كان مواطناً عادياً يتمتع بتعليم جامعي لا يؤهل لكثير من الفرص. شاب من ملايين الشباب العرب الذين يملكون قدراً محدوداً من الثقافة، وقدراً يسيراً من المعارف، وبالتالي فرصاً محدودة للعمل، وفرصة أكبر للانضمام إلى طوابير البطالة.
هو واحد من كثيرين يبحثون عن عمل يوفر ما يسد الرمق. ليس هذا ذنبه، ولا هي نقيصة، وإنما هذا حال غالبية شباب العرب، أو بالأحرى جريمة حكامهم.
دفعته الأوضاع المزرية وليس الرغبة في خوض غمار السياسة، إلى المشاركة في الثورة على الحاكم المستبد الفاشل أملاً في التغيير. كان مثل أغلب أقرانه لا يملك أدنى رؤية لما يمكن أن تؤول إليه الأمور. كان مدفوعاً بالرغبة في إنهاء الوضع القائم، بغض النظر عن المستقبل.
لكن حاله تغير بالكلية عندما اختير ضمن آخرين، ليكون ممثلاً عن الحراك الثوري في وسائل الإعلام.
لا يمكن الحديث عن أسباب اختياره دون الإشارة إلى سيطرة الأجهزة الأمنية على وسائل الإعلام، وفرضها أشخاصاً بعينهم وتغييب آخرين.
في فترة وجيزة، بات وجهاً معروفاً ينقل عنه الصحافيون وتستضيفه القنوات، ويتابعه الآلاف عبر مواقع التواصل، كما أصبح يحضر ندوات ومنتديات، ويدعى إلى مؤتمرات محلية ودولية.
تغيّر أسلوب حياته بما يناسب الوضع الجديد، حتى أنه اقتنى سيارة صغيرة للحركة بين جنبات المدينة للمشاركة في الفعاليات المتزامنة.
في مرحلة الانتقال كانت الأمور غير واضحة المعالم، لكن حب الشهرة والظهور كان يفرض عليه مواصلة الإدلاء برأيه، حتى لو كان الكلام مبهماً بلا قيمة. تعلّم لاحقاً كيف يفتعل مشادات وخلافات لمجرد البقاء في الضوء.
تم استخدامه عدة مرات لتمرير معلومات كاذبة، وكان عنصراً فعالاً في حملات ممنهجة لتشويه نشطاء منافسين، عندها اكتشف أن عليه تحديد ما يجب أن يكون عليه مصيره بعد أن "راحت سَكرة الثورة، وبقيت سكرة الشهرة".
جلس إلى نفسه يخطط لمستقبله. مازال في داخله المواطن البسيط الحالم بالتغيير يصارع الناشط الذي ذاق حلاوة الشهرة والمكاسب المادية الناتجة عنها.
أصبح أمام خيارين، الأول أن يتمسك بشهرته ومصالحه والبقاء تحت الأضواء مواصلاً الظهور الإعلامي والندوات والمؤتمرات التي تحتم عليه أن يظل قريباً من السلطة، عسى أن يسلم على الأقل من الأذى. والثاني أن يتمسك بمبادئ ثورة شارك فيها، ويواصل محاولات تغيير النظام مع أقرانه أملاً أن تتغير أوضاع البلاد، عسى أن يحتفظ باحترامه لنفسه.
كانت مصلحته الشخصية والشهرة والمال في الاختيار الأول، ومبادئه ومستقبل بلاده في الاختيار الثاني. لم يستغرق وقتاً طويلاً. اختار مصلحته.
اقــرأ أيضاً
هو واحد من كثيرين يبحثون عن عمل يوفر ما يسد الرمق. ليس هذا ذنبه، ولا هي نقيصة، وإنما هذا حال غالبية شباب العرب، أو بالأحرى جريمة حكامهم.
دفعته الأوضاع المزرية وليس الرغبة في خوض غمار السياسة، إلى المشاركة في الثورة على الحاكم المستبد الفاشل أملاً في التغيير. كان مثل أغلب أقرانه لا يملك أدنى رؤية لما يمكن أن تؤول إليه الأمور. كان مدفوعاً بالرغبة في إنهاء الوضع القائم، بغض النظر عن المستقبل.
لكن حاله تغير بالكلية عندما اختير ضمن آخرين، ليكون ممثلاً عن الحراك الثوري في وسائل الإعلام.
لا يمكن الحديث عن أسباب اختياره دون الإشارة إلى سيطرة الأجهزة الأمنية على وسائل الإعلام، وفرضها أشخاصاً بعينهم وتغييب آخرين.
في فترة وجيزة، بات وجهاً معروفاً ينقل عنه الصحافيون وتستضيفه القنوات، ويتابعه الآلاف عبر مواقع التواصل، كما أصبح يحضر ندوات ومنتديات، ويدعى إلى مؤتمرات محلية ودولية.
تغيّر أسلوب حياته بما يناسب الوضع الجديد، حتى أنه اقتنى سيارة صغيرة للحركة بين جنبات المدينة للمشاركة في الفعاليات المتزامنة.
في مرحلة الانتقال كانت الأمور غير واضحة المعالم، لكن حب الشهرة والظهور كان يفرض عليه مواصلة الإدلاء برأيه، حتى لو كان الكلام مبهماً بلا قيمة. تعلّم لاحقاً كيف يفتعل مشادات وخلافات لمجرد البقاء في الضوء.
تم استخدامه عدة مرات لتمرير معلومات كاذبة، وكان عنصراً فعالاً في حملات ممنهجة لتشويه نشطاء منافسين، عندها اكتشف أن عليه تحديد ما يجب أن يكون عليه مصيره بعد أن "راحت سَكرة الثورة، وبقيت سكرة الشهرة".
جلس إلى نفسه يخطط لمستقبله. مازال في داخله المواطن البسيط الحالم بالتغيير يصارع الناشط الذي ذاق حلاوة الشهرة والمكاسب المادية الناتجة عنها.
أصبح أمام خيارين، الأول أن يتمسك بشهرته ومصالحه والبقاء تحت الأضواء مواصلاً الظهور الإعلامي والندوات والمؤتمرات التي تحتم عليه أن يظل قريباً من السلطة، عسى أن يسلم على الأقل من الأذى. والثاني أن يتمسك بمبادئ ثورة شارك فيها، ويواصل محاولات تغيير النظام مع أقرانه أملاً أن تتغير أوضاع البلاد، عسى أن يحتفظ باحترامه لنفسه.
كانت مصلحته الشخصية والشهرة والمال في الاختيار الأول، ومبادئه ومستقبل بلاده في الاختيار الثاني. لم يستغرق وقتاً طويلاً. اختار مصلحته.