يبدأ القضاء اللبناني، يوم الجمعة، جلسات استماع بخصوص انفجار مرفأ بيروت، تشمل وزراء سابقين وحاليين معنيين، وذلك في إطار التحقيقات الجارية لكشف وقائع الانفجار الذي أودى بحياة أكثر من 170 قتيلاً، وما يزيد عن 6000 جريح، فضلاً عن عددٍ من المفقودين، وخلف دماراً كبيراً وخسائر مادية تفوق الـ15 مليار دولار في 4 أغسطس/آب الجاري.
وتهدف جلسات الاستماع لتحديد المسؤولين عن تخزين 2750 طناً من نترات الأمونيوم منذ أكثر من ستّ سنوات داخل العنبر رقم 12.
وتشمل جلسات الاستماع وزراء الأشغال السابقين من عام 2016 وحتى اليوم، وهم غازي العريضي (الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة وليد جنبلاط– حكومة نجيب ميقاتي)، وغازي زعيتر (حركة أمل برئاسة نبيه بري– حكومة تمام سلام)، ويوسف فنيانوس (تيار المردة الذي يرأسه سليمان فرنجية– حكومة سعد الحريري)، ووزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال، التي يرأسها حسان دياب، ميشال نجار (تيار المردة)، على أن تكون جلسات الاستماع تباعاً وفي مواقيت مختلفة.
وقال الناشط والمحامي حسن بزي، لـ"العربي الجديد" إن "هناك إشكاليتين في هذه القضية، تتمثل الأولى في أنّ الإهمال الوظيفي الذي يرتكبه الوزراء هو ناشئ عن الوظيفة، وبالتالي فإنّ تحديد ظروفه ليس من صلاحية النائب العام، بل المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، والثانية ترتبط باجتهادين صادرين عن الهيئة العامة لمحكمة التمييز والغرفة الثالثة في محكمة التمييز، (وينصان) على أن جرائم الفساد لا تعطي الوزير الحق بالحصانة لجهة محاكمته أمام المجلس الأعلى المذكور، بل يبقى للقضاء العادي الحق في ملاحقته وتوقيفه، على أن يتم الاتخاذ بالاجتهادين، لا سيما أن أحدهما صادرٌ عن الهيئة العامة لمحكمة التمييز التي تضم كل رؤساء محاكم التمييز".
وأوضح بزي أنه إذا لم تحصل توقيفات على مستوى كبار الشخصيات والمسؤولين، وتقتصر فقط على صغار الموظفين، وبعد اتخاذ صفة الادعاء الشخصي مع مجموعة من المحامين والناشطين، سيتم تقديم دعوى للوزراء والإعلان عن أسمائهم. ولفت، في السياق، إلى أنّ عدد الموقوفين وصل إلى نحو 30 موقوفاً.
خلافات سياسية حول تعيين محقق عدلي
وشهدت الاجتماعات التي يقوم بها مجلس القضاء الأعلى في قصر العدل، للبحث في اقتراح وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال، ماري كلود نجم، لتعيين محقق عدلي في جريمة مرفأ بيروت، خلافات سياسية حول الأسماء، إذ طُرحت أسماء محسوبة على جهات سياسية معينة، ومنها رئاسة الجمهورية و"التيار الوطني الحرّ" الذي يرأسه النائب جبران باسيل، قبل أن يُصار إلى الاتفاق على القاضي فادي صوّان.
تشمل جلسات الاستماع وزراء الأشغال السابقين من عام 2016 وحتى اليوم، وهم غازي العريضي، وغازي زعيتر، ويوسف فنيانوس، ووزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال، التي يرأسها حسان دياب، ميشال نجار، على أن تكون جلسات الاستماع تباعاً وفي مواقيت مختلفة
وأبلغت وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم مساءً القاضي صوّان قرار تعيينه محققاً عدلياً في جريمة انفجار مرفأ بيروت، الذي يستتبع وضع يده على الملف بصورة فورية، مؤكدة ضرورة الإسراع في التحقيقات والحرص على إجرائها بمهنية وشفافية، مشيرة إلى أن هذه المهام تفترض تفرغاً تاماً وتعاوناً وثيقاً مع الخبراء الدوليين المختصين لجلاء الحقيقة كاملة.
وأعلن وكيل وزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل، اليوم الخميس، لدى وصوله إلى لبنان، أنّ مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي (إف بي آي) سيشارك في التحقيقات حول انفجار مرفأ بيروت، وذلك بناءً على طلب السلطات اللبنانية، بهدف تقديم الإجابات بشأن المسببات التي أدت إلى وقوع الانفجار، مؤكداً وقوف الولايات المتحدة إلى جانب لبنان "في الظروف الصعبة التي يمرّ بها".
في السياق، اتهِمَ وزير الأشغال ميشال نجار بتهريب مستندات تعود لوزارة الأشغال العامة من خلال مستشاره بيار بعقليني، جرى ربطها بملف مرفأ بيروت واحتوائها على معلومات وحقائق مهمة حول الانفجار ودور الوزير، الأمر الذي نفاه نجار في بيان أصدره مكتبه الخميس.
وأكد نجار أن "ما قام به بعقليني نتج عن قيام مجموعة من الأشخاص بالدخول إلى الوزارات استكمالاً لما بدأوا فعله في بعض الإدارات من أجل العبث بالملفات، كما حدث في المديرية العامة للنقل البري والبحري التابعة للوزارة، وذلك خلال التظاهرات التي انطلقت السبت الماضي، وبالتالي قام بإخراج بعض الملفات المكلف بإنجازها والعائدة لدراسات مشاريع إنمائية مختلفة جارٍ البحث فيها".
من جهته، طلب وزير الأشغال السابق، النائب غازي زعيتر، اليوم من رئيس مجلس النواب نبيه بري رفع الحصانة عنه، واتخاذ الإجراءات اللازمة لرفعها، وحتى يبنى على الشيء مقتضاه، مؤكداً أنه تحت سقف القانون.
وكان وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس قال، لـ"العربي الجديد"، إنه "في حال ارتكبت خطأ عن قصد أو عن غير قصدٍ أثناء تولي عملي في وزارة الأشغال، فإنه يجب أن أتحمّل المسؤولية، وأنا تحت القانون وجاهز للمساءلة والمحاسبة، ولست أغلى من الذين راحوا".
وتتواصل عمليات البحث عن المفقودين جراء انفجار مرفأ بيروت، وقد عُثر اليوم على جثث عدد من المفقودين. وأعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أن عناصر قسم المباحث العلمية في وحدة الشرطة القضائية تستمرّ بتوثيق عملية التعرّف على الجثث المجهولة والمفقودين، وأخذ عينات الـDNA، مشيرة إلى أنه تم التثبّت والتعرّف على 18 قتيلاً.