الليرة التركية على انخفاضها... والأسواق الدولية تلتقط أنفاسها

إسطنبول

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
11 اغسطس 2018
17F55D8E-3B22-4B60-B9A7-CB562333CE5A
+ الخط -
بدأت الأسواق الدولية تلتقط أنفاسها، اليوم السبت، مع بداية عطلة نهاية الأسبوع، غير أن وقع الصدمة التي أثارها الهبوط الحاد لليرة التركية، الجمعة، على خلفية الأزمة بين أنقرة وواشنطن لا يزال شديداً، مثيراً مخاوف في العالم، ولا سيما في القطاع المصرفي.

وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده ستنتصر في هذه "الحرب الاقتصادية"، ردا على إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب زيادة الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألمنيوم التركيين، إلى 50% و20% على التوالي.

وأعلنت الإدارة الأميركية، أمس، أن تطبيق الرسوم الجديدة المفروضة على واردات الولايات المتحدة من الصلب التركي سيبدأ اعتبارا من 13 أغسطس/آب الحالي.

وبعدما فقدت حوالى نصف قيمتها مقابل الدولار الأميركي، منذ مطلع العام، سجلت الليرة التركية هبوطاً حادّاً، الجمعة، إلى مستويات قياسية، وتم التداول بها عند إغلاق جلسة وول ستريت بسعر 6.43 ليرات للدولار، متراجعة بذلك 13.7%، بعدما وصلت خسائرها خلال النهار إلى 24%.

وأثارت أزمة العملة التركية صدمة عمّت العالم، وانعكست على البورصات الأوروبية الرئيسية والبورصات الأميركية التي أغلقت جميعها على تراجع، وطاولت بصورة خاصة القطاع المصرفي.

إذ أحدثت الأزمة هزات في الخارج، مع قيام المستثمرين بالبيع في أسهم البنوك الأوروبية التي لها انكشاف كبير على الاقتصاد التركي. 

وهبطت بورصة وول ستريت، الجمعة، مع تضرر أسهم البنوك من أزمة اقتصادية متفاقمة في تركيا تثير مخاوف من احتمال أن تمتد إلى اقتصادات عالمية أخرى.

وأنهى المؤشر داو جونز الصناعي جلسة التداول منخفضا 192.09 نقطة، بينما تراجع المؤشر ستاندرد آند بورز500 الأوسع نطاقا 20.30 نقطة، وأغلق المؤشر ناسداك المجمع منخفضا 52.67 نقطة.

مخاوف المستثمرين

ورأى المحلل لدى "إكس تي بي"، ديفيد تشيثام، في مذكرة أن تراجع الليرة التركية، الجمعة "يظهر أن المستثمرين متخوفون بشكل متزايد من أزمة نقدية شاملة وشيكة".

من جهته، قال باتريك أوهار، من مركز "بريفينغ"، إن "قلق الأسواق حيال الليرة على ارتباط بالمخاوف من احتمال انتشار العدوى، أو بصيغة أخرى أزمة في العملات الناشئة".

وأوضح المحلل لدى "إف إكس تي إم"، جميل أحمد، أن "هناك مخاوف من أن تكون الأسواق الأوروبية أكثر انكشافاً مما كان يعتقد على الصدمة التركية".

لكن مسؤول البحث الاقتصادي في مصرف "ساكسو"، كريستوفر دمبيك، اعتبر أنه "ليست هناك مخاطر تطاول النظام برمته"، مضيفا لوكالة "فرانس برس": "رأيت بعض التعليقات التي تشير إلى أننا بدأنا نرى اليوم ضغوطاً على العملات الناشئة، لكن لنكن صريحين، هذا كلام فارغ".

وقال رئيس قسم الاقتصاد في مصرف "بي إن بي باريبا"، ويليام دي ويلدر، ردا على أسئلة فرانس برس: "إنها آلية خاصة بتركيا"، مضيفاً "المسألة هنا خاصة بدولة منفردة، ما يعني أيضا أن الأمور قد تهدأ إن اتخذ البلد في نهاية المطاف التدابير اللازمة".

أردوغان يدعو إلى "الكفاح"

وإزاء هبوط الليرة، دعا أردوغان، الذي يواجه أحد أصعب التحديات الاقتصادية منذ وصوله إلى السلطة في 2003، الأتراك، إلى "الكفاح الوطني"، قائلاً "إن كان لديكم أموال بالدولار أو اليورو أو ذهب تدخرونه، اذهبوا إلى المصارف لتحويلها إلى الليرة التركية".

كما طلب أردوغان، السبت، تجميد أصول وموجودات وزيري العدل والداخلية الأميركيين، رداً على إجراء مماثل قامت به الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي. وقال أردوغان، في خطاب ألقاه في أنقرة ونقله التلفزيون "صبرنا حتى مساء أمس. واليوم أصدرت توجيهات: سنجمد أصول وزيري العدل والداخلية الأميركيين في تركيا، إذا وُجدت".

ولا يزال البنك المركزي التركي يتحفظ على رفع معدلات فائدته لدعم الليرة والحد من تضخم بلغ معدله السنوي حوالى 16% في تموز/يوليو. ويرى العديد من الخبراء الاقتصاديين أنه لا بد من زيادة معدلات الفائدة بشكل كثيف، غير أن أردوغان يعارض ذلك بشدة، وقد وصف معدلات الفائدة في الماضي بأنها "أساس كل المشكلات".

وحرصاً منه على توجيه إشارات إيجابية إلى الأسواق، شدد وزير المال الجديد، براءة البيرق، وهو صهر أردوغان، على "أهمية استقلالية البنك المركزي" التركي.

ويسجل هذا الانهيار الذي يدفع تركيا في اتجاه أزمة نقدية، على خلفية توتر دبلوماسي شديد بين أنقرة وواشنطن. وحذّرت أنقرة بأن "النتيجة الوحيدة" للعقوبات الأميركية هي "التأثير على علاقاتنا كدولتين حليفتين"، وفق ما جاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية.

وتابعت الوزارة أنه "على غرار كل التدابير المتخذة ضد تركيا، سوف تلقى رداً"، مشيرة إلى أن القرار الأميركي "يتجاهل" قواعد منظمة التجارة العالمية.

وتشهد الليرة التركية تراجعاً متواصلاً منذ عدة سنوات، غير أن تدهورها تفاقم في الأيام الأخيرة، بسبب الأزمة الدبلوماسية الخطيرة مع الولايات المتحدة المرتبطة خصوصا باعتقال قس أميركي في تركيا بتهمة "التجسس".

وبعد وقت قصير من إعلان ترامب عن زيادة الرسوم الجمركية، أعلنت الرئاسة التركية، وكأنها توجه رسالة ذات دلالة، أن أردوغان أجرى مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مشيرة إلى أنهما بحثا بصورة خاصة الملف السوري والمبادلات التجارية بين البلدين.

صعود الدولار
وتخلت أسعار الذهب عن مكاسبها التي سجلتها، في وقت سابق أمس الجمعة، وسط أزمة الليرة التركية التي عززت الطلب على المعدن النفيس كاستثمار آمن، لكنها أعطت في الوقت نفسه دعما للدولار الأميركي، وهو ما يجعل الذهب أكثر تكلفة على المشترين الحائزين للعملات الأخرى.

وتدافع المستثمرون على الدولار كملاذ آمن، في ظل انهيار العملة التركية وانحدار الروبل الروسي إلى أدنى سعر في أكثر من عامين، وهبوط اليورو والجنيه الإسترليني إلى أضعف مستوياتهما في عام.

وقال أولي هانسن، المحلل في بنك ساكسو، إنه مع امتداد اضطرابات تركيا إلى أسواق أخرى فإن الذهب، الذي ينظر إليه تقليدياً كاستثمار آمن في أوقات الضبابية، استقطب بعض الاهتمام الإضافي.

وأضاف قائلا "هناك معركة قائمة بين ازدياد قوة الدولار وبعض الطلب على الملاذات الآمنة الناشئ عن خطر انتقال عدوى انهيار الليرة". واستقر الدولار في المعاملات الفورية عند 1211.94 دولارا للأوقية (الأونصة)، بينما قفز مؤشر الدولار أكثر من 0.9 بالمائة.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أجج نزاعه مع تركيا، أمس الجمعة، بفرض رسوم أعلى على واردات معادن ليضع ضغوطا اقتصادية غير مسبوقة على شريك في حلف شمال الأطلسي ويعمق اضطرابات الأسواق المالية التركية.

وأعلن ترامب على تويتر، منتقدا وضع العلاقات بين بلاده وأنقرة، أنه أمر بمضاعفة الرسوم على واردات الألومنيوم والصلب من تركيا لتصبح 20 بالمائة و50 بالمائة على الترتيب. وقال البيت الأبيض، في وقت لاحق، إن ترامب كلف إدارته بإعداد الوثائق لفرض الرسوم الأعلى بموجب قانون أميركي يسمح بفرض الرسوم الجمركية لمبررات تتعلق بالأمن القومي.

ذات صلة

الصورة
مسيرة في شوارع واشنطن بالأكفان من أجل النساء في غزة - 17 - 10 - 2024

مجتمع

شهدت واشنطن موكباً جنائزياً ومسيرة تضامنية مع النساء في غزة، جابت شوارع العاصمة وصولاً إلى البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية
الصورة
مؤتمر أسر المحتجزين الإسرائيليين الأميركيين في واشنطن، 18 سبتمبر 2024 (العربي الجديد)

سياسة

طالبت عائلات أميركيين بين المحتجزين الإسرائيليين في غزة يحملون جنسية مزدوجة، يوم الأربعاء، بضرورة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن المحتجزين.
الصورة
مسرة في جامعة جورج واشنطن دعماً لفلسطين/22 أغسطس 2024(Getty)

سياسة

خرجت مسيرة احتجاجية في شوارع واشنطن، اليوم الأربعاء، تنديداً باستمرار العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية وغزة.
الصورة
المتظاهرون أمام السفارة الإسرائيلية يحملون لافتة عن الجندي آرون بوشنل (العربي الجديد)

سياسة

تظاهر الاثنين ناشطون أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن للاحتجاج على الحرب على غزة، واستخدم المتظاهرون الأواني والصفارات ومكبرات الصوت مطالبين بوقف الإبادة
المساهمون