لليوم الثاني على التوالي، سيطر، أمس الأربعاء، هدوء حذر على جبهات القتال الأساسية في مدينة حلب، كبرى مدن الشمال السوري، بانتظار ما سيحمله يوم غد الجمعة، التاريخ المفترض لانتهاء هدنة الساعات العشر التي أعلنت عنها روسيا أمس، وسط اعتقاد واسع لدى المعارضة أن الهدن المتوالية التي تعلن عنها روسيا في حلب، إلى جانب تمديد وقف الغارات، ليسا سوى جزء من مناورة جديدة تستهدف منها تمرير الوقت بانتظار انتهاء استعداداتها لإطلاق عملية عسكرية كبيرة في حلب عقب وصول "أسطول الشمال" إلى السواحل السورية، وبالتزامن مع بلوغ الانشغال الأميركي بالسباق الرئاسي ذروته، خصوصاً أن الشروط التي تضعها موسكو لاستسلام المعارضة تدرك جيداً أن الأخيرة لن توافق عليها بل على العكس فقد جددت رفضها المطلق للإملاءات الروسية، وتمسكها بالبقاء في حلب، ونيتها السيطرة على كامل المدينة.
وتظهر مجريات الأحداث المرتبطة بالشأن السوري أن روسيا تعمل، بحسب تصريحات مسؤوليها وتحركاتها العسكرية أخيراً، على مسارين متلازمين ومتوازيين: سياسي وعسكري. سياسياً، تُقلل روسيا من آمال الوصول لتسوية سياسية قريبة في سورية، وهو ما انعكس بإعلانها أول من أمس الثلاثاء عن إرجاء العملية السياسية إلى أجل غير مسمى، فضلاً عن تأكيد رئيس النظام السوري، بشار الأسد، تمسكه بالاستمرار في منصبه حتى عام 2021 على الأقل.
وفي موقف يعكس نوايا واضحة لفرض الشروط الروسية للحل، أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أمس الأربعاء، أن بلاده تريد تعاوناً "صادقاً" من أجل التوصل إلى حل سياسي في سورية. وقال في مستهل زيارة رسمية إلى اليونان "نامل أن يتوصل شركاؤنا إلى الخلاصات الضرورية لنعمل جميعاً من أجل تعاون صادق (...) على أمل التوصل إلى عملية سياسية تشارك فيها الحكومة والمعارضة". إلا أن الوزير الروسي شدد على ضرورة أن تساعد واشنطن في تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي الذي يندد بدعم المجموعات المتطرفة في سورية. وتابع لافروف بحسب ترجمة أقواله "عندما تبنينا القرار أتذكر كلمات وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، الذي قال: كل جهة تريد المشاركة في العملية (السياسية) عليها قطع علاقاتها مع الإرهابيين". وعلق لافروف على ذلك قائلاً: "لقد مضى عام تقريباً ولا نزال ننتظر تطبيق هذه الأقوال" التي أدلى بها كيري.
كما لا تتوقف روسيا عن إجراء مشاورات مع الدول المعنية بالملف السوري، بما في ذلك المحادثات التي أجراها قائد القوات المسلحة التركية، خلوصي آكار، أول من أمس في موسكو، والتي أكد الجيش التركي في بيان أصدره أمس أنها كانت "بناءة". ولفت إلى أن "المواضيع التي تناولتها المحادثات كانت (التوصل إلى) تسوية بشأن الاشتباكات في سورية وتطبيع الوضع في حلب فضلا عن مواصلة تطوير التنسيق بين الدولتين بهدف إنهاء التهديد الذي يمثله "داعش" تنظيم الدولة الإسلامية". كما تُعلن في الوقت نفسه عن "هدن إنسانية" هدفها الحقيقي كسب الوقت لتعزيز قواتها العسكرية في سورية وقبالة شواطئها، ومن ثم استئناف العمليات والغارات الجوية ضد المعارضة السورية والمدنيين في حلب، وهو السيناريو الذي لا يستبعد حصوله عندما تنتهي مهلة الهدنة المعلنة يوم غد الجمعة.
وتظهر مجريات الأحداث المرتبطة بالشأن السوري أن روسيا تعمل، بحسب تصريحات مسؤوليها وتحركاتها العسكرية أخيراً، على مسارين متلازمين ومتوازيين: سياسي وعسكري. سياسياً، تُقلل روسيا من آمال الوصول لتسوية سياسية قريبة في سورية، وهو ما انعكس بإعلانها أول من أمس الثلاثاء عن إرجاء العملية السياسية إلى أجل غير مسمى، فضلاً عن تأكيد رئيس النظام السوري، بشار الأسد، تمسكه بالاستمرار في منصبه حتى عام 2021 على الأقل.
وفي موقف يعكس نوايا واضحة لفرض الشروط الروسية للحل، أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أمس الأربعاء، أن بلاده تريد تعاوناً "صادقاً" من أجل التوصل إلى حل سياسي في سورية. وقال في مستهل زيارة رسمية إلى اليونان "نامل أن يتوصل شركاؤنا إلى الخلاصات الضرورية لنعمل جميعاً من أجل تعاون صادق (...) على أمل التوصل إلى عملية سياسية تشارك فيها الحكومة والمعارضة". إلا أن الوزير الروسي شدد على ضرورة أن تساعد واشنطن في تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي الذي يندد بدعم المجموعات المتطرفة في سورية. وتابع لافروف بحسب ترجمة أقواله "عندما تبنينا القرار أتذكر كلمات وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، الذي قال: كل جهة تريد المشاركة في العملية (السياسية) عليها قطع علاقاتها مع الإرهابيين". وعلق لافروف على ذلك قائلاً: "لقد مضى عام تقريباً ولا نزال ننتظر تطبيق هذه الأقوال" التي أدلى بها كيري.
كما لا تتوقف روسيا عن إجراء مشاورات مع الدول المعنية بالملف السوري، بما في ذلك المحادثات التي أجراها قائد القوات المسلحة التركية، خلوصي آكار، أول من أمس في موسكو، والتي أكد الجيش التركي في بيان أصدره أمس أنها كانت "بناءة". ولفت إلى أن "المواضيع التي تناولتها المحادثات كانت (التوصل إلى) تسوية بشأن الاشتباكات في سورية وتطبيع الوضع في حلب فضلا عن مواصلة تطوير التنسيق بين الدولتين بهدف إنهاء التهديد الذي يمثله "داعش" تنظيم الدولة الإسلامية". كما تُعلن في الوقت نفسه عن "هدن إنسانية" هدفها الحقيقي كسب الوقت لتعزيز قواتها العسكرية في سورية وقبالة شواطئها، ومن ثم استئناف العمليات والغارات الجوية ضد المعارضة السورية والمدنيين في حلب، وهو السيناريو الذي لا يستبعد حصوله عندما تنتهي مهلة الهدنة المعلنة يوم غد الجمعة.
وقد تعرضت قوات نظام الأسد، والمليشيات الطائفية في حلب، لهزائم خلال الأيام القليلة الماضية أمام قوات المعارضة. وكانت الأخيرة بدأت صباح الجمعة الماضي، هجوماً مضاداً من المحور الغربي للمدينة، ما أدى إلى انهيارات واسعة في دفاعات قوات النظام، دفعتها إلى الانسحاب من مواقع هامة، منها "ضاحية الأسد". وأكدت المعارضة أن عملية "ملحمة حلب الكبرى" لن تتوقف حتى كسر الحصار عن معاقلها في شرق المدينة، ومن ثم طرد النظام والمليشيات من بقية أحياء المدينة.
وسارعت واشنطن المنشغلة بالانتخابات الرئاسية، إلى رفض التصريحات الروسية حيال العملية السياسية في سورية. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية جون كيربي يوم الثلاثاء، "نحن لا نفكر مثل روسيا بإرجاء اللقاءات السياسية إلى أجل غير مسمى، ولا نريد أن يكون بشار الأسد جزءاً من سورية على المدى البعيد".
وتحاول روسيا، بحسب مراقبين، خداع المجتمع الدولي مستفيدة من إدارة أميركية "تتوعد ولا تنفذ"، من خلال إعلان هُدنٍ متلاحقة في حلب، تتضمن شروطاً تدرك أن المعارضة السورية لا ترضخ لها على الإطلاق. ومن بين هذه الشروط خروج المعارضة من المدينة. لكن اللعبة الروسية واضحة ومكشوفة في هذا الشأن، إذ تريد موسكو خلق مبررات أمام المجتمع الدولي لتغطية خيار التصعيد العسكري أو ما يمكن تسميته بـ"خيار غروزني" في حلب.
وتؤكد التحركات الروسية الأخيرة أن موسكو بصدد القيام بعمل عسكري حاسم في حلب، كمحاولة أخيرة لفرض إرادتها على المجتمع الدولي، وإجبار المعارضة على توقيع صك استسلام، من خلال ارتكاب مجازر جديدة بحق نحو 300 ألف مدني محاصرين في المدينة.
وفشلت روسيا في استنساخ سيناريوهات التهجير، التي طُبّقت ضمن مناطق بريف دمشق في مدينة حلب. إذ رفضت المعارضة عروضاً بالانسحاب منها، بل انتقلت إلى الهجوم من خلال ضرب مواقع النظام غربي حلب في الأيام القليلة الماضية، متوعدة بالمزيد خلال الأيام المقبلة، لكسر حصار النظام عن الأحياء التي تسيطر عليها داخل مدينة حلب. وأكدت المعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري، أنه لا يمكن الوثوق بروسيا، مشيرةً إلى أنها تتصرف في سورية "تصرّف محتلين"، وأن قرار نظام الأسد بات بيدها.
المعارضة ترفض المغادرة
في هذا الصدد، شدد القيادي في "الجيش السوري الحر"، أبو الصادق، المشارك في معركة "ملحمة حلب الكبرى"، أن روسيا "خصم"، مشيراً إلى أن فصائل المعارضة المسلحة "لا تثق بها". وأضاف في حديث مع "العربي الجديد" أمس الأربعاء، أن الطيران الروسي لم يوقف قصفه على حلب. وتساءل القيادي في المعارضة السورية المسلحة "كيف نترك أرضنا، بيوتنا، وبلادنا للمليشيات الطائفية الأجنبية المحتلة. لن نترك بلادنا لأحد، ومستعدون للموت في سبيل حريتها".
وتتخذ روسيا من "جبهة فتح الشام" ذريعة للفتك بفصائل المعارضة التي يصفها المجتمع الدولي بـ"المعتدلة". وهي ضربت هذه الفصائل بعنف خلال تدخلها العسكري في سورية، والذي دخل عامه الثاني، متخذة من "محاربة الإرهاب" ذريعة له. ولم تنجح موسكو في إدخال "حركة أحرار الشام الإسلامية" و"جيش الإسلام" في تصنيف "الجماعات الإرهابية"، كما أنها لم تعترف بإعلان "جبهة النصرة" فك ارتباطها بـ"القاعدة"، وتحولها إلى فصيل تحت تسمية جديدة هي "جبهة فتح الشام".
وتَجهد روسيا لفرض وقائع على الجغرافيا السورية، تربك الرئيس الأميركي المقبل، وتفرض عليه التعامل مع "الأمر الواقع" الذي تسعى لخلقه في سورية. وتأمل موسكو بالحفاظ على المكاسب التي حققتها في شرق المتوسط. ويرجح مراقبون غربيون تصاعد المواجهة بين الولايات المتحدة وموسكو، في حال وصول المرشحة الديمقراطية، هيلاري كلينتون، للرئاسة الأميركية، وأن سورية ستكون مسرح "تكاسر إرادات" محتمل بين واشنطن وموسكو. وهو سيناريو تستعد له الأخيرة، من خلال تعزيز مكاسبها بضرب المعارضة في حلب، وحصرها في بقعة جغرافية ضيقة وهي محافظة إدلب تمهيداً للانقضاض عليها.