مع تفاقم الأزامات المعيشية في ليبيا منذ أكثر من عام، بفعل نقص الوقود والكهرباء والخبز والاتصالات وغيرها، لجأ كثير من المواطنين لتخزين السلع الأساسية خوفا من اختفائها من الأسواق، خاصة مع قرار حكومة الإنقاذ الوطني بإحلال الدعم النقدي بديلا عن دعم السلع الذي تعتمده ليبيا منذ عقود.
وطلبت حكومة الإنقاذ الوطني من مصرف ليبيا المركزي، أول من أمس الأحد، مباشرة صرف الدعم النقدي للمواطنين الليبيين بدلاً من السلعي.
وطلبت حكومة الإنقاذ الوطني من مصرف ليبيا المركزي، أول من أمس الأحد، مباشرة صرف الدعم النقدي للمواطنين الليبيين بدلاً من السلعي.
وحددت حكومة طرابلس، في بيان صحافي، قيمة هذا الدعم على أساس 50 ديناراً شهرياً (35.5 دولارا) لكل مواطن بديلا عن السلع المدعومة، باستثناء الأدوية والكهرباء والمياه، وتُدفع قيمة الدعم بأثر رجعي، ابتداء من شهر سبتمبر/أيلول الماضي.
ويقول مواطنون إن الدعم النقدي لن يُجدي نفعا في ظل اختفاء السلع من الأسواق، فضلا عن مخاوف من استغلال التجار لشح السلع عبر رفع الأسعار لمستويات ربما تفوق قدرات المواطنين الشرائية، فهذا سيناريو ترجّحه عدة شواهد أهمها غياب الرقابة عن الأسواق وشح الدولار اللازم لعمليات الاستيراد من الخارج ومخاطر النقل سواء من خارج ليبيا أو داخلها.
ومع الساعات الأولى من كل يوم، منذ مطلع الشهر الجاري، تمتد طوابير طويلة من المواطنين عند محطات الوقود بالعاصمة الليبية طرابلس وتشهد المخابز ومراكز بيع السلع الاستهلاكية، سيما المعمرة، زحاما شديدا، خوفا من أن تطاول تلك السلع إجراءات تقشفية كرفع الدعم عنها.
وكان المؤتمر الوطني العام قد أجّل في يوليو/تموز الماضي، عملية رفع الدعم عن السلع إلي نهاية العام الجاري، وذلك نتيجة الأوضاع الأمنية التي تمر بها البلاد.
وقال تجار سلع التقتهم "العربي الجديد"، إن هناك تهافتا على شراء أنواع كثيرة من السلع، خاصة الخبز، نتيجة النقص الحاد في الدقيق المدعم، فضلا عن تخزين المحروقات خوفا من أن تشملها القرارات الحكومية برفع الدعم.
وتعتمد حكومة الإنقاذ نحو 11 مليار دينار (7.85 مليارات دولار) لدعم السلع خلال العام الجاري، صُرف منها حتى نهاية سبتمبر/أيلول نحو 6 مليارات دينار، بحسب ما نقله بيان الحكومة عن مصرف ليبيا المركزي.
ويرى عميد كلية الاقتصاد بجامعة طرابلس أحمد أبولسين، أن استبدال الدعم السلعي بالنقدي لا يؤثر على الموازنة بالشكل المتوقع بقدر ما يؤدي إلى فقدان أكبر في قيمة العملة.
وانتقد أبولسين، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، قرار حكومة الإنقاذ الوطني بشأن توفير الدعم النقدي بدل السلعي في ظل الظروف الراهنة التي لن تتمكن معها الحكومة على الأسعار في الأسواق، نتيجة ضعف أدوات الرقابة.
ولا يختلف المحلل الاقتصادي عمرو فركاش عما ذهب إليه أبولسين، فهو يرى أن "رفع الدعم في الوقت الحالي هو عين العبث، إذ لا يمكن تحميل المواطن ارتفاع سعر الدولار"، وتهاوى الدينار الليبي أمام الدولار الأميركي في السوق الموازية إلى مستويات قياسية، اقتربت من 4 دينارات للدولار الواحد، ما يضيف أعباء على المستهلكين، كون كثير من مستوردي السلع يلجأون إلى السوق الموازية لتوفير العملات الصعبة اللازمة لإتمام صفقاتهم.
وأضاف فركاش، أن البديل النقدي لا يحمي المواطن من جشع التجار ولا تملك الدولة أية آليات لمراقبة الأسعار، مشيرا إلى أن التجارب الدولية لرفع الدعم تتضمن نماذج فاشلة، بسبب اختيار التوقيت غير المناسب لإجراء هذه العملية.
اقرأ أيضا: شح الدولار يرفع أسعار السلع في ليبيا
وطمأنت شركة البريقة لتسويق النفط عبر بيان لها الأربعاء الماضي، المواطنين الليبيين، بأن الوقود متوفر بمستودعات الشركة، وأن الواردات الخارجية تتم حسب الخطة المبرمجة لذلك".
وقال مدير مكتب الإعلام بالشركة فتحي الهاشمي: إن الشركة تضخ، يوميا، نحو 5 ملايين لتر من البنزين، وإن سبب الازدحام في طرابلس يعود إلى انتشار شائعات حول عدم وصول ناقلات البنزين إلى ميناء الزاوية بسبب سوء الأحوال الجوية.
وتقول حكومة الإنقاذ، إنها تجتهد لتوفير احتياجات المستوردين من العملات الصعبة، حتى تحول دون ارتفاع الأسعار على المستهلكين.
وأكد مصرف ليبيا المركزي عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، بأن أكثر من 81 شركة تم منحها اعتمادات مستندية لغرض استيراد سلعة "الدقيق" وبقيمة إجمالية 875 مليون دينار، خلال الفترة من فبراير/شباط إلى أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على أساس سعر صرف 1.39 دينار للدولار.
وذكر أن المصارف التجارية تقوم بالتدقيق في مستندات هذه الشركات عبر إجراءات قانونية، في ضوئها يتم إحالة هذه المستندات إلى لجنة تغطية الاعتمادات بالمصرف المركزي.
وتستهلك ليبيا التي يسكنها نحو 6.6 ملايين مواطن، حوالي مليوني طن سنوياً من القمح، تستورد الحكومة 90% منها من الخارج.
وكان الدعم السلعي في ليبيا يشمل 12 سلعة، وذلك حتى عام 2011، لكن هذا العدد ظل في انخفاض مستمر منذ بداية المواجهات المسلحة في البلاد.
وبدأت مسيرة الدعم مع إنشاء المؤسسة الوطنية للسلع التموينية مطلع عام 1971 لكي تقي الليبيين شر الجوع والفقر الذي كان يعاني منه الليبيون في تلك الفترة، عبر الدعم الذي لم يقتصر فقط على السلع، بل امتد للخدمات والمحروقات والسجائر وملابس العيد.
وأوصت دراسة صادرة عن البنك الدولي، في مايو/أيار الماضي، بضرورة خفض الدعم عن السلع في ليبيا تدريجيا، وعلى مدى زمني واسع، مما يؤدى لتحقيق وفورات مالية في الميزانية، مع الحرص على عدم حدوث اضطرابات اجتماعية.
وبحسب ديوان المحاسبة الحكومي في تقريره السنوي، فإن دعم السلع أدى إلى عمليات تهريب، فضلا عن عدم استفادة محدودي الدخل منه، مشيرًا إلى أن قيمة الدعم خلال السنوات الثلاث الماضية بلغت 33.89 مليار دينار (24.7 مليار دولار)، منها 23.6 مليار دينار لدعم المحروقات، و6.14 مليارات دينار للدعم السلعي، و2.34 مليار دينار لدعم الأدوية.
اقرأ أيضا: الدينار الليبي يتهاوى إلى مستويات تاريخية بالسوق الموازية
ويقول مواطنون إن الدعم النقدي لن يُجدي نفعا في ظل اختفاء السلع من الأسواق، فضلا عن مخاوف من استغلال التجار لشح السلع عبر رفع الأسعار لمستويات ربما تفوق قدرات المواطنين الشرائية، فهذا سيناريو ترجّحه عدة شواهد أهمها غياب الرقابة عن الأسواق وشح الدولار اللازم لعمليات الاستيراد من الخارج ومخاطر النقل سواء من خارج ليبيا أو داخلها.
ومع الساعات الأولى من كل يوم، منذ مطلع الشهر الجاري، تمتد طوابير طويلة من المواطنين عند محطات الوقود بالعاصمة الليبية طرابلس وتشهد المخابز ومراكز بيع السلع الاستهلاكية، سيما المعمرة، زحاما شديدا، خوفا من أن تطاول تلك السلع إجراءات تقشفية كرفع الدعم عنها.
وكان المؤتمر الوطني العام قد أجّل في يوليو/تموز الماضي، عملية رفع الدعم عن السلع إلي نهاية العام الجاري، وذلك نتيجة الأوضاع الأمنية التي تمر بها البلاد.
وقال تجار سلع التقتهم "العربي الجديد"، إن هناك تهافتا على شراء أنواع كثيرة من السلع، خاصة الخبز، نتيجة النقص الحاد في الدقيق المدعم، فضلا عن تخزين المحروقات خوفا من أن تشملها القرارات الحكومية برفع الدعم.
وتعتمد حكومة الإنقاذ نحو 11 مليار دينار (7.85 مليارات دولار) لدعم السلع خلال العام الجاري، صُرف منها حتى نهاية سبتمبر/أيلول نحو 6 مليارات دينار، بحسب ما نقله بيان الحكومة عن مصرف ليبيا المركزي.
ويرى عميد كلية الاقتصاد بجامعة طرابلس أحمد أبولسين، أن استبدال الدعم السلعي بالنقدي لا يؤثر على الموازنة بالشكل المتوقع بقدر ما يؤدي إلى فقدان أكبر في قيمة العملة.
وانتقد أبولسين، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، قرار حكومة الإنقاذ الوطني بشأن توفير الدعم النقدي بدل السلعي في ظل الظروف الراهنة التي لن تتمكن معها الحكومة على الأسعار في الأسواق، نتيجة ضعف أدوات الرقابة.
ولا يختلف المحلل الاقتصادي عمرو فركاش عما ذهب إليه أبولسين، فهو يرى أن "رفع الدعم في الوقت الحالي هو عين العبث، إذ لا يمكن تحميل المواطن ارتفاع سعر الدولار"، وتهاوى الدينار الليبي أمام الدولار الأميركي في السوق الموازية إلى مستويات قياسية، اقتربت من 4 دينارات للدولار الواحد، ما يضيف أعباء على المستهلكين، كون كثير من مستوردي السلع يلجأون إلى السوق الموازية لتوفير العملات الصعبة اللازمة لإتمام صفقاتهم.
وأضاف فركاش، أن البديل النقدي لا يحمي المواطن من جشع التجار ولا تملك الدولة أية آليات لمراقبة الأسعار، مشيرا إلى أن التجارب الدولية لرفع الدعم تتضمن نماذج فاشلة، بسبب اختيار التوقيت غير المناسب لإجراء هذه العملية.
اقرأ أيضا: شح الدولار يرفع أسعار السلع في ليبيا
وطمأنت شركة البريقة لتسويق النفط عبر بيان لها الأربعاء الماضي، المواطنين الليبيين، بأن الوقود متوفر بمستودعات الشركة، وأن الواردات الخارجية تتم حسب الخطة المبرمجة لذلك".
وقال مدير مكتب الإعلام بالشركة فتحي الهاشمي: إن الشركة تضخ، يوميا، نحو 5 ملايين لتر من البنزين، وإن سبب الازدحام في طرابلس يعود إلى انتشار شائعات حول عدم وصول ناقلات البنزين إلى ميناء الزاوية بسبب سوء الأحوال الجوية.
وتقول حكومة الإنقاذ، إنها تجتهد لتوفير احتياجات المستوردين من العملات الصعبة، حتى تحول دون ارتفاع الأسعار على المستهلكين.
وأكد مصرف ليبيا المركزي عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، بأن أكثر من 81 شركة تم منحها اعتمادات مستندية لغرض استيراد سلعة "الدقيق" وبقيمة إجمالية 875 مليون دينار، خلال الفترة من فبراير/شباط إلى أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على أساس سعر صرف 1.39 دينار للدولار.
وذكر أن المصارف التجارية تقوم بالتدقيق في مستندات هذه الشركات عبر إجراءات قانونية، في ضوئها يتم إحالة هذه المستندات إلى لجنة تغطية الاعتمادات بالمصرف المركزي.
وتستهلك ليبيا التي يسكنها نحو 6.6 ملايين مواطن، حوالي مليوني طن سنوياً من القمح، تستورد الحكومة 90% منها من الخارج.
وكان الدعم السلعي في ليبيا يشمل 12 سلعة، وذلك حتى عام 2011، لكن هذا العدد ظل في انخفاض مستمر منذ بداية المواجهات المسلحة في البلاد.
وبدأت مسيرة الدعم مع إنشاء المؤسسة الوطنية للسلع التموينية مطلع عام 1971 لكي تقي الليبيين شر الجوع والفقر الذي كان يعاني منه الليبيون في تلك الفترة، عبر الدعم الذي لم يقتصر فقط على السلع، بل امتد للخدمات والمحروقات والسجائر وملابس العيد.
وأوصت دراسة صادرة عن البنك الدولي، في مايو/أيار الماضي، بضرورة خفض الدعم عن السلع في ليبيا تدريجيا، وعلى مدى زمني واسع، مما يؤدى لتحقيق وفورات مالية في الميزانية، مع الحرص على عدم حدوث اضطرابات اجتماعية.
وبحسب ديوان المحاسبة الحكومي في تقريره السنوي، فإن دعم السلع أدى إلى عمليات تهريب، فضلا عن عدم استفادة محدودي الدخل منه، مشيرًا إلى أن قيمة الدعم خلال السنوات الثلاث الماضية بلغت 33.89 مليار دينار (24.7 مليار دولار)، منها 23.6 مليار دينار لدعم المحروقات، و6.14 مليارات دينار للدعم السلعي، و2.34 مليار دينار لدعم الأدوية.
اقرأ أيضا: الدينار الليبي يتهاوى إلى مستويات تاريخية بالسوق الموازية