09 يونيو 2017
المجتمعات من التبعية إلى المشاركة
نحتاج، حكومات ومجتمعات، أن نواجه أنفسنا أن هناك فجوة واسعة بين المجتمعات والسلطات السياسية في الثقة المتبادلة والمشاركة في الأهداف والمصالح، فمن الواضح أن المجتمعات لا تثق بجديّة الحكومات في الإصلاح، ولا تتحمّس لمشروعاتها ومواقفها في السياسات الخارجية والداخلية، حتى في القضايا والاتجاهات التي تؤيدها المجتمعات. وفي المقابل، تسلك الحكومات بعدائية تجاه المجتمعات، وتسعى إلى استتباعها وإضعافها بدلاً من المشاركة والتكامل، وسلبت المجتمعات فرصها وحقوقها في الولاية على كثيرٍ من شؤونها وأولوياتها.
وفي مواجهة التطرّف والكراهية المفترض أنها عملياتٌ مشتركة بين السلطة والمجتمعات، يمكن ملاحظة الانفصال والجفاء بين سياسات الحكومات والمجتمعات واجتماعاتهما، كذلك الحال في الشأن والأداء الثقافي والديني، فإن السلطات والمجتمعات يبدوان على طرفي نقيض، على الرغم من تطابق الأهداف والأفكار بينهما، وليس الحلّ المقترح لهذه الأزمة في استهداف مباشر أو في معالجة مستقلة عن بناء البيئة الاجتماعية والثقافية وتشكيلها، وغياب هذه الرؤية يؤدي إلى الهدر والفشل، فالانشغال بالعمل المباشر تجاه المشاركة، بدلاً من تفويض الجماعة ودعمها لتنشئ بنفسها بيئة تعزّز الإصلاح والاعتدال والتمدّن، وتنشئ ثقافة اجتماعية ومدنية تواجه التطرف والكراهية، وترقى بحياة الأفراد والمجتمعات، سيجعل كل محاولات الحكومة وجهودها في هذا المجال، تفتقر إلى الحماس والعمق الاجتماعي والتأييد الجماهيري الحقيقي.
لا يمكن بناء شراكة مع المجتمعات، من غير أن تكون مجتمعات حرة مستقلة، تملك مواردها ومؤسساتها، وتدير شؤونها، وتشعر بالكرامة، وتملك رؤيتها المستمدة من تفاعلها الخاص مع
قضاياها وتطلعاتها، ومن خلال نخب وقادة اجتماعيين ينتمون إلى المجتمعات ويمثلونها، وليسوا مفروضين عليها فرضاً، ويمكن الاستدلال على البيئة الاجتماعية والثقافية السليمة من خلال مجموعة من المؤشرات: أن تكون المنتجات الثقافية والفنية (الكتابة والنشر والتأليف والقصة والرواية والشعر والموسيقى والخطابة والفنون التشكيلية والنحت والتصميم والمسرح والدراما والسينما والتصوير،..) سوقاً رائجةً وناجحةً تجارياً، بمعنى أنها تمثل حالة عرضٍ وطلب، يكفي للعمل فيها، وإنشاء المؤسسات والأسواق الثقافية، .. وفي ذلك، يجب العمل على تشجيع المواهب والمهارات والبرامج الفنية والثقافية في المدارس وتطويرها، والعمل على بناء جمهور اجتماعي للثقافة والفنون. لأن المجتمعات، وفق هذا المؤشر، تكون ذات مستوى متقدم في الوعي لمصالحها وأهدافها، ونضجاً في تقدير الأولويات والأفكار.
وفي أسلوب الحياة والسلوك الاجتماعي، يمكن الاستدلال بمؤشر اقتناء الكتب واللوحات الفنية، حضور الأفلام والمسرحيات والحفلات الموسيقية والندوات والمحاضرات والمجالس والصالونات الأدبية والفنية والثقافية والعلمية .. والقراءة والمتابعة الفكرية والثقافية. وفي ذلك تركّز الجماعات الثقافية والبلديات ووزارات الثقافة ووسائل الإعلام على استهداف العادات والسلوك الاجتماعي والثقافي. وفي التعليم المدرسي، يمكن الاستدلال على التقدم الاجتماعي والثقافي في احتواء المهارات التعليمية المفترض أن يجتازها التلاميذ والامتحانات الشاملة التي تعقدها وزارة التربية والتعليم لجميع المراحل على الإبداع والثقافة والفنون.
ويجب أن تؤثر الثقافة والفنون بوضوح في السلوك الاجتماعي اليومي والعام، والمشاركة في الحوار حول القضايا العامة، وفي تصميم البيوت وتخطيط المدن والأحياء والشوارع، وقيادة السيارات وثقافة المواصلات والنقل العام، وعادات المشي واستخدام الدراجة الهوائية، وممارسة الرياضة، والألعاب الشعبية، ومستوى الصحافة ووسائل الإعلام والبرامج التلفزيونية، الأثاث والطعام واللباس،.. وازدهار المكتبات العامة والحدائق العامة والأندية الرياضية الثقافية الاجتماعية.
وتنشئ الثقافة العميقة والمتفاعلة اجتماعياً، بوضوح قياسي ومعياري، ذائقة جماعية فنية، وثقافةً موسيقية وبصرية عامة وشعبية، في البناء والطعام واللباس وأسلوب الحياة، كما تذوق الآداب والفنون، كما تنشئ ثقافة الحوار والاستماع، وتقبل الرأي الآخر والتنوع والتعددية الثقافية والدينية، والفردية والتماسك الاجتماعي والاختلاط والثقة، كما تواجه وبوضوح ثقافة التعصب والتحرش والشتم والصوت المرتفع....
وفي مواجهة التطرّف والكراهية، تقوم البيئة الاجتماعية والثقافية على القدرة على المشاركة
على المستوى الداخلي الوطني، والمشاركة العالمية أيضاً بالمساهمة في الثقافة والسوق العالمية، وتقبل العالم وأن يتقبلنا العالم. ولأجل ذلك، يجب التأكيد على حياد الدولة في تنظيم الشأن الديني، ووقف دورها المباشر في التعليم الديني والإرشاد وإسناد هذا الدور للمجتمعات، مع التأكيد على الدور السيادي للدولة والقضاء وبسط القانون، ومراجعة التشريعات التي تتضمن تمييزاً ضد الآخر وإصلاحها، مثل الميراث، والحضانة والإشارة الى الدين في الوثائق والزواج، وضرورة بسط قانون مدني للأحوال الشخصية، مع السماح للمؤسسات الدينية بممارسة دور لا يتناقض مع القانون المدني، وأن يكون للمواطنين والمقيمين خيار اللجوء إلى قوانين ومحاكم مدنية في الأحوال الشخصية.
ويمكن للسلطة، من غير دور مباشر، أن تشجع تياراً تنويرياً إصلاحياً بين المعلمين والدعاة وتدعمه، وأن تتوسع في تدريس الفلسفة في المدارس والجامعات، وإدراج المهارات المعرفية والثقافية العامة في امتحانات الكفاءة للمدارس والجامعات والتوظيف والترقية في القطاعين العام والخاص، وتشجيع برامج خدمة المجتمع التطوعية في التنمية والثقافة والفنون والمساعدة، وزيادة الاهتمام الاجتماعي والصحي بالأطفال والمعوقين وكبار السن وبرامج التماسك والضمان الاجتماعي وأفكارهما. وتشجيع برامج الحوار المجتمعية والمكانية في المدن والأحياء حول القضايا والأحداث التي تؤثر في حياة الناس، ويمكن أن تكون مصحوبةً بمسرحيات وعروض سينمائية وفنية، وأن تستهدف حالات الهشاشة وضعف المناعة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لأجل رفع كفاءة الأفراد والمجتمعات وسويتهما، وقدرتهما على المشاركة الاقتصادية والاجتماعية.
وفي المحصلة، على السلطة السياسية، حتى تحصل على شراكة المجتمعات وتأييدها، أن تكفّ عن الوصاية على المجتمعات، وعن أن تفكر نيابة عنها، وفي المقابل عليها تشجع استقلال المجتمعات وقدرتها على امتلاك (وإدارة) مواردها ومؤسساتها الخاصة به، والمستقلة عن السلطة وعن الشركات.
وفي مواجهة التطرّف والكراهية المفترض أنها عملياتٌ مشتركة بين السلطة والمجتمعات، يمكن ملاحظة الانفصال والجفاء بين سياسات الحكومات والمجتمعات واجتماعاتهما، كذلك الحال في الشأن والأداء الثقافي والديني، فإن السلطات والمجتمعات يبدوان على طرفي نقيض، على الرغم من تطابق الأهداف والأفكار بينهما، وليس الحلّ المقترح لهذه الأزمة في استهداف مباشر أو في معالجة مستقلة عن بناء البيئة الاجتماعية والثقافية وتشكيلها، وغياب هذه الرؤية يؤدي إلى الهدر والفشل، فالانشغال بالعمل المباشر تجاه المشاركة، بدلاً من تفويض الجماعة ودعمها لتنشئ بنفسها بيئة تعزّز الإصلاح والاعتدال والتمدّن، وتنشئ ثقافة اجتماعية ومدنية تواجه التطرف والكراهية، وترقى بحياة الأفراد والمجتمعات، سيجعل كل محاولات الحكومة وجهودها في هذا المجال، تفتقر إلى الحماس والعمق الاجتماعي والتأييد الجماهيري الحقيقي.
لا يمكن بناء شراكة مع المجتمعات، من غير أن تكون مجتمعات حرة مستقلة، تملك مواردها ومؤسساتها، وتدير شؤونها، وتشعر بالكرامة، وتملك رؤيتها المستمدة من تفاعلها الخاص مع
وفي أسلوب الحياة والسلوك الاجتماعي، يمكن الاستدلال بمؤشر اقتناء الكتب واللوحات الفنية، حضور الأفلام والمسرحيات والحفلات الموسيقية والندوات والمحاضرات والمجالس والصالونات الأدبية والفنية والثقافية والعلمية .. والقراءة والمتابعة الفكرية والثقافية. وفي ذلك تركّز الجماعات الثقافية والبلديات ووزارات الثقافة ووسائل الإعلام على استهداف العادات والسلوك الاجتماعي والثقافي. وفي التعليم المدرسي، يمكن الاستدلال على التقدم الاجتماعي والثقافي في احتواء المهارات التعليمية المفترض أن يجتازها التلاميذ والامتحانات الشاملة التي تعقدها وزارة التربية والتعليم لجميع المراحل على الإبداع والثقافة والفنون.
ويجب أن تؤثر الثقافة والفنون بوضوح في السلوك الاجتماعي اليومي والعام، والمشاركة في الحوار حول القضايا العامة، وفي تصميم البيوت وتخطيط المدن والأحياء والشوارع، وقيادة السيارات وثقافة المواصلات والنقل العام، وعادات المشي واستخدام الدراجة الهوائية، وممارسة الرياضة، والألعاب الشعبية، ومستوى الصحافة ووسائل الإعلام والبرامج التلفزيونية، الأثاث والطعام واللباس،.. وازدهار المكتبات العامة والحدائق العامة والأندية الرياضية الثقافية الاجتماعية.
وتنشئ الثقافة العميقة والمتفاعلة اجتماعياً، بوضوح قياسي ومعياري، ذائقة جماعية فنية، وثقافةً موسيقية وبصرية عامة وشعبية، في البناء والطعام واللباس وأسلوب الحياة، كما تذوق الآداب والفنون، كما تنشئ ثقافة الحوار والاستماع، وتقبل الرأي الآخر والتنوع والتعددية الثقافية والدينية، والفردية والتماسك الاجتماعي والاختلاط والثقة، كما تواجه وبوضوح ثقافة التعصب والتحرش والشتم والصوت المرتفع....
وفي مواجهة التطرّف والكراهية، تقوم البيئة الاجتماعية والثقافية على القدرة على المشاركة
ويمكن للسلطة، من غير دور مباشر، أن تشجع تياراً تنويرياً إصلاحياً بين المعلمين والدعاة وتدعمه، وأن تتوسع في تدريس الفلسفة في المدارس والجامعات، وإدراج المهارات المعرفية والثقافية العامة في امتحانات الكفاءة للمدارس والجامعات والتوظيف والترقية في القطاعين العام والخاص، وتشجيع برامج خدمة المجتمع التطوعية في التنمية والثقافة والفنون والمساعدة، وزيادة الاهتمام الاجتماعي والصحي بالأطفال والمعوقين وكبار السن وبرامج التماسك والضمان الاجتماعي وأفكارهما. وتشجيع برامج الحوار المجتمعية والمكانية في المدن والأحياء حول القضايا والأحداث التي تؤثر في حياة الناس، ويمكن أن تكون مصحوبةً بمسرحيات وعروض سينمائية وفنية، وأن تستهدف حالات الهشاشة وضعف المناعة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لأجل رفع كفاءة الأفراد والمجتمعات وسويتهما، وقدرتهما على المشاركة الاقتصادية والاجتماعية.
وفي المحصلة، على السلطة السياسية، حتى تحصل على شراكة المجتمعات وتأييدها، أن تكفّ عن الوصاية على المجتمعات، وعن أن تفكر نيابة عنها، وفي المقابل عليها تشجع استقلال المجتمعات وقدرتها على امتلاك (وإدارة) مواردها ومؤسساتها الخاصة به، والمستقلة عن السلطة وعن الشركات.