وقد بدا تعليق الرئيس فرانسوا هولاند على تظاهرة اليوم، بمثابة فشل الحظر الذي فُرض على كل تظاهرة مع الشعب الفلسطيني، رغم أن التظاهر حق دستوري في فرنسا، لا يحتاج لطلب إذن ولا موافقة. وأعرب هولاند عن تمنيه بأن "تمر تظاهرة الأربعاء بسلام، إذ من المهم جداً إبراز أن التظاهر من أجل الأفكار ممكنٌ في ظل احترام الجمهورية".
وإذا كانت كل محاولات الحكومة الفرنسية، المنسجمة مع الموقف الداعم لإسرائيل، لم تنجح في إيقاف رغبة المواطنين في التظاهر، رغم كل التخويف والقمع والمنع، وإذا كان لقاء هولاند مع زعماء الطوائف الدينية من أجل "مكافحة معاداة السامية كقضية وطنية"، لم يقنع أحداً، فقد كرّست صحيفة "لبيراسيون"، في خطها العام الموالي لإسرائيل، ملفّاً عن "مُعادي السامية الجدد"، وحمل الكلام المكرر نفسه منذ عقود، ولم تجد من تصب جام غضبها عليه سوى أهم فكاهي فرنسي، في هذا الجيل، وهو الفرنسي ــ الكاميروني ديودوني. وقد عرضت الصحيفة تبادل أدوار بين رئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا، روجي كيكييرمان، ورئيس الحزب الاشتراكي جان كريستوف كامباديليس، إذ يتحدث الأول عن "مخربين ينتشرون في الضاحية الباريسية"، فيصحح الثاني: " لسنا تحت خطر مخربين في فرنسا ولكن توجد مظاهر معادية للسامية ومظاهر إسلاموفوبية"، ويتدخل وزير الداخلية الفرنسي بيرنار كازينوف، قائلاً: "لم أحظُر تظاهرة ولكني حظرتُ أعمالاً معادية للسامية"، فيرد عليه فالس: "تنتشر معاداة السامية بشكلها الجديد على الإنترنت".
كل شيء جاهزٌ من أجل تشويه النضال الفلسطيني في فرنسا. حتى بعض المؤرخين ينضمون إلى هذه الموجة المشبوهة، وكتبت المؤرخة والمتخصصة في ظاهرة العداء للسامية، فاليري إيغونيت، في "ليبراسيون"، في عددها اليوم الأربعاء، "العداء للسامية الرئيسي يقوم به بعض شباب الأحياء الشعبية، وهو يغوي بعض الطبقات المنحدرة من الهجرة".
ويرى جان كلود لوفور، الرئيس الشرفي لجمعية فرنسا ــ فلسطين (المشاركة في تظاهرة اليوم) أن إشهار سلاح "العداء للسامية" ليس بريئاً: "إذا أردنا قتل القضية الفلسطينية، يكفي إشهار العداء للسامية".
لكن من يُشهر هذا العداء؟ الهوية معروفة للجميع، وليس فقط الحاخام الذي أقرّ أمام الصحافة بأن الكنيس الذي زعم الجميع، صحافةً ورجال شرطة وساسة، أنه تعرض للاعتداء من قبل "شباب عرب غاضبين ومعادين للسامية"، لم يلمسه أحد بأذى.