النظام السوري لتحديد النسل

18 يونيو 2014
أي سوري يمكن أن يقامر وينجب في ظل الخراب
+ الخط -


إذا كان رمي مسؤولية كل ما تعانيه سورية، من قتل وتهجير وتهديم، إلى نظام الأسد من منطلق الواقع والحقائق، على أنه من افتعل العسكرة ودوّل الثورة بعدما كساها ثوب الأسلمة، قبل أن "يكافح الإرهاب" ويعطي مبررات حتى لاستخدامه السلاح الكيماوي، فإن الاعتراف بحسناته يأتي من باب الواجب والفضيلة.

فعدا أنه سرّع في تهديم سورية وقاد المؤامرة التي تكلم قبل سواه عنها، وسيؤمن لاحقاً عقود عمل لشركات إعادة الإعمار ويحرك الإيداعات المصرفية ويشغّل ملايين العاطلين.

أيضاً بشار الأسد حلّ بطريقة مبتكرة الخطر الديموغرافي بعدما وصلت وتائر النمو السكاني في سورية إلى أكثر من 3% لتبلغ أعلى نسب النمو العالمية.

وليس القصد ما قام به الأسد من قتل زاد على 200 ألف سوري أو تهجيره لأكثر من ثلاثة ملايين، لأن ذلك يحسب له أيضاً، ولكن ضمن خلل البنية السكانية والتفاوت في نسبة الإناث على الذكور وفي تصدر العالم بنسب الأيتام والمشردين.

بل قصدنا بالطريقة المبتكرة تحديد النسل، هذا إن فرضنا جدلاً أن ثمة من يقترف فعل الزواج ضمن الظروف السورية، التي تجاوزت العوَز والتفقير ووصلت منذ نحو عامين، لاحتمال الموت يومياً.

قصارى القول: لما استشعر نظام الممانعة السوري خطر الزيادة السكانية وما سيتمخض عنها من مشكلات اجتماعية واقتصادية، لن تقتصر في الضغط على الطاقة والمياه والموارد والخدمات، جمّد دخل السوريين عند حدود 30 ألف ليرة شهرياً "أقل من مئتي دولار" وفتح باب المتاجرة بقوت السوريين لآله وصحبه، حتى أوصل نسبة الفقر لأكثر من 50%، ما يجعل السوريين يفكرون بالانتحار ربما قبل أن يفكروا بالإنجاب.

ولأنه نظام يتعامل باستراتيجية، أخذ باعتبار خطته العرسان الجدد، هذا إذا وجدوا أولاً وسوّلت لهم أنفسهم الإنجاب، فرفع تكلفة إنجاب الطفل الواحد إلى أكثر من دخل السوري ولثمانية أشهر، ليمنع مضاعفة سكان سورية خلال ثلاثين عاماً، ما تنبأ به الاقتصاديون قبل حربه وخططه.

ففي حسبة بسيطة، وبحسب دراسة ميدانية للأسعار في سورية، فإن تكلفة الإنجاب فيها اليوم تقدر بنحو 250 ألف ليرة سورية.

فسعر الألبسة ولطفل واحد ومن النوعية المتوسطة تصل لنحو 10 آلاف ليرة، فعلى سبيل الذكر لا حصر ألبسة الأطفال، يبلغ سعر الأفرول القطني في دمشق نحو 1500 ليرة وبيجاما بنحو 1300 ليرة وغطاء ديكرون نحو 2000 ليرة، وسعر "مجموعة الديارة" المتضمنة لألبسة وداخلي وحرام فتصل لنحو 9 آلاف ليرة.

ويضاف إلى تكاليف الألبسة السرير الذي لا يقل سعره عن 15 ألف ليرة، وعربة بسعر 20 ألفاً فيما لو فكر الأبوان بالمجازفة والخروج بصحبة طفليهما، وكرسي أطفال بسعر نحو 4 آلاف ليرة.

أما إن فكر الأهل باقتناء مستلزمات غرفة الأطفال فسعرها لا يقل عن 100 ألف ليرة.

ولأننا بدأنا بحساب التكلفة وفق مبدأ الخطف خلفاً، سنعود إلى كلفة الإنجاب، ابتداء من عيادة الطبيب والإشراف على الحمل التي لا تقل عن 30 ألف ليرة إلى أن يحين موعد الولادة التي تتراوح كلفتها بين 30 و50 ألف ليرة على حسب المشفى، هذا إذا كانت الولادة طبيعية، أما إذا كانت الولادة قيصرية فالتكلفة تزيد لتصل إلى ما بين 50 و90 ألف ليرة سورية.

نهاية القول: كل ما أتينا عليه من أكلاف لم يتضمن سوى لباس واحد للطفل وتجاهلنا الطعام ومستلزمات يومية تتعلق بنظافته والطوارئ المتعلقة بالطبابة وسواها.

ما يعني، ووفق أقل الأسعار وأكثر الظروف ملاءمة، أن تكلفة الطفل في سورية الآن هو الأعلى على مستوى العالم مقارنة بالدخل، فأي سوري يمكن أن يقامر وينجب إن جازف وتزوج... ما يعني نتيجة أن الأسد الابن يعتبر الوصفة الأضمن لتحديد النسل ومنع أي انفجار سكاني.