تغسل يديك مرات عديدة من دون سبب، فتسمع: "كم أنت موسوس!". هل وراء ذلك نظافة مفرطة أم أن ثمّة سبباً نفسياً غير محدّد؟ يفيد متخصصون في الأمراض النفسية والعقلية بأن الوسواس القهري يطاول نحو 2.5% من الأشخاص، لترتفع نسبة الذكور إلى 25% في سن الطفولة. ويعاني نحو 90% من المصابين به من حالة اكتئاب واحدة على أقل تقدير في مرحلة من مراحل حياتهم، وفي حال لم يعالج، قد يؤدي إلى الانتحار.
تشكو صولانج ضوّ قائلة: "لا أستطيع وصف حالة ابني سامي البالغ من العمر سبعة أعوام. هو لا يركز على دروسه، ويبقى شارد الذهن. همّه الوحيد أن يغسل يديه كلما تناول شيئاً. يغسلهما مرات ومرات محاولاً التهرّب من دروسه، مختلقاً الأعذار". تضيف: "باختصار، أتعبنا كثيراً وقد فشلنا في إيجاد حل، وحتى التوبيخ والصراخ لم ينفعا. في النهاية، قصدنا طبيباً متخصصاً في الأمراض النفسية والعقلية، قال لنا إنه مصاب بوسواس قهري والمسألة تحتاج إلى وقت طويل للتخلص منه. وها نحن في مرحلة العلاج".
أما مخول عطوي، فيخبر عن معاناته مع ابنته سارة المراهقة التي "أصيبت بحالة اكتئاب مع وفاة والدتها باكراً. من ثمّ بدأت تكرّر كلّ عمل تقوم به. إذا أرادت أن تجلب لي مفاتيح السيارة من الدرج، تتأكد من وجودها مرات عدة، ظناً منها أنها فقدتها، مع العلم أنها تكون قد سلمتني إياها. هذه عيّنة من معاناة يومية مع سارة، إلى أن استشرنا طبيباً متخصصاً، فقال إنها مصابة بوسواس قهري".
من جهتها، تتحدّث سهام دعيبس (50 عاماً) عن مراحل مرضها الذي كاد أن يوصلها إلى الانتحار، لولا دعم عائلتها والعلاج النفسي المكثّف الذي ساعدها في الخروج من وسواسها القهري. تقول: "كنت في كل مرّة أتجنب مصافحة الناس، إذ باعتقادي أن هذه الطريقة سوف تجلب لي الأمراض المعدية. وفي كل مرّة، كنت أعمد إلى تنظيف يدَيَّ، حتى تملكتني الحالة". تضيف: "أصبت بانهيار نفسي حاد، إلى أن تلقيت العلاج المناسب. واليوم، بدأت أتقبّل الآخر في حياتي الاجتماعية".
لا يرحم الصغار
في هذا الإطار، يقول الطبيب المتخصص في الأمراض النفسية والعقلية الدكتور سمير جاموس إن "الوسواس القهري مرتبط بالدماغ ويسبب مشاكل عدة في معالجة المعلومات التي تصل إليه. وتراوح نسب الإصابة به ما بين 2 في المائة و5 في المائة، فيما تتعدد الأسباب ومنها أن يعيش الإنسان طفولة قاسية، فيبدأ المرض بالتسلل إليه منذ السابعة من عمره. ويأتي الضغط النفسي ليزيد من نسب الإصابة بالوسواس القهري، خصوصاً إذا عرف المصاب حزناً عميقاً بسبب فقدان وظيفة أو شخص عزيز على قلبه". ويشرح جاموس لـ"العربي الجديد" أن "الوسواس القهري يبدأ عند الصغار في السنّ، خصوصاً ما بين عشرة أعوام و14 عاماً. وهنا، لا بدّ على الأهل من التنبه في حال ظهرت أعراض معيّنة عند ولدهم. على سبيل المثال، غسل اليدين باستمرار أو إقفال الدرج بصورة متكررة للتأكد أو عدم التركيز في الدرس كأن يردد كلمة مرات عدة. وبدلاً من تعنيفه، عليهم الإسراع في علاجه تفادياً لتفاقم المرض لديه وتملّكه، لدرجة قد توصله إلى أسوأ المراحل مع الانتحار".
ولعلّ أبرز ما يشدد عليه جاموس هو "ضرورة أن يتجنب الأهل توجيه عبارات مؤذية إلى أولادهم، على سبيل المثال: شدّ حالك، عديم الإرادة أو أنت فاشل لا تصلح لشيء. هذه من شأنها أن تؤثّر سلباً على شخصية الطفل وتفقده ثقته في نفسه إلى حدّ الانهيار النفسي. لذا نشدد على أهمية دور التوعية عند الأهل في حماية أولادهم من الوسواس القهري الذي قد يصبح عبئاً عليهم". ويلفت إلى أن "كبار السن أيضاً قد يصابون بالوسواس القهري في حال ساءت أوضاعهم النفسية، من الاكتئاب وصولاً إلى الألزهايمر".
صراع نفسي طويل
من جهته، يشدد الاختصاصي في علم النفس العيادي الدكتور نبيل خوري على "أهمية العناية بالمصاب بمرض الوسواس القهري كي لا نصل في ما بعد إلى الأسوأ". ويقول لـ"العربي الجديد" إن "المرء يُصاب بهذا المرض عادة منذ الطفولة، عندما يعيش صراعاً نفسياً ما بين الكماليات في تحقيق الذات وبين الواقع المرير في عدم تلبية أي شيء يريده على أكمل وجه. وهو الأمر الذي يؤدي إلى عدم التوازن العصبي، فتزداد مشاكله الاجتماعية كأن ينفذ أوامر أهله بالإكراه إلى حدّ الإحباط والوسواس". ويشدد خوري على "أهمية المعالجة النفسية المسبقة. العلاج طويل لكن النتيجة تؤدي إلى الشفاء في حال أتى التشخيص مبكراً. وذلك، شريطة تنبّه الأهل إلى مثل هذه الحالة النفسية لدى ولدهم، وعدم اللجوء إلى التسلط لأنه يفاقم الوضع".
استعداد عائلي
إلى ذلك، ترى الاختصاصية في علم النفس الدكتورة نازك الخوري أن "الانهيار النفسي يزيد بلا شك من حالات الوسواس القهري، خصوصاً لدى الذين يملكون استعداداً عائلياً". وتضيف لـ "العربي الجديد" أن "في أغلب الأحيان نجده لدى الإناث. والعلاج يكمن في تحفيز هرمون سيروتونين في الدماغ، لأن أي خلل فيه يزيد من تفاقم المرض".
اقرأ أيضاً: قضم الأظافر مرتبط بالجهاز الهضمي؟
تشكو صولانج ضوّ قائلة: "لا أستطيع وصف حالة ابني سامي البالغ من العمر سبعة أعوام. هو لا يركز على دروسه، ويبقى شارد الذهن. همّه الوحيد أن يغسل يديه كلما تناول شيئاً. يغسلهما مرات ومرات محاولاً التهرّب من دروسه، مختلقاً الأعذار". تضيف: "باختصار، أتعبنا كثيراً وقد فشلنا في إيجاد حل، وحتى التوبيخ والصراخ لم ينفعا. في النهاية، قصدنا طبيباً متخصصاً في الأمراض النفسية والعقلية، قال لنا إنه مصاب بوسواس قهري والمسألة تحتاج إلى وقت طويل للتخلص منه. وها نحن في مرحلة العلاج".
أما مخول عطوي، فيخبر عن معاناته مع ابنته سارة المراهقة التي "أصيبت بحالة اكتئاب مع وفاة والدتها باكراً. من ثمّ بدأت تكرّر كلّ عمل تقوم به. إذا أرادت أن تجلب لي مفاتيح السيارة من الدرج، تتأكد من وجودها مرات عدة، ظناً منها أنها فقدتها، مع العلم أنها تكون قد سلمتني إياها. هذه عيّنة من معاناة يومية مع سارة، إلى أن استشرنا طبيباً متخصصاً، فقال إنها مصابة بوسواس قهري".
من جهتها، تتحدّث سهام دعيبس (50 عاماً) عن مراحل مرضها الذي كاد أن يوصلها إلى الانتحار، لولا دعم عائلتها والعلاج النفسي المكثّف الذي ساعدها في الخروج من وسواسها القهري. تقول: "كنت في كل مرّة أتجنب مصافحة الناس، إذ باعتقادي أن هذه الطريقة سوف تجلب لي الأمراض المعدية. وفي كل مرّة، كنت أعمد إلى تنظيف يدَيَّ، حتى تملكتني الحالة". تضيف: "أصبت بانهيار نفسي حاد، إلى أن تلقيت العلاج المناسب. واليوم، بدأت أتقبّل الآخر في حياتي الاجتماعية".
لا يرحم الصغار
في هذا الإطار، يقول الطبيب المتخصص في الأمراض النفسية والعقلية الدكتور سمير جاموس إن "الوسواس القهري مرتبط بالدماغ ويسبب مشاكل عدة في معالجة المعلومات التي تصل إليه. وتراوح نسب الإصابة به ما بين 2 في المائة و5 في المائة، فيما تتعدد الأسباب ومنها أن يعيش الإنسان طفولة قاسية، فيبدأ المرض بالتسلل إليه منذ السابعة من عمره. ويأتي الضغط النفسي ليزيد من نسب الإصابة بالوسواس القهري، خصوصاً إذا عرف المصاب حزناً عميقاً بسبب فقدان وظيفة أو شخص عزيز على قلبه". ويشرح جاموس لـ"العربي الجديد" أن "الوسواس القهري يبدأ عند الصغار في السنّ، خصوصاً ما بين عشرة أعوام و14 عاماً. وهنا، لا بدّ على الأهل من التنبه في حال ظهرت أعراض معيّنة عند ولدهم. على سبيل المثال، غسل اليدين باستمرار أو إقفال الدرج بصورة متكررة للتأكد أو عدم التركيز في الدرس كأن يردد كلمة مرات عدة. وبدلاً من تعنيفه، عليهم الإسراع في علاجه تفادياً لتفاقم المرض لديه وتملّكه، لدرجة قد توصله إلى أسوأ المراحل مع الانتحار".
ولعلّ أبرز ما يشدد عليه جاموس هو "ضرورة أن يتجنب الأهل توجيه عبارات مؤذية إلى أولادهم، على سبيل المثال: شدّ حالك، عديم الإرادة أو أنت فاشل لا تصلح لشيء. هذه من شأنها أن تؤثّر سلباً على شخصية الطفل وتفقده ثقته في نفسه إلى حدّ الانهيار النفسي. لذا نشدد على أهمية دور التوعية عند الأهل في حماية أولادهم من الوسواس القهري الذي قد يصبح عبئاً عليهم". ويلفت إلى أن "كبار السن أيضاً قد يصابون بالوسواس القهري في حال ساءت أوضاعهم النفسية، من الاكتئاب وصولاً إلى الألزهايمر".
صراع نفسي طويل
من جهته، يشدد الاختصاصي في علم النفس العيادي الدكتور نبيل خوري على "أهمية العناية بالمصاب بمرض الوسواس القهري كي لا نصل في ما بعد إلى الأسوأ". ويقول لـ"العربي الجديد" إن "المرء يُصاب بهذا المرض عادة منذ الطفولة، عندما يعيش صراعاً نفسياً ما بين الكماليات في تحقيق الذات وبين الواقع المرير في عدم تلبية أي شيء يريده على أكمل وجه. وهو الأمر الذي يؤدي إلى عدم التوازن العصبي، فتزداد مشاكله الاجتماعية كأن ينفذ أوامر أهله بالإكراه إلى حدّ الإحباط والوسواس". ويشدد خوري على "أهمية المعالجة النفسية المسبقة. العلاج طويل لكن النتيجة تؤدي إلى الشفاء في حال أتى التشخيص مبكراً. وذلك، شريطة تنبّه الأهل إلى مثل هذه الحالة النفسية لدى ولدهم، وعدم اللجوء إلى التسلط لأنه يفاقم الوضع".
استعداد عائلي
إلى ذلك، ترى الاختصاصية في علم النفس الدكتورة نازك الخوري أن "الانهيار النفسي يزيد بلا شك من حالات الوسواس القهري، خصوصاً لدى الذين يملكون استعداداً عائلياً". وتضيف لـ "العربي الجديد" أن "في أغلب الأحيان نجده لدى الإناث. والعلاج يكمن في تحفيز هرمون سيروتونين في الدماغ، لأن أي خلل فيه يزيد من تفاقم المرض".
اقرأ أيضاً: قضم الأظافر مرتبط بالجهاز الهضمي؟