حين رفع الخوارج اعتراضهم الشهير على الإمام علي: "لا حكم إلا لله"، ردّ بتأسيس للمسافة بين الناس والنص: "القرآن بين دفتي المصحف، لا ينطق وإنما يتكلم به الرجال".
تَكلُّمُ الرجال هو ما يستحق الالتفات إليه، الإحالة الدائمة إلى أنّ "الإسلام ليس هذا" بطريقة تبرّئه من كل تجربة تاريخية، هي محاولة بريئة تريد إنقاذه أكثر من الإنقاذ به، وهو رأي تتفق معه داعش حيث الإسلام هو بذاته حضور بدون تمثيل؛ أي لا مسافة تذكر بين النص وتحوّله إلى فعل في سقوط للعقل بينهما.
ليس ثمّة علاقة ميكانيكية بين النص وما يُنتِج. لكن الإنتاج بالضرورة يستند إلى شيء ما في النص، هو ذاته النص الذي أتاح لظواهر تمتد من الإسلام الليبرالي إلى الإسلام الجهادي؛ لإثبات الصلة به، وأمدّها بمشروعية أن توجد لكنه لم يوجدها.
أما تلك الدعوات التي تردّ ظاهرة داعش إلى نصوص بعينها، فهي لا تستطيع تفسير ظهور الظاهرة في وقت محدّد بعينه! وهذا ما يجعل السياقات التاريخية والسياسية والاجتماعية إطاراً ناظماً لعلاقات الظواهر كلها بالنصوص المقدسة وغير المقدسة، فلو لم يوجد نص ما، من ابن تيمية أو من غيره، يبرّر العنف لتوجّب خلقه في ظاهرة تتفتّق من رحم استعمار واستبداد حرمها سلفاً من نمو خارج المِشرط والمِقصلة.