يُنتظر أن تواجه الحكومة المغربية عام 2019، مطالب ذات صلة بالأجور، في سياق متسم بتعبير الأسر عن ترقبها لغلاء المعيشة في الأشهر المقبلة، وهو ما كان محركاً عام 2018 لحركة احتجاجية غير مسبوقة تمثلت في المقاطعة.
ويعتقد الحسين اليمني، القيادي باتحاد الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أن العام 2019 سيشهد اشتداد المطالب حول الزيادة في الأجور، التي لم تعد توفر قدرة شرائية للأسر، مع ارتفاع معدل التضخم.
ويضيف في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الحوار الاجتماعي لا يُختزل فقط بالأجور وتحسين الدخل، الذي يفترض أن يشمل الموظفين الحكوميين وأجراء القطاع الخاص، بل لا بد من أن يتناول إرساء آليات لمراعاة تأثيرات التوترات التضخمية المتصاعدة.
ولم يشهد المغرب إضرابات عامة سنة 2018، غير أن نوعا من الاحتقان لوحظ في العديد من القطاعات، بخاصة لدى الأساتذة المتعاقدين، والأطباء، والممرضين والعاملين في النقل، حيث اختلفت مبررات الاحتجاجات لتلتقي عند تحسين وضعيتهم المالية والشكوى من ارتفاع الأسعار، ولـ"تجنيبهم الهشاشة".
لكن عام 2017 عرف مسيرتين احتجاجيتين وطنيتين بالدار البيضاء والرباط، دعت إحداهما إلى محاربة الفساد، واستنكرت الثانية تردي الأوضاع المعيشية وطالبت بالعدالة الاجتماعية.
وتدل المؤشرات الحالية على أن الاتحادات العمالية قد تدخل في اختبار قوة مع الحكومة عام 2019، خصوصاً بعد فشل جولات الحوار الاجتماعي على مدى عام كامل، بسبب الخلاف حول مستوى الزيادات في الأجور والمشمولين بها من الموظفين، علماً أن القطاع الخاص لم يبد حماسة لزيادة أجور الأجراء.
وستكون الأسعار في قلب انشغالات المغاربة في العام الجديد، بخاصة في ظل عدم سيادة الاعتقاد بعدم عكس معدل التضخم العام المتوقع في حدود 1%، تمثل الأسر لمستوى الغلاء الذي تعاني منه، خاصة مع اضطرارها لبذل مجهود في الصحة والتعليم.
ويُرتقب أن يرتفع الضغط على الحكومة من أجل تيسير توفير فرص العمل، على اعتبار أن البطالة تطاول 1.17 مليون شخص، حيث يبقى معدلها مرتفعاً بين الحاصلين على شهادات وشباب المدن، ما دفع بالعاهل المغربي محمد السادس، إلى دعوة الحكومة لتنظيم مؤتمر وطني للتشغيل والتكوين.
وسبق أن شهد المغرب حركة غير مسبوقة، تمثلت في الدعوة لمقاطعة منتجات 3 شركات وازنة في قطاعات الوقود والحليب والمياه المعدنية، التي تكبدت خسائر كبيرة. وتميّزت الاحتجاجات باستثمارها وسائط التواصل الاجتماعي، منذ 22 إبريل/ نيسان الماضي، ما فأجأ السلطات العمومية والمهنيين، الذين سعوا إلى احتواء غضبة "الفيسبوكيين"، بالإعلان عن تدابير لإحداث نوع من المصالحة.
الاقتصادي المغربي محمد الشيكر، يشير إلى أن المقاطعة كشفت أن هناك طرقاً جديدة للاحتجاج يمكن أن تتطوّر خارج الوسائل التقليدية، مؤكداً أن حركة "السترات الصفراء" في فرنسا، التي استلهمت نموذج احتجاجات "الربيع العربي" والمقاطعة في المغرب، أبرزت أن الحكومات تواجه أنماطاً جديدة من الاحتجاجات من دون قيادة أو ناطقين رسميين.
وحسب الشيكر، فإن امتصاص الاحتقان الاجتماعي يبقى مرهوناً باستعادة ثقة المجتمع، وبطبيعة النموذج التنموي الذي يُنتظر الإعلان عنه، معتبراً أنه إذا ما سار النموذج باتجاه مزيد من الانفتاح وتفكيك بعض المكتسبات، مثل مرونة سوق العمل، كما يطلب البنك الدولي، فإن هذا سيُعزّز الاحتقان الاجتماعي.