26 مارس 2019
الماضي والحاضر والمستقبل..
عبد الفتاح عزاوي (المغرب)
يمثل المستقبل تجاوزا للماضي والحاضر، ما من يمكــننا استشرافه، ويمثل الماضي مجموع الذكريات والمواقف والإنجازات والإخفاقات التي مررنا بها، وقد يكون سعيدا أو العكس. أما الحاضر فهو الزمن الذي نعيشه، وهو قطب الرحى بين الماضي والمستقبل، إذ يعطي للأول ويسجل فيه، ويصنع للثاني أملا كي يكون فيه، فهل هناك تسلسل لهذا الثالوث في تفكيرنا ومخـيالنا الجماعي؟ وهل نعيش حاضرنا ونستشرف مستقبلنا مثل الآخر/ الغرب، أم أن هناك قطيعة بينهما؟
يقول محمد عابد الجابري ''الماضي أشبه بالآتي من الماء بالماء، وهذا يعني أن تاريخ البشرية، ما تقدم منه وما تأخر، عبارة عن بحر، قد تتلاطم أمواجه هنا وتهدأ هناك ولكن الماء يبقى دائما شبيها بنفسه؛ وكذلك "الماضي" و"الآتي" يشبه الواحد منهما الآخر كما يشبه بعض ماء البحر بعضه الآخر. وكل ما يمكن استخلاصه لفائدة "المستقبل"، من هذا البحر المتلاطم الأمواج، هو "العبرة".
لا يختلف اثنان على أنّ الإنسان العربي لم يستطع إعادة تشكيل ماضيه بطريقة إيجابية، ليستخلص منه ''العبر'' ويستفيد من أخطائه ويبلور مشروعه النهضوي، بل أصبح دائما يرسم لهذا الماضي صورة وردية، تتقاطع فيها أمجاد (وذكريات) الأولين الذين لو بعثوا من جديد لثــاروا في وجه الجميع. وقد قدم صاحب "نقد العقل العربي" توصيفا دقيقا لهاته الحالة، حيث شبّه الإنسان العربي براكب جمل تائه في صحراء قاحلة لا يعرف للطريق مسارا، لأنه بكل بساطة لم يعش ماضيه وحاضره، فبقي مستقبله مجهولا .
في المقابل، شبه الآخر/ الإنسان الغربي براكب سيارة يقود وفق لوحة قيادة محكمة، ويعرف الاتجاه الذي سيصير إليه والاتجاه الذي سيتوقف عنده، كما أنه لا يجد صعوبة في النظر إلى المرآة الخلفية لسيارته، كي لا يصطدم مع الآخرين، لأنه عاش ماضيه ويحيا حاضره، وبالتالي فمستقبله مضمون.
التخطيط الجيد للمستقبل مرتبط بطبيعة اللحظة التي نعيشها في الحاضر، فماذا تنتظر من إنسان يرفض حاضره باستمرار؟ أكيد لن ينجح في تخطيط مستقبله المنشود ولن يصل إلى تحقيق أهدافه وطموحاته؟
كـــثيـــرا ما نعيد اجترارالفكرة القائلة ''من لا ماضي له لا حاضر له، ومن لا حاضر له لا مستقبل له''، إلا أننا لم نتصالح مع ماضينا، بحـلوه ومره، بل وظفناه بطريقة جد سلبية جعلت منا مجرّد أجزاء متناثرة أشبه بتوزيع الكائنات الفطرية على رقعة الأرض، فبعد أن كنّا أمة واحدة أصبح كل جزء يظن أنه هو المستقبل والأمل لهذا الوطن الجريح من الوريد إلى الوريد.
أصبح الحاضر ينفلت من بين أيدينا، وأضحى مستقبلنا مفتوح على المجهول، ولن تقوم لنا قائمة إلا باستنطاق الماضي العربي من جديد، وتجاوز الكبوات التي أعاقت استنهاض المشروع النهضوي العربي، فهل سيستفيق بني يعرب أم لا حياة لمن تنادي؟
يقول محمد عابد الجابري ''الماضي أشبه بالآتي من الماء بالماء، وهذا يعني أن تاريخ البشرية، ما تقدم منه وما تأخر، عبارة عن بحر، قد تتلاطم أمواجه هنا وتهدأ هناك ولكن الماء يبقى دائما شبيها بنفسه؛ وكذلك "الماضي" و"الآتي" يشبه الواحد منهما الآخر كما يشبه بعض ماء البحر بعضه الآخر. وكل ما يمكن استخلاصه لفائدة "المستقبل"، من هذا البحر المتلاطم الأمواج، هو "العبرة".
لا يختلف اثنان على أنّ الإنسان العربي لم يستطع إعادة تشكيل ماضيه بطريقة إيجابية، ليستخلص منه ''العبر'' ويستفيد من أخطائه ويبلور مشروعه النهضوي، بل أصبح دائما يرسم لهذا الماضي صورة وردية، تتقاطع فيها أمجاد (وذكريات) الأولين الذين لو بعثوا من جديد لثــاروا في وجه الجميع. وقد قدم صاحب "نقد العقل العربي" توصيفا دقيقا لهاته الحالة، حيث شبّه الإنسان العربي براكب جمل تائه في صحراء قاحلة لا يعرف للطريق مسارا، لأنه بكل بساطة لم يعش ماضيه وحاضره، فبقي مستقبله مجهولا .
في المقابل، شبه الآخر/ الإنسان الغربي براكب سيارة يقود وفق لوحة قيادة محكمة، ويعرف الاتجاه الذي سيصير إليه والاتجاه الذي سيتوقف عنده، كما أنه لا يجد صعوبة في النظر إلى المرآة الخلفية لسيارته، كي لا يصطدم مع الآخرين، لأنه عاش ماضيه ويحيا حاضره، وبالتالي فمستقبله مضمون.
التخطيط الجيد للمستقبل مرتبط بطبيعة اللحظة التي نعيشها في الحاضر، فماذا تنتظر من إنسان يرفض حاضره باستمرار؟ أكيد لن ينجح في تخطيط مستقبله المنشود ولن يصل إلى تحقيق أهدافه وطموحاته؟
كـــثيـــرا ما نعيد اجترارالفكرة القائلة ''من لا ماضي له لا حاضر له، ومن لا حاضر له لا مستقبل له''، إلا أننا لم نتصالح مع ماضينا، بحـلوه ومره، بل وظفناه بطريقة جد سلبية جعلت منا مجرّد أجزاء متناثرة أشبه بتوزيع الكائنات الفطرية على رقعة الأرض، فبعد أن كنّا أمة واحدة أصبح كل جزء يظن أنه هو المستقبل والأمل لهذا الوطن الجريح من الوريد إلى الوريد.
أصبح الحاضر ينفلت من بين أيدينا، وأضحى مستقبلنا مفتوح على المجهول، ولن تقوم لنا قائمة إلا باستنطاق الماضي العربي من جديد، وتجاوز الكبوات التي أعاقت استنهاض المشروع النهضوي العربي، فهل سيستفيق بني يعرب أم لا حياة لمن تنادي؟
مقالات أخرى
04 ديسمبر 2017
18 يونيو 2017
13 مايو 2016