الويسكي يشعل سجن الحضرة!
أصر مساعد الشرطة على دفع المبلغ الذي حدده دون فِصال، فاعترضت عليه زوجة عكاشة بأسلوب أثار استفزاز رائد شرطة من المسئولين عن حراسة السجن، فقام برمي الحقيبة على الأرض فانكسرت زجاجات الويسكي التي بداخلها، في الوقت الذي كان أحد أفراد الحراسة "المتعاونين" قد قام بإخراج عكاشة من زنزانته لكي يلتقي بزوجته، وحين رأى عكاشة ما جرى للحقيبة عاتب الرائد على ما فعله، وذكره بأنه لا يتأخر في دفع أي مبالغ تطلب منه للسجانين، فحدثت بين الإثنين مشاجرة تطورت، حين قام أحد أفراد الحراسة ـ لم تتوصل التحقيقات إلى اسمه ـ بفتح عنابر المساجين، فقام عدد من المساجين بقيادة السجينين علي عجّة وعلي إنعام بتكسير أبواب العنابر، وظهرت الأسلحة البيضاء من مخابئها، واستخدم علي عجّة سيفاً لإجبار أفراد الحراسة على فتح مخزن السلاح، وتم توزيع الأسلحة على المساجين، وأطلقت الأعيرة النارية في كل اتجاه، ليقوم أكثر من مائة وخمسين عربة لوري محملة بضباط وجنود الأمن المركزي بمحاصرة السجن من جميع الاتجاهات، وتغلق الطرق المؤدية إليه، واستمر حصار السجن وضربه بالقنابل المسيلة للدموع لمدة ثلاثة أيام، ثم تم ضرب السجن بالرصاص لإرهاب السجناء، وتحولت المنطقة المحيطة بالسجن إلى جحيم دفع السكان لترك منازلهم هرباً من آثار الغاز المسيل للدموع، الذي أدى إلى نقل بعض الأهالي إلى مستشفى الميري بمحطة الرمل ومستشفى الجمهورية ركرموز، كما تم إسعاف بعض المساجين ورجال الشرطة المصابين بالاختناق، لتتم السيطرة على السجن بعد ثلاثة أيام من بداية الشغب.
أصدرت وزارة الداخلية بياناً قالت فيه أن مدير مصلحة السجون كان قد قام مع حملة من الضباط بتفتيش سجن الحضرة قبل 45 يوماً من أحداث الشغب، وقام بضبط مسدسين عيار 9 ميللي كاتم للصوت وثلاثة مفاتيح أحدها لعنبر أ والآخر للباب العمومي والثالث للباب الخلفي، وتم ترحيل المسجونين سيد كهربا وأبو حشيش الذين تم ضبط الأسلحة والمفاتيح معهما إلى سجن دمنهور، كما أعلنت ترحيل سجن طرة وأبو زعبل والقناطر، وهو ما ركزت عليه الصحف الحكومية في تغطيتها المقتضبة للحادث، في حين تحدثت صحيفة (الشعب) المعارضة ـ والتي كانت في ذلك الوقت في أوج انتشارها ـ عن قائمة بأسعار الممنوعات كان يتم فرضها من بعض ضباط سجن الحضرة على أهالي المساجين، يصل فيها تعريفة إدخال زجاجة الويسكي إلى عشرة جنيهات وقرش الحشيش إلى عشرة جنيهات، وشنطة المأكولات إلى جنيه واحد، في حين يتم فرض إتاوة على زيارة المسجون دون تصريح قدرها جنيهان، مطالبة بإجراء تحقيق شامل فيما حدث، ومؤكدة على أهمية رفع مرتبات الجنود والضباط في الشرطة لوقف الموجة الخطيرة من التسيب داخل السجون، والتي أدت على حد تعبير الصحفي سمير شرباش إلى "انتشار طبقية من نوع غريب داخل السجون، ففي حين تهتم إدارات هذه السجون بالمراقبة والتشدد في كل ما يصل إلى المسجون السياسي، نراها تغمض الطرف وتغمض العين حتى يمر إلى مجرمي المخدرات وعتاة الخارجين على القانون ما لذ وطاب، لأنهم يملكون المال ويدفعون ثمن ترفهم داخل سجونهم نقداً إلى سجانيهم".
أترك لك التعليق.
...
الحاكم العسكري نجيب الريحاني
في عددها رقم 589 الصادر بتاريخ 24 سبتمبر 1945 نشرت مجلة (الإثنين والدنيا) مقالاً لنجيب الريحاني بعنوان (لو كنت حاكماً عسكرياً)، جاء فيه ما نصه:
"آه لو كنت حاكماً عسكرياً في هذا البلد، إذن لعملت ما لم يعمله عنتر. خذ عندك مثلاً:
أولاً: الأوامر العسكرية الخاصة بالتموين، والتي يظنون أنها من عوامل استقرار الحياة التموينية، هذه الأوامر تُلغي نهائياً، لأنها في نظري العامل الأول في اختفاء السلع من الأسواق، فما من سلعة صدر بشأنها أمر عسكري إلا اختل ميزانها، واختفت من السوق.
هذا لو كنت حاكماً عسكرياً بصحيح، أما ـ والأمر بيني وبينك ـ لو تمسك الحاكم العسكري "الأصلي" بهذه الأوامر، فيجب أن يلغي الأوامر المتعلقة بالويسكي ولوازم المزات وتوابعها، ومن بحبحها على عباده، بحبح الله عليه وعلى أنصاره!
ثانياً: أوامر تقييد السهر يجب أن تُمسح بأستيكة فوراً، فليصرح بالسهر حتى الصباح، في الليالي الملاح وغير الملاح، ولو أخذ رأيي كمصلح، لأشرت بأن يكون العمل ليلاً والسهر نهاراً، والمسألة مسألة مزاج.
ثالثاً: تُلغى جميع قيود حرية الصحافة والفكر والكلام واللت والعجن، على أنه يُباح للناس في يوم معين من كل شهر الحرية الكاملة في أن يقولوا الصدق الصراح دون خوف أو مسئولية، لكي نعرف الحقيقة في مختلف الشؤون، ولا بأس بعد ذلك أن نعيش باقي أيام الشهر في رياء ونفاق وخداع، كما هي الحال الآن!!
رابعاً: المحاكم العسكرية ـ جعل الله كلامي خفيفاً على قلبها ـ لا أجرؤ على المطالبة بإلغائها، لأني ـ والكلام في سرك ـ باخاف منها، وإذا كان لي أن أقول شيئاً فهو إلغاء المحاكم جميعها ـ مش العسكرية بس ـ ولتحيا الحرية يا أخي!
خامساً: يجب فتح باب الاستيراد على مصراعيه بدون قيد ولا شرط لأننا في حاجة إلى الآلات والماكينات و"الحاجات والمحتاجات" مع ملاحظة الغاء الجمارك والرسوم حتى لا نقع في حرب تانية، والحدق يفهم بقى!
سادساً: أما الأوامر الخاصة بالأمن العام، فأنا ـ حتى لو كنت حاكماً عسكرياً ـ لا أجسر على مسها بسوء، وها أنذا أعلن أني أحب "الأمن العام" وأموت في الأمن العام، والسبب واضح جداً، إذ أن "رواياتي" رائحة غادية تماماً في إدارة المطبوعات، التي هي جزء من "أمعاء الأمن العام". على أن نفسي في أمر واحد لا غير، هو إنشاء إدارة لا تعرف غير الجد، تقوم بانتزاع الأطفال الصغار من أحضان أمهاتهم لتربيتهم تربية خاصة تعلمهم الذوق والإنسانية والكرامة لينشأ جيل جديد من "الآدميين". (ملحوظة: اقترح الأستاذ بديع خيري توقيع الأمر الأخير بإمضاء الرفيق نجيبوف).
هذا ما أراني فاعله لو كنت حاكماً عسكرياً، وقد يتغير رأيي لو كنت حاكما بصحيح، فالمثل يقول "اللي على البر عوام".
....
من بريد القراء:
في عددها الصادر بتاريخ 18 إبريل 1984 نشرت صحيفة (الأهالي) في صفحتها التي تنشر رسائل القراء، هذه الشكاوى القصيرة المعبرة:
ـ منذ أحداث سبتمبر المشئومة وشقيقي لا يزال معتقلا، ورغم أن المحبوسين على ذمة القضية قد أفرج عنهم إلا أنه ظل في السجن الانفرادي بأبي زعبل حتى الآن فمتى يخرج شقيقي. مصطفى أحمد السيد ألسماوي الفيوم ـ أبشواي.
ـ كل ما فعلته أنني أبلغت عن الانحرافات المالية وسرقة الأسمنت من الوحدة المحلية بقرية المقاطعة ـ دقهلية وفوجئت بنقلي من وظيفتي بالوحدة إلى السنبلاوين بإيعاز من أمين شباب الحزب الوطني بلا تحقيق، فما العمل؟ محمد رجب عبد القادر الوحدة المحلية السنبلاوين.
ـ أربع سنوات مرت على الجناية رقم 5335 ببا ـ بني سويف ولم يتم الفصل فيها بسبب تأخير تقرير الطب الشرعي شكوت إلى جميع المسئولين وحتى الآن لم أعرف أسباب التأخير. ابن المجني عليه مجلس المدينة ـ ببا السيد علي بدوي أنور محمد زكي الطيار.
ـ أرسلت إلى وزير الداخلية لحمايتي من ممارسات مباحث أمن الدولة ببنهها حيث قامت بمنعي من السفر دون إبداء أيا اسباب فهل ينصفني؟ جلال بيومي عمارة 8 شارع هاشم الشعرية ـ بنها.
ـ 36 ألف فدان أعدتها الدولة لمشروع الثروة السمكية بالفيوم ولكن المسئولين في الحزب الوطني استطاعووا السيطرة على المشروع واستأجروا الفدان الواحد بـ 80 قرشا في السنة، والمأساة أن مدير المشروع متهم في قضية اختلاسات بلغت 200 ألف جنيه، إننا نطالب بالتحقيق. عن تجار السمك بالفيوم سعد عبد الحليم أحمد حسانين.
ـ أحياناً تكون النجاة مع الموت كارثة. لقد نجوت يا سيدي أنا وأشقائي الستة بعد انهيار منزلنا رقم 14 حارة عبد الهادي رزق بحدائق شبرا، ومات والدي ووالدتي تحت الأنقاض، ونجا أخي المجند بالوحدة رقم 3036 ج 58 بالجبهة وأنا الآن وحيدة مع اشقائي وكل ما أرجوه أن ينتقل أخي إلى موقع قريب ليساعدني على تربية ورعاية إخوتي فهل يستجيب لي المسئولين بوزارة الدفاع صباح محمد سلامة عبد الرحيم دائق شبا مصر قسم الساحل.
...
الفقرة الإعلانية:
في زاوية سابقة نشرت نماذج من إعلانات النفاق الشعبية عبر العصور، اليوم أضع بين يديك نماذج متفرقة من إعلانات نفاقية نشرتها المصالح والهيئات الحكومية، قام فيها المسئولون الحكوميون بالنفاق على حساب الشعب الفرحان تحت الراية المنصورة، خذ مثلا هذا الإعلان الذي نشرته هيئة صندوق توفير البريد عام 1958:
وهذا الإعلان الذي نشرته المؤسسة المصرية العامة للصناعات الكيماوية في 25 ابريل 1964 بمناسبة عيد الأضحى المبارك، وهي مناسبة يكشف لنا الإعلان أنها مناسبة حافلة بالمبادئ الاشتراكية السامية التي آمن بها بالطبع مسئولو الشركات التابعة للمؤسسة والذين لم يكن لدى أغلبهم مشكلة فيما بعد أن يؤمنوا بالمبادئ الانفتاحية التي تطلبت بيع هذه الشركات برخص التراب وتسريح عمالها في مذابح المعاش المبكر:
بعدها بفترة وفي 1966 قررت المؤسسة المصرية العامة للتأمين أن تحث المواطن الصالح على الادخار في صناديق التوفير، فلم تجد وسيلة لإقناعه أفضل من كلمات القائد الملهم المفدى:
أما قبل وقوع هزيمة الخامس من يونيو 1967 بيومين فقد نشرت صحيفة (أخبار اليوم) هذا الإعلان المهم:
بعد أن قرر بطل الحرب والسلام أنور السادات أن يحذف كلمة (الحرب) من لقبه الرسمي، بعد زيارته لإسرائيل امتلأت الصحف والمجلات بطوفان من الإعلانات المؤيدة المهللة التي دفعت المؤسسات الحكومية أثمانها، وقد اخترت من بين ذلك الطوفان الكريه قطرة ستجدها شديدة الدلالة حين تقرأ آخر سطر في الإعلان:
في عام 1984 وقبل أن تصل حمى بيع شركات القطاع العام إلى ذروتها، امتلأت الصحف والمجلات الحكومية بمثل هذا الإعلان:
وتبقى لنا مع إعلانات النفاق عبر العصور جولات قادمة، لكن بعد أن تأخذ هدنة من الأسى والغثيان.
...
وختاماً مع الكاريكاتير:
في نوفمبر 1965 وبمناسبة حلول فصل الشتاء نشر الفنان بهجت عثمان هذه الكاريكاتيرات في مجلة (المصور) ترحيباً بقدوم الشتاء:
كل شتاء وأنتم بخير.