها في الانتخابات المقبلة.
في المقابل، قال الخبير في القانون الدستوري العراقي عبد الله المياحي لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحكم قطعي وواضح، إزالة الغموض بشأن مفهوم المعارضة، ومنح المعارضة الحق الدستوري والسياسي بعملها كمعارضة، والتوسع داخل البرلمان في جذب نواب آخرين وفي حال كان لديهم ثقل يكفي لتهديد الحكومة بالإسقاط. هذا يعني أنهم باتوا الكتلة الأكبر في البرلمان وقادرين على تهيئة حكومة ظل لتحل بدلاً عنها"، مستدركاً: "غير أن ذلك في العراق غير وارد لأن التوافقات السياسية الداخلية والخارجية أيضاً هي من ترسم الحكومة ورئيسها كما جرى في الحكومات السابقة من تدخلات أميركية إيرانية، وليس لأي سياق دستوري أو قانوني اعتبار في ذلك"، وفقاً لقوله.
غير أن المياحي أشار إلى أنه "في ظل البرلمان العراقي وعدم وضوح من هي الكتلة الأكبر في البرلمان، بسبب اللجوء لحكومة التسوية واختيار رئيس الوزراء خارج المعسكرين المتنافسين (تحالفي الفتح وسائرون)، فإن المعارضة يمكن أن تكون فاعلة إلى حد ما".
وبين أنّ "المعارضة حققت مكاسب كبيرة من هذا الحكم، في حال استغلته بشكل صحيح، وتحركت لتحقيق إنجازات رقابية بسيطة خلال هذه الفترة، ونظمت صفوفها لتشكيل كتلة واسعة للمشاركة في الانتخابات، وخاصة أنّ الكتلة الكبرى ضعفت بشكل واضح، وأمام المعارضة فرصة كبيرة للتجمع قبل الانتخابات بتحالف كبير".
وكانت الحكومة قد بدأت أخيراً، خطوات لتطويق كتلة المعارضة السياسية التي تشكلت في البلاد ككتلة برلمانية عراقية، بعدما أصبحت مثار قلق من إمكانية اتساعها وتأثيرها على عمل الحكومة.