المنافسة الإعلامية دفعت جيش الاحتلال لرفع حظر النشر عن ضرب المفاعل السوري

21 مارس 2018
حضر رفيف دروكر فيلماً وثائقياً حول العملية (فرانس برس)
+ الخط -

بعد ساعات من رفع حظر النشر الرسمي عن عملية "أريزونا" أو "خارج الصندوق" التي استهدفت المفاعل النووي السوري في دير الزور عام 2007، ظهرت حالة تنافس بين وسائل الإعلام الإسرائيلية على نشر الموضوع، ومحاولة جيش الاحتلال الإمساك بخيوط العملية وإدارتها، كي يتسنى له السيطرة، قدر الإمكان، على مقاليد الأمور من جهة، وضمان توجيه رسائله باستغلال النشر رسمياً عن العملية المذكورة.

وعلى الرغم من أن التقارير الأجنبية أشارت إلى حدوث العملية في حينها، إلا أن دولة الاحتلال الإسرائيلي لم تعترف رسمياً بدورها في العملية، من باب محاولة منع إذلال رئيس النظام السوري، بشار الأسد، أكثر من اللازم، لضمان عدم حدوث رد عسكري من جانبه، لكن تصريحاً "منفلتاً" بعد أيام من العملية، على لسان رئيس حكومة الاحتلال الحالي، بنيامين نتنياهو، الذي كان حينها في فريق المعارضة، أشار إلى الدور الإسرائيلي.

عمد نتنياهو، في تصريحه حينها، إلى استعادة دوره في المشهد الإسرائيلي، باعتباره زعيم المعارضة الذي يؤيد الحكومة، حين يتعلق الأمر بالأمن القومي.



وتبع تصريح نتنياهو هذا، تصريح مشابه في 2008، صدر عن الوزير العربي الوحيد الذي أُدخل حكومة إيهود أولمرت، عن "حزب العمل"، غالب مجادلة، الذي أشار إلى دور إسرائيل في العملية. علماً أن التوجه الرسمي للحكومة الإسرائيلية كان الصمت التام، على الأقل في الأسابيع الأولى، بغية عدم إحراج نظام الأسد، وتفادي استفزازه، لدرجة لجوئه إلى رد عسكري من شأنه أن ينقلب إلى حرب شاملة.

في المقابل، يتضح اليوم أن قرار الجيش رفع الحظر عن تفاصيل العملية، جاء بعد أن قدمت "القناة العاشرة" ومراسلها رفيف دروكر، التماساً إلى محكمة العدل العليا بالسماح ببث الفيلم الوثائقي الخاص عن العملية، خاصة بعدما تبيّن أن رئيس الحكومة السابق، إيهود أولمرت، ورئيس الموساد السابق، مئير داغان، اتخذا القرار سوية مع وزير الأمن آنذاك، إيهود باراك، ووافقوا على الحديث إلى دروكر عن العملية.

واضطر الجيش، بعد أن وافقت المحكمة على أن يُبث البرنامج الوثائقي، مساء اليوم الأربعاء، إلى استباق النشر بإصدار بيان رسمي عن العملية، عُمم عند منتصف الليل، وأشار إلى أن حظر النشر سيبقى ساري المفعول حتى الساعة الخامسة من فجر الأربعاء.



وجاءت هذه التطورات أيضاً، بعد أن قدم أولمرت طلباً مماثلاً للسماح بنشر كتابه عن سيرته السياسية، بعد إخضاعه للرقابة العسكرية. وصدر الكتاب فعلياً، قبل يومين، وهو موجود الآن في مخازن المكتبات، بانتظار بدء تسويقه، نهاية الأسبوع الحالي، وفق ما علم "العربي الجديد".

إلى ذلك، فإن نشر الصحافي الإسرائيلي، بن كاسبيت، تصريح نتنياهو المذكور (جاء في الصفحة 204 من الكتاب الذي يحمل عنوان: نتنياهو سيرة ذاتية) والنقاش الذي دار في وسائل الإعلام، وإعداد فيلم "القناة العاشرة" للصحافي رافيف دروكر، دفعا الصحف الإسرائيلية ووسائل الإعلام الأخرى، إلى إعداد تحقيقات حول القضية، كانت جاهزة كلها في نشراتها الصباحية اليوم، ما يوحي بأن إلغاء القرار بحظر النشر كان شبه جاهز وبقي التوقيت فقط، وهو ما حدده أكثر، التماس "القناة العاشرة" وإعلانها عن بث الفيلم الوثائقي عن العملية، مساء اليوم الأربعاء.

ويبيّن البيان الذي عممه جيش الاحتلال الإسرائيلي، بعد منتصف ليل الثلاثاء-الأربعاء، أن الجيش حاول تأخير قرار رفع الحظر عن نشر أي معلومات، كي يمسك بالخيوط ويمرر رسالته، باعتباره المؤسسة الأمنية الأعلى في إسرائيل، مع ربط العملية في سورية بالملف الإيراني حالياً.