01 يونيو 2014
المصريون يعيدون اكتشاف أنفسهم
ماهر إبراهيم جعوان (مصر)
لابد للأمة من ميلاد، ولابد للميلاد من مخاض، ولابد للمخاض من آلام. يعيد المصريون اكتشاف أنفسهم، من جديد يشكلون ذاتهم، ووعيهم وتاريخهم وحاضرهم ومستقبلهم ومجدهم، فلا شك أن ما يحدث، الآن، من حراك في الشارع، وتمايز بين الصفوف، هو إعادة اكتشاف الذات، وإعادة بناء الشخصية المصرية الحقيقية، والتي غابت في طي النسيان، بفعل الطغاة أعواما طوال.
وقد تحمل المصريون عذابات ومشقات بلا حدود، لاسيما حين تتدخل المؤسسة العسكرية في إدارة شؤون البلاد. وغريبة حياتهم، تطورت بشكل متناقض وسريع. فقبل ثورة 1952، كانت هناك صفات مميزة للمصريين من الشهامة والمروءة ومقاومة المستعمر والتضحية والفداء والجهاد والحرية والكرامة والمشاركة الجماهيرية واحترام الكبير والعطف علي الصغير وكبير العائلة وصلة الأرحام وتقديم الغير على النفس، فكانت المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة والمصلحة الجماعية قبل المصلحة الفردية. وبعد ثورة 1952، تغيّر المصريون، بفعل أباطيل العسكر، فقلبوا الحقيقة وخونوا الأمين وصدقوا الكاذب وسجنوا الشرفاء وشوهوا صورة الإسلام والمسلمين، فأبعدوا كل ما هو إسلامي، ونكسوا راية البلاد، وأضاعوا سيناء وغزة، وفصلت السودان، وقتل جنودنا في اليمن، وفشلت الوحدة مع السوريين. فتحول مصريون كثيرون إلى مظاهر من الخوف والجبن والخضوع والخنوع، وإلى اللامبالاة والسكوت عن الحق و"امشي جنب الحائط وماليش دعوة" و"الحائط له ودان" و"ها روح وراء الشمس".
وبعد ثورة 25 يناير 2011، أسقط رأس النظام، وتنفس المصريون الصعداء، وجاهدوا للوصول إلى استقرار تشريعي ورئاسي، فكانت انتخابات مجلسي الشعب والشورى والرئاسة، وبدأت الدولة في الوقوف على قدميها. لكن، ظلت الخفافيش تتحرك وتحوم في الظلام، فبعدما سار الشعب في بداية طريق الحرية، عادت الأيادي الخفية لدولة العسكر السحيقة العميقة تتلاعب بالضعفاء، وتشتت انتباههم، وتضعف عزمهم وتصرفهم عن أهدافهم وثوابتهم، وتفتعل أزمات ومشكلات، وتضعف المؤسسات، وتعوق النجاحات، وتظهر السوءات، وتعلي الأنا والذات، وتخون الآخر وتقسم المجتمع، وتقدمت المصلحة الخاصة على العامة، والفردية على الجماعية.
حدثت حالة من فوضى ممارسة الحرية، وحالة من حالات الإسهال اللفظي، تنتاب كثيرين من دون ضبط لعملية الإخراج. وتوج كل ذلك بالانقلاب العسكري المقيت البغيض، والذي تلاعب بإرادة المصريين وأصواتهم واختياراتهم، وقلب الطاولة رأسا على عقب. وعادت دولة مبارك الظالمة بالانتقام والتنكيل، لاسيما بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة، وقتل وحرق وسجن واعتقال وإصابة آلاف المصريين ممن ينادون بالحرية والشرعية الدستورية والقانونية.
هب الشعب من جديد يتدفق من كل حدب وصوب، يلحق آخره أوله، لتنجلي الحقائق رويدا رويداً، وتظهر بشاعة الجرم الذي تعرض له الشعب. وما زلنا في انتظار أن تخرج الثورة أجمل ما فينا (أخلاقنا الأساسية والإسلامية)، بكل ما فيها من روعة وإخلاص وصدق وحب وانتماء، فأخلاقنا تحتاج ثورة إنسانية، وضميراً حياً، فمشكلاتنا مرجعها قلة الضمير، أو انعدامه ببعض الأحيان، ولكي نغير مصرنا العزيزة، لابد أن نغير أنفسنا أولاً
(إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ).
وقد تحمل المصريون عذابات ومشقات بلا حدود، لاسيما حين تتدخل المؤسسة العسكرية في إدارة شؤون البلاد. وغريبة حياتهم، تطورت بشكل متناقض وسريع. فقبل ثورة 1952، كانت هناك صفات مميزة للمصريين من الشهامة والمروءة ومقاومة المستعمر والتضحية والفداء والجهاد والحرية والكرامة والمشاركة الجماهيرية واحترام الكبير والعطف علي الصغير وكبير العائلة وصلة الأرحام وتقديم الغير على النفس، فكانت المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة والمصلحة الجماعية قبل المصلحة الفردية. وبعد ثورة 1952، تغيّر المصريون، بفعل أباطيل العسكر، فقلبوا الحقيقة وخونوا الأمين وصدقوا الكاذب وسجنوا الشرفاء وشوهوا صورة الإسلام والمسلمين، فأبعدوا كل ما هو إسلامي، ونكسوا راية البلاد، وأضاعوا سيناء وغزة، وفصلت السودان، وقتل جنودنا في اليمن، وفشلت الوحدة مع السوريين. فتحول مصريون كثيرون إلى مظاهر من الخوف والجبن والخضوع والخنوع، وإلى اللامبالاة والسكوت عن الحق و"امشي جنب الحائط وماليش دعوة" و"الحائط له ودان" و"ها روح وراء الشمس".
وبعد ثورة 25 يناير 2011، أسقط رأس النظام، وتنفس المصريون الصعداء، وجاهدوا للوصول إلى استقرار تشريعي ورئاسي، فكانت انتخابات مجلسي الشعب والشورى والرئاسة، وبدأت الدولة في الوقوف على قدميها. لكن، ظلت الخفافيش تتحرك وتحوم في الظلام، فبعدما سار الشعب في بداية طريق الحرية، عادت الأيادي الخفية لدولة العسكر السحيقة العميقة تتلاعب بالضعفاء، وتشتت انتباههم، وتضعف عزمهم وتصرفهم عن أهدافهم وثوابتهم، وتفتعل أزمات ومشكلات، وتضعف المؤسسات، وتعوق النجاحات، وتظهر السوءات، وتعلي الأنا والذات، وتخون الآخر وتقسم المجتمع، وتقدمت المصلحة الخاصة على العامة، والفردية على الجماعية.
حدثت حالة من فوضى ممارسة الحرية، وحالة من حالات الإسهال اللفظي، تنتاب كثيرين من دون ضبط لعملية الإخراج. وتوج كل ذلك بالانقلاب العسكري المقيت البغيض، والذي تلاعب بإرادة المصريين وأصواتهم واختياراتهم، وقلب الطاولة رأسا على عقب. وعادت دولة مبارك الظالمة بالانتقام والتنكيل، لاسيما بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة، وقتل وحرق وسجن واعتقال وإصابة آلاف المصريين ممن ينادون بالحرية والشرعية الدستورية والقانونية.
هب الشعب من جديد يتدفق من كل حدب وصوب، يلحق آخره أوله، لتنجلي الحقائق رويدا رويداً، وتظهر بشاعة الجرم الذي تعرض له الشعب. وما زلنا في انتظار أن تخرج الثورة أجمل ما فينا (أخلاقنا الأساسية والإسلامية)، بكل ما فيها من روعة وإخلاص وصدق وحب وانتماء، فأخلاقنا تحتاج ثورة إنسانية، وضميراً حياً، فمشكلاتنا مرجعها قلة الضمير، أو انعدامه ببعض الأحيان، ولكي نغير مصرنا العزيزة، لابد أن نغير أنفسنا أولاً
(إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ).
ورب ضارة نافعة، فتوحدت الأمة من جديد، واستيقظت جينات العزة والكرامة في نفوس الشعوب الأبية، فاستعذبت المعاناة وافترشت الشوارع والميادين وانطلقت من بيوت الله، تضحي بوقتها وجهدها وأموالها وأنفسها، وكل غال وثمين، فداء لدينها وحريتها وشرعيتها.
وأظهر الشعب المصري علامات بارزة، ومعان غاية في الوفاء لهذا الوطن الكريم، فبذل من التضحية والفداء ما الله به عليم، وبرهن بما لا يدع مجالاً للشك أن حب الوطن والانتماء إليه ليس شعاراً أو جنسية، أو أرضاً أو عَلماً أو موقعاً أو شهادة ميلاد فقط، بل الانتماء روح وحب وإحساس وتضحية وفداء والتزام وخلق وسلوك وأمانة ودعوة ورسالة وقدوة وعلم وعمل وتفوق وتقدم وإجادة وتفاهم وقناعة وأدب وتسامح وحوار وذوق عال ومسئولية وكرامة وحرية وريادة ومكانة سامية بين الأمم.
(رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ)
(رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ)