وينتظر أن يقضي العاهل السعودي 3 أيام أخرى في زيارات وجولات بمناطق مختلفة، بعضها للاستجمام بمنطقة ساحلية، حيث تعتبر هذه الزيارة هي الأولى للملك سلمان إلى القاهرة بعد توليه الحكم.
وبعد مراسيم الاستقبال الرسمي، وجلسة مباحثات ثنائية بين السيسي والملك سلمان اليوم، من المقرر أن يجري الطرفان جلسة مباحثات ثانية غدا الجمعة، يعقبها ترؤس مراسيم توقيع 14 اتفاقية بين البلدين، وجلسة مباحثات ثنائية موسعة. كما سيعقد لقاءً مع أعضاء مجلس الأعمال المصري السعودي، ليجتمع، بعده، الوزراء من الجانبين في إطار الاجتماع السادس للمجلس التنسيقي الأعلى.
ومن المقرر أن يصدر الطرفان بياناً ختامياً مشتركاً للزيارة في صورة "إعلان"، على شاكلة "إعلان القاهرة" الذي صدر عن اللقاء الأخير بين السيسي وولي ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، العام الماضي.
وقالت مصادر مصرية إن السيسي سيمنح الملك، خلال الزيارة، قلادة النيل من الطبقة الأولى، وهي أعلى وسام مصري يحصل عليه ملوك ورؤساء الدول المهمة، والمواطنون المصريون الذين حققوا إنجازات غير مسبوقة، وذلك "اعترافاً بفضل الملك سلمان على مصر، وبرهاناً على قوة العلاقات الثنائية بين البلدين"، حسب قول المصادر.
ومن المتوقع، أيضاً، أن يزور الملك سلمان منطقة إنشاء جامعة باسمه في جنوب سيناء، وتجمعات بدوية حولها بمساعدات سعودية قدرها 1.5 مليار دولار، ويتضمن البرنامج المبدئي، أيضاً، زيارة منطقة هضبة الجلالة، التي يخطط السيسي لأن تكون محطة جذب أساسية للسائحين السعوديين، من خلال إنشاء مارينا خاصة لليخوت وتجمعات سكنية راقية بالقرب من جامعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
وأصدرت الرئاسة المصرية بياناً قالت فيه إن "مصر لن تنسى مواقف الملك سلمان المُقدّرة والمشرفة إزاء مصر وشعبها، وأن هذه الزيارة تشهد ترحيباً كبيراً من جانب مصر قيادةً وحكومةً وشعباً، وتعكس خصوصية العلاقات المصرية السعودية، وما يجمع بين الشعبين الشقيقين من روابط تاريخية وثقافية راسخة وتاريخ مشتركٍ ومصيرٍ واحد".
وأضاف البيان أن "الزيارة تعتبر تتويجاً للعلاقات الأخوية الوطيدة التي تجمع بين البلدين. كما يتزامن توقيت الزيارة مع تعرُض المنطقة لتحديات كبيرة في ضوء ما يمر به عدد من الدول العربية من اضطرابات، وما تواجهه من أزمات، وهو ما يؤكد أهمية مواصلة التعاون والتنسيق المكثف بين مصر والسعودية حول مختلف الملفات الإقليمية بما يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار بالشرق الأوسط".
وقال المتحدث باسم الرئاسة، علاء يوسف، أن "المحادثات ستتناول التنسيق والتعاون بين البلدين في مواجهة ما يتعرض له الأمن القومي العربي والخليجي من مخاطر إقليمية وخارجية، بالإضافة لموضوعات التعاون الاقتصادي بين البلدين بجانب كبير من المباحثات، وذلك في ضوء حرص الجانبين على دعم وتوثيق العلاقات الاقتصادية والتجارية، بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين".
ولم يشر بيان الرئاسة المصرية أو متحدثها الرسمي إلى الجهود التي يبذلها الملك سلمان لرأب الصدع في العلاقة بين مصر وتركيا، والتأثير على السيسي لحضور القمة الإسلامية المقررة الشهر الحالي في اسطنبول، لتسليم رئاسة القمة إلى تركيا، رغم أن المصادر الدبلوماسية تؤكد أن هذا الملف على رأس أجندة المحادثات السياسية خلال الزيارة.
ويسعى النظام المصري إلى استغلال الزيارة للتسويق لـ"جودة العلاقات الثنائية بين البلدين"، وللإيحاء بعدم وجود أي خلافات في المواقف، رغم الخلاف القائم حول التعاون مع تركيا وقطر، وملفات القوى الإسلامية الرئيسية في المنطقة، وعلى رأسها حركة "حماس".
وتؤكد مصادر دبلوماسية مصرية أن السيسي، كعادته في مراحل العلاقة مع السعودية وغيرها من الدول الخليجية الداعمة له، يرغب في تحييد موضوع تركيا وقطر في المرحلة الحالية، والتركيز على تطوير العلاقات الثنائية مع السعودية، بتكريس معادلة "التعاون الأمني والعسكري والمخابراتي، وتسهيل الاستثمار، مقابل استمرار تدفق المساعدات الاقتصادية".
ومن بين القضايا الخلافية بين مصر والسعودية قضية القوة العربية المشتركة، بعد أن قطعت السعودية الطريق أمام السيسي عدة مرات لتدشينها، حيث كان يرغب في تمرير هذا المشروع تحت مظلة جامعة الدول العربية، وهو ما رفضته السعودية، واختارت المضي قدماً في مشروعها المستقل بقيادة تحالف عسكري إسلامي سني، بما يحمله من تحد للقوى الإقليمية المناوئة لها، وأبرزها إيران.
من جهته، لا يريد السيسي المشاركة في "تحالف إسلامي بمظلة دينية أو عقائدية"، بل يريد الاقتصار على الدول العربية حتى لا يجد نفسه مضطراً لخوض معارك لا تعني نظامه، ويريد فقط تكرار سيناريو مشاركته، التي وصفتها السعودية أكثر من مرة بالفاعلة، في عمليات "عاصفة الحزم" باليمن، ومضيق باب المندب.
ونظراً لضخامة المساعدات الاقتصادية والاستثمارية التي ينتظر أن تستفيد منها مصر بعد الزيارة، خاصة على صعيد سعي مصر لتأمين احتياجاتها البترولية خلال السنوات الخمس القادمة، أعد السيسي للهاهل السعودي احتفاليات إعلامية وميدانية للترحيب به، إلى جانب مراسم الاستقبال الرسمي والتكريم بأرفع وسام للجمهورية.
وقد صدرت معظم الصحف المصرية، اليوم، بما فيها جميع الصحف الحكومية، بملحقات دعائية خاصة لتكريم الملك سلمان، والترحيب به، حيث قالت مصادر مطلعة إنها ممولة من رجال أعمال مصريين مقربين من النظام، وأعضاء بمجلس الأعمال المصري السعودي، ومستثمرين سعوديين.
إلى ذلك، جرى الاتفاق على تخصيص فترة تليفزيونية مفتوحة عبارة عن بث مشترك بين التليفزيونين المصري والسعودي لمدة 3 أيام، ستخصص للحديث عن العلاقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية بين البلدين، وستتخللها فقرات فنية يقدمها مطربون مصريون وسعوديون.