أكد المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات، سالم المسلط، أن الهيئة ستلتقي في مدينة جنيف المبعوث الروسي للشرق الأوسط، سيرفي فيرشيمين، مساء اليوم الاثنين، داعيا الأمم المتحدة إلى "دعوة ذوي الخوذ البيضاء وتكريمهم أثناء المفاوضات، كما حصلوا على تكريم الأوسكار، إن كانت حريصة على دورها الأساسي في حفظ أرواح المدنيين".
وخلال حديثه لـ"العربي الجديد"، قال المسلط: "لا نعلم تماما الموقف الروسي، ولكننا ننتظر مساء هذا اليوم، حيث طلبت روسيا لقاء الهيئة العليا للمفاوضات، وسيكون اللقاء عند السابعة مساء. حتى هذه اللحظة لم يحدد المكان، ونتمنى أن نرى موقفا جديدا لروسيا يدفع هذه المفاوضات باتجاه النجاح".
وشدد المسلط على أن "الهيئة العليا للمفاوضات جاهزة بشكل تام للدخول في مفاوضات مباشرة"، موضحا أنها "جهزت إجاباتها على الورقة التي طرحها المبعوث الأممي، ستيفان دي ميستورا"، ومؤكدا عدم جدية النظام في الخوض في المفاوضات.
وقال: "أعدّ الوفد المفاوض والهيئة الاستشارية المرافقة له الإجابات على ورقة. وقد شكلنا في الهيئة العليا للمفاوضات ورشا قبل المجيء إلى جنيف لترتيب جميع الإجابات عن كل الاحتمالات التي قد تواجهنا، ومن بينها النقاط الثلاثة التي طرحها دي ميستورا"، في إشارة إلى الحكومة والدستور والانتخابات.
وتابع المسلط: "حقيقة بعد ثلاث جولات مضنية، وأمام مماطلة كبيرة من النظام، مازلنا وكأننا نبدأ الجولة من بدايتها. النظام يصرّ على موضوع مكافحة الإرهاب، والجميع يعلم من يدعم الإرهاب في سورية. نريد أن ننتهي من هذا الكابوس في جنيف، ولكن لا يوجد طرف جاد في الجهة المقابلة لنا، بل يستمر النظام في المماطلة وشراء الوقت. إن النظام نظام إجرامي اعتمد على المليشيات الإجرامية والطائفية التي زجّت بها إيران في سورية. لا بد أن تكون هناك جدية لدى المجتمع الدولي حتى يفرض على النظام البدء بمناقشة الانتقال السياسي، وحتى تكون المفاوضات ناجحة لا بد من أن تبدأ بالانتقال السياسي".
وأشار المتحدث ذاته إلى أن "جنيف سيبحث المفاوضات السياسية، بينما سيكون من شأن أستانة بحث وقف الأعمال القتالية"، مشددا على "ضروة أن ينتهي الأمر في أستانة بأسرع وقت لإنهاء معاناة السوريين".
وأوضح: "هناك فصل تام بين جنيف وأستانة.. إن أستانة واحد واثنين معنية بالشأن العسكري ووقف إطلاق النار، ولكن هذه مسؤولية كبيرة تقع على روسيا كونها ضامنا رئيسيا... لم يجر وقف إطلاق نار بالكامل. هناك مناطق دفعت إيران وقوات النظام بكل قواتها إليها، وهذا يثبت أن النظام والداعمين له لا يريدون وقف إطلاق النار. نتمنى أن لا يحصل هناك أستانة ثلاثة وأربعة، نريد أن ينتهي الأمر بأسرع وقت ممكن".
وذكر، في المقابل، أن "جنيف بالنسبة لنا هي عنوان سياسي يستوجب مناقشة الانتقال السياسي".
ودعا المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا للمفاوضات العالم إلى "إدانة جرائم النظام السوري وقصفه للمدنيين"، مشددا على الدور الذي يلعبه "الجيش السوري الحر" في الحرب على الإرهاب وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، والذي بدا واضحا خلال الأيام السابقة بعد طرد التنظيم من مدينة الباب.
وأوضح المسلط أن دعوة مندوب النظام السوري، بشار الجعفري، العالم إلى إدانة الإرهاب هو "حجة لا تنطلي على أحد (للتهرب من الخوض في الانتقال السياسي)، وليس إلا تهربا من المسؤولية والاستحقاق"، مبرزا أنه "إن كان النظام جادا في مكافحة الإرهاب، فإن مكافحته تبدأ بمناقشة الانتقال السياسي. إن هذا كفيل بحد ذاته بأن يجعل جميع السوريين جنودا ضد الإرهاب".
وتابع: "وبينما طالب مندوب النظام الجميع بإدانة الإرهاب، أيضا من حق الشعب السوري أن يقرّ الوفد الذي يمثل النظام بأنه جاء لبحث الانتقال السياسي. الانتقال السياسي الذي نريده هو ما نص عليه بيان جنيف 2012، وما ذكر في بيان مؤتمر الرياض للمعارضة السورية، والذي شمل كل أطياف المعارضة والقوى المسلحة الثورية. لا يمكن للشعب السوري أن يقبل بوجود بشار الأسد لا في مرحلة انتقالية ولا في مستقبل سورية. لا يمكننا أن نتجاوز التضحيات التي قدمها الشعب السوري… ولن نتراجع".
وخلال حديثه عن الإنجازات التي حققتها عملية "درع الفرات"، أكد أن ""درع الفرات" أثبتت للعالم أن السوريين قادرون على مكافحة الإرهاب وقتال "داعش" في حال تم تقديم دعم حقيقي لهم"، وأضاف أن "الانتصارات التي حققتها قوات "درع الفرات" تثبت الجدية في مكافحة الإرهاب… لربما الإرهاب في نظر الغرب هو "داعش" فقط، ولكن الإرهاب في نظر السوريين هو "داعش" والنظام وإيران ومليشياتها... إن "الجيش السوري الحر" هو أول من حارب الإرهاب قبل أي طرف آخر، وكان ذلك في الرقة، لكن طائرات النظام لطالما استهدفته لحماية "داعش"، وهذه الصورة لا يود العالم أن يراها أو أنه يتجنب رؤيتها".
وذكر: "هذا يثبت أنه لو توفر الدعم لـ"الجيش السوري الحر" فإنه قادر على محاربة الإرهاب، وعندما كان هناك دعم جدي في جرابلس استطاع تحريرها خلال 12 ساعة، علما أن جرابلس منطقة كبيرة وليست سهلة. هذا يؤكد، أيضا، أننا نريد الحرب على الإرهاب، ولكننا بحاجة إلى شركاء وداعمين حقيقيين كي نحاربه بشكل صحيح".
وتابع المسؤول في المعارضة السورية: "هناك حرب على "داعش" والإرهاب في الجبهة الجنوبية ومناطق أخرى في سورية، وعندما يكون دعم حقيقي بالسلاح، ولا نحتاج إلى دعم الرجال، إذ لدينا ما يكفي منهم، وكي تكون المعركة متكافئة لا بد من وجود دعم حقيقي".
وعن الموقف من كل من منصة القاهرة ومنصة موسكو، شدد المسلط على ضرورة التوجه إلى المفاوضات بوفد موحد للمعارضة، معبرا عن "انفتاح الهيئة على ضم أي أعضاء جدد"، بالقول إن "مؤتمر الرياض شارك به أكثر من 27 عضوا ممن شاركوا في مؤتمر القاهرة وموسكو"، موضحا أنه "في الهيئة العليا للمفاوضات يوجد تسعة من منصتي القاهرة وموسكو، وفي الوفد المفاوض الحالي يوجد 5 ممن شاركوا في المنصتين، ولكن لغاية ما طلب أن تشارك شخصيات أخرى في وفدنا. نحن لا نعترض، بل ونعتر بمن شارك في القاهرة وموسكو، ونرحب بأن يكون في هذا الوفد الموحد من يحمل هم الشعب السوري، ويلتزم بثوابت الثورة السورية.. في النهاية غايتنا هي رفع هذه المعاناة، ولا يهمنا تعدد الطاولات والمنصات. المهم أن يكون الجميع ملتزما بهذه الثوابت تحت سقف بيان جنيف ومؤتمر الرياض".
وفي تعليقه لـ"العربي الجديد" على جائزة الأوسكار التي حصل عليها فيلم "الخوذ البيضاء" في نيويورك، قال المسلط: "إن ما حصل نعتز به، ويستحق أولئك الأبطال تكريما أكبر، فقد جازفوا بأرواحهم لإنقاذ الأطفال والأسر، وفقدنا الكثير منهم، وهم نخبة من الشباب.. إن هذه الجائزة هي تسليط ضوء على جرائم النظام الحقيقية. لا أعرف لمِ يتقاعس المجتمع الدولي عن إدانة هذه الجرائم"؟
وتابع المسلط: "نطالب بإدانة دولية لما يحدث من جرائم في سورية، ونطالب الأمم المتحدة بتكريم أصحاب الخوذ البيضاء على غرار الأوسكار. وإن كانت الأمم المتحدة جادة في مكافأة من ينقذ الأرواح، عليها دعوتهم إلى جنيف وتكريمهم، والعمل على تسهيل حصولهم على تأشيرات دخول. على الأمم المتحدة دعوتهم خلال المفاوضات".
وعن جدول المفاوضات، دعا المسلط إلى عقد المفاوضات بشكل مستمر ودون أي استراحات، في سبيل التوصل إلى حل بأسرع وقت ممكن، بالقول: "إن طبيعة المفاوضات عشرة أيام، وهناك استراحة، ومن ثم نبدأ بجولة أخرى. نريد أن تكون المفاوضات مباشرة لاختصار الوقت، ونريد أن تكون مستمرة دون أي استراحة.. نريد أن نستمر حتى ننجز شيئا، فقد جئنا إلى جنيف لإنجاز شيء لشعبنا، ولن نتراجع عن ذلك، كما لن نكون سببا في فشل المفاوضات، وتعلمون من يعمل على إفشالها"، في إشارة إلى النظام السوري.