جاء اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين، أمس الاثنين، ليؤكد على تضارب المصالح بين أطرافه، سواء بشأن العلاقة المستقبلية مع الصين أو الجار الأقرب تركيا، وليثبت صعوبة التوافق على توجه مشترك حيال فرض عقوبات على هاتين الدولتين.
أمام هذا الواقع، يبدو أنه ليس هناك من تغيير حقيقي في العلاقة مع الصين، وأن فرض إجراءات عقابية اقتصادية غير وارد بعد أسبوعين من دخول قانون الأمن القومي المثير للجدل حيز التنفيذ في هونغ كونغ، والتي لا يمكن تمرير عقوبات ضدها إلا بالإجماع، والاتحاد أبعد ما يكون عن ذلك، والسبب الرئيسي، وفق ما بينت شبكة ايه ار دي الإخبارية أخيرا، أن بعض دول الاتحاد الأوروبي ترغب بالمشاركة في طريق الحرير الصيني الجديد وتأمل في استثمارات بمليارات اليوروات من بكين، بينها دول مثل اليونان وإيطاليا والمجر.
من جانب آخر، كانت السويد تأمل بالمزيد من الضغط على الصين، من منطلق أن على أوروبا الرد على ما يحدث في هونغ كونغ، وفق تعبير وزيرة الخارجية آن لينده.
لكن السويد أعلنت بعد ذلك موافقتها على مقترح ألماني فرنسي تضمن عدة نقاط، بينها أن يتم مستقبلا حظر تصدير السلع التي يمكن استخدامها لقمع الاحتجاجات. وبالإضافة إلى ذلك يجب أن يتمكن مواطنو هونغ كونغ من البقاء في دول الاتحاد الأوروبي إذا ما كانوا معرضين للاضطهاد السياسي، وغيرها من النقاط الأخرى، بينها مهمة مراقبة الانتخابات هناك.
ويعود السبب أيضا في عدم فرض عقوبات لوجود مصالح لألمانيا مع الصين. وتتضمن خطتها لرئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي للأشهر الستة المقبلة تطوير علاقات استراتيجية مع الصين، ولا سيما أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أعلنت أن محور الرئاسة توسيع العلاقات مع بكين.
وتستند توجهات ميركل إلى أن أوروبا لا يجب أن تخسر الشركات الأوروبية سوقا صينية مهمة مكونة من 1.4 مليار نسمة.
وأمام ذلك طُلب من المفوض الأعلى للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد جوزيب بوريل التوصل إلى نهج جديد للعلاقة مع الصين.
وأشارت صحيفة تاغس تسايتونغ إلى أنه لم يتم ذكر عقوبات اقتصادية في الاجتماعات كما طلب البرلمان الأوروبي سابقا.
وعن العلاقة مع تركيا، أبرزت صحيفة بيلد، اليوم الثلاثاء، أن النزاع حول التنقيب عن الغاز الطبيعي قد يهدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعقوبات من قبل الاتحاد الأوروبي.
وتدفع قبرص باتجاه اتخاذ المزيد من الإجراءات العقابية ضد أنقرة إذا ما أمعنت بتوجهاتها للتنقيب واستكشاف مصادر الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط.
في حين ترفض تركيا مزاعم الحفر غير القانوني وتعتبر أن المياه التي تستكشف فيها الغاز الطبيعي هي جزء من الجرف القاري.
أما فرنسا، والتي تتحدث بلهجة صارمة بوجه تركيا لدعمها الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا في ليبيا، فقد طالب وزير خارجيتها لو دريان بضمان الامتثال الكامل لحظر السلاح باستخدام التفويض المعطى لعملية "إيريني" من قبل الاتحاد الأوروبي، للسيطرة على عمليات نقل الأسلحة إلى ليبيا.
وسط كل ذلك، قال بوريل بعد الاجتماع إنه يريد المحاولة للحد من التوترات وتجنب دوامة العقوبات، آخذا في الاعتبار أن تركيا دولة مهمة للاتحاد الأوروبي.
وهو الأمر ذاته الذي أشار إليه بأسلوب التهدئة وزير الخارجية الألماني هايكو ماس قائلا إن لأنقرة أهمية استراتيجية في قضايا السياسة الخارجية والأمنية الأوروبية.
إلى ذلك، ووفق مصادر محلية، فإن هناك خشية لدى عدد من الدول الأوروبية من أن توقيع عقوبات على تركيا قد يدفعها للتخلي عن اتفاق اللاجئين الموقع مع الاتحاد الأوروبي عام 2016، وهو ما يعقد الأمور بين أعضاء التكتل الأوروبي بخصوص الهجرة غير الشرعية والتسبب بإحداث فوضى عند الحدود اليونانية، إذا ما قرر أردوغان فتح الحدود للمهاجرين.