مصر: دعوة للتضامن مع أهالي جزيرة الوراق ضد التهجير

16 أكتوبر 2024
مبان مهدمة جزئياً في جزيرة الوراق في الجيزة، أغسطس 2022 (فرانس برس)
+ الخط -

دشنت منظمات حقوقية عريضة توقيعات إلكترونية لإعلان تضامنها وانضمامها لمطالب عائلات جزيرة الوراق المصرية، عقب اجتماعها يوم 11 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وتمسك الأهالي بأراضيهم ومنازلهم، وحقهم في تملك منازلهم مرة أخرى بعد تطوير الجزيرة، واستكمال العلاج للمصابين في هجمات قوات الأمن، الذين أُصيب بعضهم بعاهات دائمة، ورفع الحصار المفروض على سكان الجزيرة وعودة حركة المعديات إلى عملها.

وطالب الموقعون الحكومة المصرية برفع الحصار الأمني المفروض على أهالي جزيرة الوراق منذ عام 2017 حتى يومنا هذا، والذي نتج عنه استحواذ هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة على ما يقرب من 71% من أراضي الجزيرة بالإكراه.

الصورة
صور متداولة لعملية الإخلاء في جزيرة الوراق، 3 أغسطس 2024 (فيسبوك)
صور متداولة لعملية الإخلاء في جزيرة الوراق، 3 أغسطس 2024 (فيسبوك)

وقال الموقعون: "منذ السادس عشر من يوليو/تموز 2017، يواجه سكان جزيرة الوراق اقتحامات متكررة من قوات الشرطة لإخلاء منازلهم بالإكراه، الأمر الذي نتج عنه مقتل أحد السكان، وإصابة العشرات، ولا يزال حتى اليوم عدد من الأهالي رهن الحبس بتهم الانضمام إلى جماعة إرهابية". مضيفين: "تعتبر ممارسات الحكومة المصرية في تجريف الأراضي الزراعية في الجزيرة تهديدا لاستدامة البيئة الطبيعية، ما يقضي على المصادر الحيوية التي تعتمد عليها المجتمعات المحلية. علاوة على ذلك، فإن هذه السياسات لا تقتصر على التأثير البيئي فقط، بل تؤثر أيضًا على حقوق الأفراد في الوصول إلى الموارد الطبيعية وضمان الأمن الغذائي".

تجريف أراضي جزيرة الوراق يهدد البيئة

واعتبر الموقعون أن "هذا التجريف يعد تهديدًا فعليًا للبيئة المستدامة وحق الأجيال القادمة في بيئة صحية، ما يفرض علينا جميعا التدخل لحماية هذه الأراضي والحفاظ على حقوق الإنسان في هذا السياق. وخاصة أن الحكومة تبرر موقفها بضرورة إخلاء الجزيرة لتنفيذ مشروع (مدينة حورس) الذي يسعى إلى تحويل الجزيرة إلى مركز تجاري عالمي، يتضمن بناء أبراج سكنية وتجارية وفنادق. ونتيجة لذلك، تناقصت الأراضي الزراعية في الجزيرة بشكل كبير. ترى الحكومة أن تحقيق الأرباح من هذا المشروع المالي والتجاري أفضل من الاحتفاظ بالطبيعة الزراعية المستدامة للجزيرة".

وأضاف الموقعون على العريضة: "مع ذلك، فإن هذه السياسات الحكومية تنتهك الدستور المصري، الذي يجرم عمليات التهجير القسري. كما أن الحكومة تخالف المعاهدات والمواثيق الدولية التي تؤكد ضرورة التفاوض مع الأهالي قبل الشروع في أي مشروع تنموي". مشيرين في بيانهم إلى أن الحصار الأمني المفروض على الجزيرة ينتهك حقوق السكان الأساسية في الحياة والسلامة الشخصية. حيث يعيش سكان الوراق تحت حصار مستمر، ما دفعهم إلى تنظيم تظاهرات واحتجاجات مستمرة. متسائلين: "هل هناك حل؟ يبدو أن استخدام القوة لم يكن مجديًا في حل الأزمة، بينما يأمل سكان الجزيرة التوصل إلى تسوية تحفظ حقوقهم وتجنب المزيد من النزاع".


واختتم الموقعون عريضتهم مؤكدين أن جزيرة الوراق ستظل رمزًا للصراع بين التنمية وحقوق المواطنين في مصر، قائلين: "تستمر القضية موضوعاً للنقاش حول التوازن بين حق المواطنين في العيش على أراضيهم، وتوجه الدولة نحو تحقيق المشاريع التنموية الكبرى".

وطالب الموقعون على العريضة بـ"الالتزام الكامل بالمادة 63 من الدستور المصري التي تعتبر التهجير القسري جريمة لا تسقط بالتقادم، وكذلك الالتزام بمعاهدات مصر الدولية بشأن الحق في السكن الملائم والحماية من الإخلاء القسري بوصفهما جزءاً من "الحق في مستوى معيشي كاف" كما جاء في المادة 11 (1) من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسنة 1966".

ويذكر التعليق العام رقم 7 لسنة 1997 الصادر من لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمنبثقة عن العهد أنه قبل الشروع في أي عملية إخلاء، يتعين على الدول الأطراف ضمان بحث جميع البدائل المتاحة بالتشاور مع المتضررين، لتجنب استخدام القوة، ويجب أن تكون هناك سبل انتصاف وإجراءات قانونية متاحة للمتضررين من أوامر الإخلاء، بالإضافة إلى ضمان حق الجميع في الحصول على تعويض عادل عن الممتلكات المتضررة.

وأكّد الموقعون على أنه ينبغي ألا تؤدي عمليات الإخلاء إلى تشريد الأفراد أو انتهاك حقوق الإنسان الأخرى. وفي حال عدم قدرة المتضررين على إعالة أنفسهم، يجب على الدولة توفير سكن بديل أو إعادة توطين ملائمة. وفي الحالات المبررة للإخلاء، يجب تنفيذ العملية وفقًا للقوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، مع الامتثال لمبادئ التناسب والمعقولية.

كما أشاروا إلى أنه يجب ضمان التشاور الحقيقي مع المتضررين، ومنحهم مهلة كافية، وتوفير المعلومات حول الإخلاء والغرض البديل من الأرض، فضلاً عن حضور مسؤولين حكوميين أثناء العملية، وتحديد الأفراد المسؤولين عنها بوضوح. مع تجنب الإخلاء في الظروف الجوية السيئة أو الليل، مع إتاحة سبل الانتصاف القانونية والمساعدة القانونية للمتضررين.

يشار إلى أن عمليات إخلاء جزيرة الوراق النيلية تأتي ضمن مشروع تطوير الجزر النيلية الذي تضمنه مخطط القاهرة 2050. وقامت الهيئة العامة للتخطيط العمراني ومركز إقليم القاهرة الكبرى بإعداد مخطط جديد لجزيرة الوراق عام 2010، بهدف تحويلها الى مدينة جديدة مخططة "مدينة حورس".

أين تقع جزيرة الوراق؟

وفي قلب نهر النيل، تقع جزيرة الوراق، وهي تابعة إداريًا لمحافظة الجيزة، بمساحة تتراوح بين 1500 و1800 فدان.
وتشكل الجزيرة نقطة التقاء جغرافية بين ثلاث محافظات كبرى: القاهرة، الجيزة، والقليوبية. يعتمد سكان الجزيرة، الذين يقدر عددهم بنحو 100 ألف نسمة، على الزراعة والصيد مصدراً رئيسياً لدخلهم، ما يجعلها مكانًا ذا أهمية اقتصادية واجتماعية كبيرة بالنسبة لسكانها.

بدأت الأزمة في الجزيرة منذ عام 1998، عندما صنفت الحكومة الجزيرة محميةً طبيعيةً. تلا ذلك قرار آخر في عام 2000 باعتبارها "ذات منفعة عامة"، ما أثار جدلاً واسعًا بين الأهالي والحكومة. السكان، الذين يمتلكون عقودًا يعود بعضها إلى العام 1905، شعروا بالتهديد تجاه ملكيتهم التاريخية لأراضيهم. وفي محاولة لتهدئة الوضع، صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 848 لسنة 2001، الذي نص على عدم إخلاء المباني السكنية في جزيرتي الدهب والوراق، والسماح للمواطنين بتسجيل ممتلكاتهم.

ثم تفاقم النزاع في عام 2017 عندما اتخذ منحى أكثر تصعيدًا. خلال أحد المؤتمرات، أشار الرئيس السيسي إلى ضرورة إخلاء الجزيرة من سكانها، وفي 16 يوليو 2017، شنت قوات الشرطة هجومًا على الجزيرة لطرد السكان بالقوة.

تصدى الأهالي بشدة لقرار الإخلاء رافضين التخلي عن أراضيهم ومنازلهم. وأسفرت المواجهات العنيفة بين قوات الأمن والأهالي عن مقتل أحد السكان وإصابة آخرين.

منذ ذلك الحين، فرضت الحكومة حصارًا أمنيًا على الجزيرة، واعتقلت مئات الأشخاص للضغط على السكان لمغادرة أراضيهم.
من ضمن الموقعين من المنظمات مركز الشهاب لحقوق الإنسان والمفوضية المصرية للحقوق والحريات.

المساهمون