من ينظر الى حجم المساعدات الدولية المقدمة الى الدول العربية، وخاصة الدول الفقيرة منها، يعي حجم الإنفاق من قبل هذه المؤسسات على اقتصادات الدول تحت شعار تطويرها. لكن الملاحظ أن آليات التمويل، هذه، لم تكن يوماً مصحوبة بأية نهضة تنموية في البلاد. فالدول العربية، وخاصة الأردن، العراق، لبنان، تونس ومصر تتلقى ملايين الدولارات من قبل المؤسسات المالية الدولية، سواء على شكل قروض أو منح وهبات، إلا أن المؤشرات المالية والاقتصادية والاجتماعية في هذه الدول تزيد ترنحاً وانخفاضاً.
في لبنان، تخطى الدين العام بحسب أرقام وزارة المالية عتبة 65 مليار دولار. في الأردن، وصل الدين العام إلى أكثر من 30 مليار دولار، أي ما نسبته حوالى 80 % من الناتج المحلي الإجمالي. أما في مصر، فقد تخطى الدين العام نسبة 95% من الناتج المحلي الإجمالي، حيث بلغ الدين العام أكثر من 110 مليارات جنيه. وبطبيعة الحال، فإن ارتفاع الدين العام في هذه الدول ينعكس سلباً على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
فقد بلغت معدلات الفقر، وبحسب البنك الدولي في العراق 18.3% من مجموع تعداد السكان في عام 2013، فيما بلغت النسبة في الأردن أكثر من 14.4% في عام 2010. وفي الضفة الغربية وقطاع غزة، وصلت نسب الفقر في عام 2011 إلى ما يقارب 26% من تعداد السكان. ارتفاع الدين العام ونتائجه السلبية دفعت المؤسسات الدولية إلى فرض سياسات اقتصادية ومالية تحت تبرير مساعدة هذه الدول، وقد تجلت هذه السياسات في شكل منح ومساعدات مالية.
في الأردن، أفرج صندوق النقد الدولي عن دفعة بقيمة 197 مليون دولار في إطار خطة مساعدة أقرت لهذا البلد في آب/أغسطس 2013 وتناهز قيمتها ملياري دولار، حيث تمت الموافقة على هذه الدفعة بعد مراجعة أجراها الصندوق لأداء الاقتصاد الأردني لترتفع بذلك إلى 1.5 مليار دولار قيمة الأموال التي منحها الصندوق للأردن منذ إقرار خطة المساعدة المجزأة إلى دفعات تمتد على ثلاث سنوات.
في مصر، تم الإعلان عن تقديم البنك الدولي لمساعدات تصل إلى 5 مليارات دولار لمساعدة الاقتصاد، وفي هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي، باسم جميل أنطوان، إلى أن المساعدات التي تقدمها المؤسسات الدولية المالية لا تهدف في النهاية سوى إلى خدمة أجندة معنية، إذ إن الشعوب العربية لم تتمكن يوماً من الاستفادة من حجم القروض أو المنح، ويقول لـ "العربي الجديد": "لا شك في أن باب القروض يعد المصدر الرئيسي لتدخل هذه المؤسسات في الشؤون السياسية والاقتصادية، وقد لاحظنا حجم التبعية التي تفرض على هذه الدول، لتنفيذ سياسات البنك الدولي وصندوق النقد، والتي أدت في النهاية الى ارتفاع حجم الفقر والبطالة في العديد من الدول العربية".
ويضيف أنطوان:" في العراق، ومصر، وبالرغم من المساعدات المالية، إلا أننا لاحظنا ارتفاع الفقر، وارتفاع الدين العام، وكأن هذه السياسات، ترمي إلى إفقار المواطنين، بدلاً من مساعدتهم، الأمر الذي يطرح علامات استفهام حول حقيقة هذه المساعدات وغاياتها".
سياسات الهدر
في لبنان، وصلت نسبة القروض والمنح والمساعدات خاصة في السنوات الأربع الأخيرة إلى عشرات مليارات الدولارات، ويكفي أن يلقى ضوء على حجم المشاريع التنموية التي أقيمت في السنوات الماضية، لرصد حجم الأموال التي دفعت.
فعلى سبيل المثال، موّل البنك الدولي قرضاً مُيسَّراً بقيمة 100 مليون دولار، لأغراض سياسات تنموية وتنفيذ إصلاحات. كما قام البنك الدولي بتقديم قرض، بهدف تحسين الخدمات وفرص العمل للفقراء والمحرومين في لبنان، بقيمة 30 مليون دولار في عام 2013، وبالرغم من ذلك، فإن أعداد الفقر في ارتفاع مستمر.
يقول الخبير الاقتصادي اللبناني، إيلي يشوعي، إن أزمة القروض والمنح، لها شقان، الأول يتعلق بسيطرة الدول الغربية على سياسات المؤسسات الدولية، وبالتالي فرضها قوانين وسياسات ضد الشعوب الفقيرة، والشق الآخر يتعلق بحجم الفساد الموجود في الدول النامية، والتي تمنع تنفيذ برامج إصلاحية، الأمر الذي ينعكس سلباً على برامج هذه السياسات، والغايات التي وضعت من أجلها. ويضيف: أمام الفساد والهدر، لا يمكن الحديث عن نجاح لهذه السياسات، إلا أنه وفي المقابل، لا يمكن القول إن السياسات بمجملها ترمي إلى إفقار الشعوب، لأن غاية المؤسسات المالية مساعدة الدول النامية، إلا أن الآليات والبيئة السياسية في هذه الدول تحول دون تنفيذ أساسيات القروض والمنح. ففي لبنان، يكثر الفساد والسرقات، الأمر الذي يجعل أي قرض يفقد الهدف الرئيسي الذي وضع لأجله".
ويختم حديثه قائلاً:" الخلاصة النهائية التي يمكن الخروج بها هي أن المنظمات والمساعدات الدولية تعمل على إقامة تنمية مستدامة، لكن هناك حالات استثنائية، تفشل دور هذه المؤسسات، وتجعل من قروضها نقمة على الشعوب بدلاً من أن تكون نعمة".
أرقام
61 مليار دولار هو حجم القروض والمساعدات، المحققة حتى السنة المالية 2014، من مجموعة البنك الدولي لتشجيع النمو، وزيادة الرخاء، ومكافحة الفقر
3.2 تريليون دولار هو حجم ديون العالم الثالث لصالح البنك الدولي، في حين وصل الدين العالمي الإجمالي في 2015 إلى 199 تريليون دولار.
إقرأ أيضا: العقول الاقتصاديّة تهجر الأردن
في لبنان، تخطى الدين العام بحسب أرقام وزارة المالية عتبة 65 مليار دولار. في الأردن، وصل الدين العام إلى أكثر من 30 مليار دولار، أي ما نسبته حوالى 80 % من الناتج المحلي الإجمالي. أما في مصر، فقد تخطى الدين العام نسبة 95% من الناتج المحلي الإجمالي، حيث بلغ الدين العام أكثر من 110 مليارات جنيه. وبطبيعة الحال، فإن ارتفاع الدين العام في هذه الدول ينعكس سلباً على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
فقد بلغت معدلات الفقر، وبحسب البنك الدولي في العراق 18.3% من مجموع تعداد السكان في عام 2013، فيما بلغت النسبة في الأردن أكثر من 14.4% في عام 2010. وفي الضفة الغربية وقطاع غزة، وصلت نسب الفقر في عام 2011 إلى ما يقارب 26% من تعداد السكان. ارتفاع الدين العام ونتائجه السلبية دفعت المؤسسات الدولية إلى فرض سياسات اقتصادية ومالية تحت تبرير مساعدة هذه الدول، وقد تجلت هذه السياسات في شكل منح ومساعدات مالية.
في الأردن، أفرج صندوق النقد الدولي عن دفعة بقيمة 197 مليون دولار في إطار خطة مساعدة أقرت لهذا البلد في آب/أغسطس 2013 وتناهز قيمتها ملياري دولار، حيث تمت الموافقة على هذه الدفعة بعد مراجعة أجراها الصندوق لأداء الاقتصاد الأردني لترتفع بذلك إلى 1.5 مليار دولار قيمة الأموال التي منحها الصندوق للأردن منذ إقرار خطة المساعدة المجزأة إلى دفعات تمتد على ثلاث سنوات.
في مصر، تم الإعلان عن تقديم البنك الدولي لمساعدات تصل إلى 5 مليارات دولار لمساعدة الاقتصاد، وفي هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي، باسم جميل أنطوان، إلى أن المساعدات التي تقدمها المؤسسات الدولية المالية لا تهدف في النهاية سوى إلى خدمة أجندة معنية، إذ إن الشعوب العربية لم تتمكن يوماً من الاستفادة من حجم القروض أو المنح، ويقول لـ "العربي الجديد": "لا شك في أن باب القروض يعد المصدر الرئيسي لتدخل هذه المؤسسات في الشؤون السياسية والاقتصادية، وقد لاحظنا حجم التبعية التي تفرض على هذه الدول، لتنفيذ سياسات البنك الدولي وصندوق النقد، والتي أدت في النهاية الى ارتفاع حجم الفقر والبطالة في العديد من الدول العربية".
ويضيف أنطوان:" في العراق، ومصر، وبالرغم من المساعدات المالية، إلا أننا لاحظنا ارتفاع الفقر، وارتفاع الدين العام، وكأن هذه السياسات، ترمي إلى إفقار المواطنين، بدلاً من مساعدتهم، الأمر الذي يطرح علامات استفهام حول حقيقة هذه المساعدات وغاياتها".
سياسات الهدر
في لبنان، وصلت نسبة القروض والمنح والمساعدات خاصة في السنوات الأربع الأخيرة إلى عشرات مليارات الدولارات، ويكفي أن يلقى ضوء على حجم المشاريع التنموية التي أقيمت في السنوات الماضية، لرصد حجم الأموال التي دفعت.
فعلى سبيل المثال، موّل البنك الدولي قرضاً مُيسَّراً بقيمة 100 مليون دولار، لأغراض سياسات تنموية وتنفيذ إصلاحات. كما قام البنك الدولي بتقديم قرض، بهدف تحسين الخدمات وفرص العمل للفقراء والمحرومين في لبنان، بقيمة 30 مليون دولار في عام 2013، وبالرغم من ذلك، فإن أعداد الفقر في ارتفاع مستمر.
يقول الخبير الاقتصادي اللبناني، إيلي يشوعي، إن أزمة القروض والمنح، لها شقان، الأول يتعلق بسيطرة الدول الغربية على سياسات المؤسسات الدولية، وبالتالي فرضها قوانين وسياسات ضد الشعوب الفقيرة، والشق الآخر يتعلق بحجم الفساد الموجود في الدول النامية، والتي تمنع تنفيذ برامج إصلاحية، الأمر الذي ينعكس سلباً على برامج هذه السياسات، والغايات التي وضعت من أجلها. ويضيف: أمام الفساد والهدر، لا يمكن الحديث عن نجاح لهذه السياسات، إلا أنه وفي المقابل، لا يمكن القول إن السياسات بمجملها ترمي إلى إفقار الشعوب، لأن غاية المؤسسات المالية مساعدة الدول النامية، إلا أن الآليات والبيئة السياسية في هذه الدول تحول دون تنفيذ أساسيات القروض والمنح. ففي لبنان، يكثر الفساد والسرقات، الأمر الذي يجعل أي قرض يفقد الهدف الرئيسي الذي وضع لأجله".
ويختم حديثه قائلاً:" الخلاصة النهائية التي يمكن الخروج بها هي أن المنظمات والمساعدات الدولية تعمل على إقامة تنمية مستدامة، لكن هناك حالات استثنائية، تفشل دور هذه المؤسسات، وتجعل من قروضها نقمة على الشعوب بدلاً من أن تكون نعمة".
أرقام
61 مليار دولار هو حجم القروض والمساعدات، المحققة حتى السنة المالية 2014، من مجموعة البنك الدولي لتشجيع النمو، وزيادة الرخاء، ومكافحة الفقر
3.2 تريليون دولار هو حجم ديون العالم الثالث لصالح البنك الدولي، في حين وصل الدين العالمي الإجمالي في 2015 إلى 199 تريليون دولار.
إقرأ أيضا: العقول الاقتصاديّة تهجر الأردن