تنظّم جمعية "أشكال ألوان" بالتعاون مع معهد "غوته" في بيروت، برنامج عروض لأفلام المخرجة الألمانية أولريكه أوتينغر (1942) في الفترة ما بين 18 وحتى 25 من الشهر الجاري.
"الرغبة والهذيان وسوء الفهم الخلّاق" هو العنوان العريض الذي تنطلق العروض تحته، حيث تُقدَّم ثلاثة أفلام فقط لأوتينغر، لكنها تعبر عن أسلوبها في مجالي الأعمال الروائية والوثائقية. كما تحضر المخرجة في اليوم الأخير لتشارك بمحاضرة حول تجربتها السينمائية.
البداية ستكون مع "جوانا دارك منغوليا"، ويعرض عند الثامنة من مساء الثلاثاء، 18 من الشهر الجاري. يعتبر هذا الفيلم الدرامي الذي أخرجته أوتينغر سنة 1989، ملحمة متعدّدة الثقافات وغريبة الأطوار تم تصويره في منغوليا، وقد وصفه النقّاد بأنه فيلم أمومي (ضد أبوي)، وعمل استثنائي في قصته التي تقع حين يلتقي عالمان لنساء من قارتين وحضارتين مختلفتين، حيث سائحات أوروبيات يجري اختطافهن من قبل نساء من منغوليا. وقد وظّفت فيه المخرجة بشكل ساخر شيئاً من ملامح أفلام الويسترن.
"المسخ أورلاندو" هو الفيلم الثاني، الذي سيجري عرضه عند الثامنة من مساء الإثنين، 24 من الشهر الجاري. وقد أُنتج سنة 1981 وهو فيلم كوميدي الطابع يروي قصة العالم، ويحاول أن يكون تاريخياً على نحو مبتكر وساخر، يرصد أخطاء البشرية والعجز والإخفاق والتعطّش للسلطة والجنون والخوف، في قصة من خمسة أجزاء. يعتبر الفيلم من أبرز أفلام الـ "كولت" Cult، وقد مزجت فيه أوتينغر شيئاً من رواية "أورلاندو" لـ فرجينيا وولف وفيلم الرعب "مسوخ" للأميركي تود براونينغ.
أما الفيلم الأخير الذي سيعرض ضمن هذه السلسلة، ويليه حوار بحضور المخرجة، فهو "تذكرة بلا عودة" الذي أنتج سنة 1979، وهو الفيلم الذي وصفه النقاد بأنه "فيلم لا يُنسى بصرياً"، حيث محتوياته وإدراة السينوغرافيا في مشاهدة نادرة ومؤثرة على نحو كبير، خصوصاً إذا قيس ذلك بزمن خروجه إلى الشاشات نهاية السبعينيات. الفيلم يعتمد على قصة امرأة ثرية وغرائبية تقرر أن تقضي حياتها مخمورة في برلين.
تأتي تعددية أعمال أوتينغر وخصوصيتها البصرية ونظرتها الفلسفية، من عدة جوانب في حياتها، فقد اشتغلت طيلة الستينيات في باريس على نفسها كفنانة تشكيلية، كما أنها كانت واحدة من تلميذات شتراوس وألتوسير، قبل أن تنطلق إلى العمل السينمائي في ألمانيا مستعينة بأصدقائها وهم مشاهير النحاتين والتشكيليين ونجوم السينما وقد بدأت مشوراها السينمائي سنة 1977 بفيلم إشكالي بعنوان "مدام إكس" ويتناول الجندرية والكويرية.
أفلام أوتينغر صيغت من هوسها بالمكان الذي قادها إلى استكشاف المكان الواقعي، مقابل صناعة آخر متخيّل، سنرى برلين بعدة وجوه في أفلامها؛ حقيقية وزائفة وفانتازية. غير أن الميزة المشتركة في كل أعمالها أنها خارج المتوقع دائماً وتحمل معها صدمة مستمرة، من النوع الإيجابي، لمن يشاهدها، إنها سينمائية طلقة الخيال لا شيء يحول بينها وبين أية فكرة مجنونة تريد تحويلها إلى سينما.