دخل لبنان مرحلة جديدة عنوانها "العصيان المدني السياحي" وانفصال الشراكة مع الدولة اللبنانية، بعد الأزمة الاقتصادية الحادّة التي يعاني منها القطاع، التي فاقمها حجز المصارف للعملات الصعبة، وفيروس كورونا الذي أدخله العناية الفائقة.
وبات القطاع ينازع من جراء القرارات العشوائية والمتقلّبة من جانب المعنيين وغياب الرؤية الإنقاذية الجدية لمؤسسات ساهمت في وضع البلاد على خارطة السياحة العالمية، وها هي اليوم تواجه الكوارث وآخرها انفجار مرفأ بيروت الذي وقع في الرابع من أغسطس/آب الجاري لوحدها، وتعيش مصير الإقفال النهائي وترك آلاف الأشخاص والعائلات بلا عمل أو مدخول.
وأعلن طوني الرامي، نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري (محلات الحلويات)، خلال اعتصام اتحاد النقابات السياحية، اليوم الثلاثاء "فض الشراكة مع الدولة اللبنانية"، مضيفا أن " العصيان السياحي أصبح حقاً مكتسباً وشرعياً، وفي المرحلة المقبلة، نحن سنرسم السياسة السياحية.. ولن نطرق أبواب السلطة فهي فاسدة مهترئة".
وقال الرامي، "اليوم تنطلق ثورة حطام الكراسي والطاولات، وسنقفل كل حساباتنا مع السلطة ولن ندفع بعد الآن فلساً واحداً قبل وجود دولة جديدة تعرف كيف تستثمر أموالنا".
وأضاف أنّ "المؤسسات السياحية ستعيد فتح أبوابها لروّادها لإنقاذ القطاع والعمّال الذين يعتاشون منه، وذلك بوجه قرارات الاقفال العشوائية والغوغائية التي اتخذت سواء جزئياً أو كلياً بسبب فيروس كورونا، فنحن شركاء في القرار ولا تعنينا إلا القرارات الحكيمة والعملية والمنطقية والصحية وليتخذوا بحقنا أي إجراء".
وتابع: "علينا أن نتعايش مع الفيروس في إطار معادلة ثلاثية ذهبية تتمثل في تحمّل الدولة مسؤولياتها، على أن يكون أصحاب المؤسسات هم ضباط الإيقاع، والروّاد بمثابة الحسيب والرقيب، ولن نقفل أبوابنا بعد اليوم".
وذكّر الرامي أنّ خسائر القطاع السياحي تقدّر بمليار دولار، منها 315 مليون دولار للمطاعم فقط، وبالتالي، فإنّ أي مؤتمر محلي لن ينفعنا اليوم، بل نسعى لمؤتمر دولي شبيه بمؤتمر "سيدر" يحمل عنوان "السياحة نبض لبنان" بهدف دعم القطاع، ولأجل ذلك باشرنا بالاتصال بالدول المانحة والمجتمع الدولي والبنوك والصناديق الدولية للتواصل معنا مباشرة لناحية التعويضات من دون المرور بالسلطة الغائبة عن السمع والرؤية، على أن تكون هناك آليات إدارية وقانونية شفافة وصريحة لإيصال المساعدات.
كما قرّر اتحاد النقابات السياحية الانضمام الى الدعوى القضائية التي تقيمها نقابة المحامين في بيروت "لتحميل الدولة كافة المسؤولية عن الأضرار المباشرة وغير المباشرة التي لحقت بنا وروّادنا ومؤسساتنا من جراء انفجار المرفأ، والتعويض علينا بالدولار بعد مسح الأضرار"، وفق نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري.
وكان الرامي لفت في حديث مع لـ"العربي الجديد"، الى أنّ الإحصاءات الأولية لخسائر قطاع المطاعم في ثلاثة أقضية، هي بيروت الكبرى والمتن وبعبدا، تشير إلى تضرّر 2096 من أصل 4343 مؤسسة، حيث تبيّن أن هناك مؤسسات تضرّرت بشكل كامل وأخرى تضررت بشدة أو بشكل جزئي.
وقال نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر، لـ"العربي الجديد"، إن وضع القطاع كارثي، ونسبة التشغيل لا تتعدى 5%، ما يعني تكبّد الفنادق خسائر كبيرة جداً، لافتاً، الى أنّ الأضرار من جراء انفجار مرفأ بيروت طاولت 163 فندقاً من أصل 250 في بيروت الكبرى، تبدأ من الأضرار البسيطة إلى الكبيرة، وتراوح كلفتها بين 100 ألف دولار و15 مليون دولار للفندق الواحد.
وأضاف الأشقر أن "الخسائر المادية نتيجة الإقفال التام أو الجزئي لا يمكن تقييمها، بل لنا أن نقارن بحسب النسبة التشغيلية التي كانت تراوح في مثل هذا الموسم من الأعوام الماضية وفي الظروف الطبيعية بين 80% و90%".
وفي سياق التمرّد أيضاً، أعلن رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس، الاثنين الماضي، بعد اجتماع طارئ لنقابات القطاعات التجارية في لبنان، عن إعادة فتح المحال بدءاً من الأربعاء، في خطوة تعدّ بمثابة خرقٍ لقرار إغلاق البلاد الصادر عن السلطات اللبنانية، الذي دخل حيّز التنفيذ يوم الجمعة الماضي ويستمرّ حتى السابع من سبتمبر/أيلول المقبل، بهدف الحدّ من انتشار فيروس كورونا ومواجهة الأعداد القياسية للإصابات والوفيات التي سجّلت في الفترة الأخيرة ووضعت المستشفيات أمام خطر الإشغال الكامل.
ويشمل قرار الغلق المؤسسات الخاصة والأسواق التجارية والشعبية والمحال والشركات التجارية، والكورنيش البحري والمرافق السياحية والملاعب الرياضية الداخلية والخارجية والنوادي الرياضية والمسابح العامة والخاصة الخارجية والداخلية، والمطاعم والمقاهي والنوادي والملاهي الليلية على اختلاف أنواعها، بالإضافة إلى ملاعب الأطفال والملاهي ومراكز الألعاب الإلكترونية، ومنع كافة التجمعات الشعبية والمناسبات الاجتماعية على جميع أنواعها.