يعتبر الحنين إلى الماضي ديْدَنَ العديد من الناس، سواء في علاقاتهم الشخصية أو الاجتماعية، أو فيما يتعلق بذكرياتهم وحياتهم الحميمة، لكن الحنين يشمل أيضا المناهج والمقررات الدراسية القديمة التي لم تعد مجرد ذكريات مضت، بل أضحت معالم تربوية لم يخفت بريقها بعد.
وفي عدد من الدول العربية، مثل المغرب والجزائر ومصر والسعودية، ما زال شعور بالحنين يستفرد بالكثير من الناس، خاصة الذين درسوا في مناهج ومقررات دراسية قديمة، تعود غالبا إلى الثمانينيات أو ما قبلها حيث يتمنون أحيانا لو عاد بهم الزمن للدراسة في صفحات تلك "الكتب الخالدة".
ومن فرط الحنين لتلك الكتب والمقررات الدراسية القديمة يستمر البحث عنها من طرف الكثيرين الذين يجدون فيها نوعا من "النوستالجيا" والسلوى أمام كتب تعليمية حديثة يعتبرونها "جافة" تحمل الكثير من "الصرامة" البيداغوجية و"الديداكتيك" المدرسي. وتنتشر في الشبكة العنكبوتية العديد من الطلبات للحصول على نسخ من كتب دراسية قديمة، فأنشأ ناشطون صفحات فيسبوكية خاصة لهذا الغرض.
بوكماخ في المغرب
جيل الستينيات والسبعينيات وحتى الثمانينيات من القرن الماضي، ما زال يتذكر نصوص قراءة المستويات الابتدائية، والتي ألفها الكاتب التربوي أحمد بوكماخ، والتي أضحت في البلاد أشهر من نار على علم، وأضحت نصوصها ملتصقة بأذهان ملايين المغاربة.
"الثرثار ومحب الاختصار"، و"زوزو يصطاد السمك"، و"الشمعة والفانوس" و"سلمى في المخيم".. نصوص من بين أخرى كانت تتضمنها سلسلة "اقرأ" الشهيرة، التي أبدع فيها بوكماخ، والذي يلقبه الكثيرون برائد الكتاب المدرسي في المغرب.
بوكماخ، ابن مدينة طنجة شمالي المغرب، والذي توفي سنة 1994، كان ناشطا سياسيا في أحد الأحزاب التاريخية، وكان ينادي باستقلال المملكة عن الاستعمار الفرنسي، قبل أن يهجر السياسة ويتفرغ لكتابة المؤلفات المدرسية للصغار.
ووفق معارف بوكماخ، فإن سلسلة "اقرأ" الشهيرة التي كانت تضم بين دفتيها نصوصا قرائية ما زالت تطرق أذهان الأجيال التي درستها، بل وتردد بعض مقاطعها وعناوينها، جاءت رغبة من هذا المؤلف المربي ليعوض غياب المراجع التعليمية باللغة العربية في التعليم المغربي، حيث كانت الوزارة تعمد إلى استيراد الكتب من مصر ولبنان خاصة.
يقول الإعلامي رشيد نيني في حق بوكماخ وكتبه المدرسية إن الأجيال المغربية التي درست مؤلفاته استطاعت أن تنجب كفاءات وأدمغة تنتشر الآن في جميع جهات الكرة الأرضية"، مقارنا بين تلاميذ تلك الأجيال وتلاميذ الأجيال الحالية، الذين "يحملون فوق ظهورهم كتبا كثيرة، ويجهلون ماذا يحفظون وماذا يتركون".
محمد صبري، أستاذ لغة عربية بإحدى مدارس الرباط، يقول لـ "العربي الجديد" بأن "الراحل بوكماخ فطن إلى أن كتابا واحدا يغني الأسر، خاصة الفقيرة من تكاليف مالية إضافية، فلجأ إلى إدراج القراءة والحساب في كتاب واحد"، مشيرا إلى أن "سر انجذاب الأجيال إلى تلك المؤلفات الدراسية القديمة يكمن في سلاسة الأسلوب وجمالية التعبير وبساطة الصور".
عمر وأمل مصر
"كتاب عمر وأمل بتاع زمان"، بمثل هذه العبارة يغوص العديد من المصريين في الزمن السابق، ويحنون إلى كتب تعليمية ما زال يذكرها جيل الثمانينيات وما قبلها، ويردد عدد من الذين يحنون إلى نصوص "عمر وأمل" قصصا كان يتضمنها، مثل حكاية المعلمة لتلاميذها عن قصة العم حسن والكرنبة، "قالت المعلمة: اليوم أحكي لكم حكاية الكرنبة: عمي حسن زرع الكرنبة".
ويتداول نشطاء الإنترنت في مصر العديد من النصوص التي كانت تضمها كتب القراءة في الابتدائي لسنوات الثمانينيات من القرن الفائت، حيث يقول عز عبد السلام "من يتذكر قطعة أخي الجندي: لي أخي مجند، اسمه محمد، قام في الصباح، يحمل السلاح، قال إني ذاهب يا أخي نحارب، مصرنا تنادي، أمنا تنادي كسر القيود، واعبر الحدود".
وبدورها تقول صفاء صلاح "والله كانت أياما جميلة، كلنا نتذكر "شقشق الطيور.. فرحانة بالنور..تقول في سرور..ما أجمل الضياء"، فيما أكدت زوزو حرمش بأن "الحنين شعور صعب، بين التعلق بالماضي الذي تصعب العودة إليه، والحاضر الذي يعسر العيش فيه" وفق تعبيرها.
ويكاد يتفق الكثيرون ممن تعتريهم مشاعر "النوستالجيا" إلى الكتب المدرسية القديمة، على أنها مؤلفات تميزت بالبساطة والسلاسة، ورغم ذلك خرجت العديد من العباقرة، بخلاف "التعقيد" الذي يَسِم كتب المقررات والمناهج الدراسية الجديدة، والتي يعيب عليها بعضهم كثرتها العددية، وافتقادها البساطة والجمالية.
مقررات الزمن الجميل
ويقول في هذا الصدد محمد شاطو، الباحث في العلوم التربوية، لـ "العربي الجديد" إن النفس البشرية تواقة بطبعها إلى الحنين للماضي، خصوصا إذا كان جميلا وبسيطا، وإذا كان الحاضر لا يرقى إلى ما مضى"، مبرزا أن الشوق إلى مقررات الزمن الجميل يشترك فيه العديد من البلدان العربية".
وتابع الباحث بأنه سواء في المغرب أو مصر أو السعودية أو تونس أو لبنان، يوجد ذات الحنين إلى مؤلفات دراسية بعينها، سمتها المشتركة إدراجها لنصوص مختصرة الفقرات، ومنمقة العبارات، يتم حفظها بكل سهولة، وهو ما ينطبع في ذهن المتعلم بشكل أكثر رسوخا مما يتعلمه حاليا بسبب كثرة المواد وتعقيدها، نظرا لتطور الحياة والمعارف.
وفي عدد من الدول العربية، مثل المغرب والجزائر ومصر والسعودية، ما زال شعور بالحنين يستفرد بالكثير من الناس، خاصة الذين درسوا في مناهج ومقررات دراسية قديمة، تعود غالبا إلى الثمانينيات أو ما قبلها حيث يتمنون أحيانا لو عاد بهم الزمن للدراسة في صفحات تلك "الكتب الخالدة".
ومن فرط الحنين لتلك الكتب والمقررات الدراسية القديمة يستمر البحث عنها من طرف الكثيرين الذين يجدون فيها نوعا من "النوستالجيا" والسلوى أمام كتب تعليمية حديثة يعتبرونها "جافة" تحمل الكثير من "الصرامة" البيداغوجية و"الديداكتيك" المدرسي. وتنتشر في الشبكة العنكبوتية العديد من الطلبات للحصول على نسخ من كتب دراسية قديمة، فأنشأ ناشطون صفحات فيسبوكية خاصة لهذا الغرض.
بوكماخ في المغرب
جيل الستينيات والسبعينيات وحتى الثمانينيات من القرن الماضي، ما زال يتذكر نصوص قراءة المستويات الابتدائية، والتي ألفها الكاتب التربوي أحمد بوكماخ، والتي أضحت في البلاد أشهر من نار على علم، وأضحت نصوصها ملتصقة بأذهان ملايين المغاربة.
"الثرثار ومحب الاختصار"، و"زوزو يصطاد السمك"، و"الشمعة والفانوس" و"سلمى في المخيم".. نصوص من بين أخرى كانت تتضمنها سلسلة "اقرأ" الشهيرة، التي أبدع فيها بوكماخ، والذي يلقبه الكثيرون برائد الكتاب المدرسي في المغرب.
بوكماخ، ابن مدينة طنجة شمالي المغرب، والذي توفي سنة 1994، كان ناشطا سياسيا في أحد الأحزاب التاريخية، وكان ينادي باستقلال المملكة عن الاستعمار الفرنسي، قبل أن يهجر السياسة ويتفرغ لكتابة المؤلفات المدرسية للصغار.
ووفق معارف بوكماخ، فإن سلسلة "اقرأ" الشهيرة التي كانت تضم بين دفتيها نصوصا قرائية ما زالت تطرق أذهان الأجيال التي درستها، بل وتردد بعض مقاطعها وعناوينها، جاءت رغبة من هذا المؤلف المربي ليعوض غياب المراجع التعليمية باللغة العربية في التعليم المغربي، حيث كانت الوزارة تعمد إلى استيراد الكتب من مصر ولبنان خاصة.
يقول الإعلامي رشيد نيني في حق بوكماخ وكتبه المدرسية إن الأجيال المغربية التي درست مؤلفاته استطاعت أن تنجب كفاءات وأدمغة تنتشر الآن في جميع جهات الكرة الأرضية"، مقارنا بين تلاميذ تلك الأجيال وتلاميذ الأجيال الحالية، الذين "يحملون فوق ظهورهم كتبا كثيرة، ويجهلون ماذا يحفظون وماذا يتركون".
محمد صبري، أستاذ لغة عربية بإحدى مدارس الرباط، يقول لـ "العربي الجديد" بأن "الراحل بوكماخ فطن إلى أن كتابا واحدا يغني الأسر، خاصة الفقيرة من تكاليف مالية إضافية، فلجأ إلى إدراج القراءة والحساب في كتاب واحد"، مشيرا إلى أن "سر انجذاب الأجيال إلى تلك المؤلفات الدراسية القديمة يكمن في سلاسة الأسلوب وجمالية التعبير وبساطة الصور".
عمر وأمل مصر
"كتاب عمر وأمل بتاع زمان"، بمثل هذه العبارة يغوص العديد من المصريين في الزمن السابق، ويحنون إلى كتب تعليمية ما زال يذكرها جيل الثمانينيات وما قبلها، ويردد عدد من الذين يحنون إلى نصوص "عمر وأمل" قصصا كان يتضمنها، مثل حكاية المعلمة لتلاميذها عن قصة العم حسن والكرنبة، "قالت المعلمة: اليوم أحكي لكم حكاية الكرنبة: عمي حسن زرع الكرنبة".
ويتداول نشطاء الإنترنت في مصر العديد من النصوص التي كانت تضمها كتب القراءة في الابتدائي لسنوات الثمانينيات من القرن الفائت، حيث يقول عز عبد السلام "من يتذكر قطعة أخي الجندي: لي أخي مجند، اسمه محمد، قام في الصباح، يحمل السلاح، قال إني ذاهب يا أخي نحارب، مصرنا تنادي، أمنا تنادي كسر القيود، واعبر الحدود".
وبدورها تقول صفاء صلاح "والله كانت أياما جميلة، كلنا نتذكر "شقشق الطيور.. فرحانة بالنور..تقول في سرور..ما أجمل الضياء"، فيما أكدت زوزو حرمش بأن "الحنين شعور صعب، بين التعلق بالماضي الذي تصعب العودة إليه، والحاضر الذي يعسر العيش فيه" وفق تعبيرها.
ويكاد يتفق الكثيرون ممن تعتريهم مشاعر "النوستالجيا" إلى الكتب المدرسية القديمة، على أنها مؤلفات تميزت بالبساطة والسلاسة، ورغم ذلك خرجت العديد من العباقرة، بخلاف "التعقيد" الذي يَسِم كتب المقررات والمناهج الدراسية الجديدة، والتي يعيب عليها بعضهم كثرتها العددية، وافتقادها البساطة والجمالية.
مقررات الزمن الجميل
ويقول في هذا الصدد محمد شاطو، الباحث في العلوم التربوية، لـ "العربي الجديد" إن النفس البشرية تواقة بطبعها إلى الحنين للماضي، خصوصا إذا كان جميلا وبسيطا، وإذا كان الحاضر لا يرقى إلى ما مضى"، مبرزا أن الشوق إلى مقررات الزمن الجميل يشترك فيه العديد من البلدان العربية".
وتابع الباحث بأنه سواء في المغرب أو مصر أو السعودية أو تونس أو لبنان، يوجد ذات الحنين إلى مؤلفات دراسية بعينها، سمتها المشتركة إدراجها لنصوص مختصرة الفقرات، ومنمقة العبارات، يتم حفظها بكل سهولة، وهو ما ينطبع في ذهن المتعلم بشكل أكثر رسوخا مما يتعلمه حاليا بسبب كثرة المواد وتعقيدها، نظرا لتطور الحياة والمعارف.