كشف تقرير حديث عن أضرار بالغة تعرضت لها الصناعة اليمنية التي تستوعب أعدادا كبيرة من الأيدي العاملة، في بلد يعاني من فقر وبطالة مزمنة وحرب وصراع طاحن ومستعر على أكثر من صعيد، تسبب في تدهور معيشي واقتصادي كبير.
وحسب التقرير الصادر عن وزارة الصناعة والتجارة الخاضعة لسيطرة الحوثيين، اطلعت عليه "العربي الجديد"، فقد استهدف طيران التحالف نحو 200 مصنع ومنشأة إنتاجية.
وقال مسؤول في وزارة الصناعة والتجارة، إن الحركة الصناعية في اليمن أصيبت بالشلل التام، جراء التأثيرات الكبيرة التي لحقت بالقطاع والخدمات العامة والبنية التحتية، بفعل القصف والحصار وتوقف حركة التصدير.
وأضاف المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن التحالف عمل من خلال استهدافه مثل هذه المنشاَت على ضرب اقتصاد الناس والزج بلقمة عيش اليمنيين كورقة في الحرب. ويعاني اليمن اَثارا كارثية للحرب، فقد أحال الصراع الدائر حياة ملايين اليمنيين إلى كابوس، ومزّق هذا الصراع الذي طال أمده المجتمعات المحلية وشرّد أعداداً هائلة من الأسر.
وكان القطاع الخاص اليمني قد قدر، في تقرير سابق، الأضرار التي تعرّض لها القطاع الصناعي في اليمن والاستهداف الذي طاول المشاريع الخدمية والإنتاجية والبنية التحتية بنحو ملياري دولار. واعتبر القصف المباشر لطيران التحالف سببا رئيسيا بنسبة 55%، فيما احتل القصف غير المباشر المرتبة الثانية بنحو 35%، بينما تسببت الاشتباكات التي دارت داخل المدن في 10%.
وأكد مدير الإدارة التجارية والصناعية بغرفة أمانة العاصمة صنعاء، تميم السقاف، أن القطاع الخاص تضرر بشكل كبير، رغم حياديته وعدم صلته بأي من أطراف النزاع والصراع الدائر وإعلانه منذ البداية مبادرة لتحييد الاقتصاد عن الحرب، لكن تم استهدافه بشتى الطرق من خلال القصف والاشتباكات الدائرة في اليمن.
ونالت الحرب بشكل واسع من الأعمال التي تستوعب الأيدي العاملة وتوفر فرص عمل لليمنيين، والتي تأثرت كثيراً بسبب الحرب والصراع وعدم توفر الأمن والقصف والاشتباكات وغيرها، إذ يرى السقاف، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن القطاع الخاص الصناعي والتجاري وهذه الأعمال والمشاريع تعرضت للقصف والتدمير المباشر. وتقدّر منظمات القطاع الخاص التجارية والصناعية والإنتاجية، الأضرار الاقتصادية للمنشاَت بنحو 99 ألف دولار لكل مشروع متوسط، و37 ألف دولار للمشروع الصغير.
وحسب السقاف، فقد أدى هذا الاستهداف إلى إلحاق أضرار بالغة بالمشاريع التجارية والإنتاجية والصناعية في معظم المناطق اليمنية، وأدى كذلك إلى توقّف بعضها وهجرة البعض الآخر. وتمر مختلف الأعمال والمهن بمرحلة صعبة وتراجع طبيعي، نظراً لانخراط المواطنين بفترة تقشف واسعة ومحدودية السيولة المالية في الأسواق والأزمة الاقتصادية التي يمر بها اليمن نتيجة الحرب والصراع.
ودمرت الحرب والقصف الذي كان أغلبه عشوائيا وغير مجدٍ عسكريا وضارا اقتصادياً وإنسانياً، عددا من المدن اليمنية وتسبب في أضرار بالغة في البنية التحتية، وأدى إلى تدهور حاد في منظومة الخدمات الأساسية، خاصة المياه والكهرباء والصحة والتعليم، إضافة إلى تشريد نحو ثلاثة ملايين نازح داخل البلاد.
ويؤكد خبراء أن الوضع الاقتصادي والمعيشي الراهن في اليمن صعب ويزداد تعقيداً من عام إلى آخر مع استمرار الحرب والصراع الدائر، والذي انزلق إلى مستويات خطيرة تمس حياة الناس المعيشية. ويقول الخبير الاقتصادي إبراهيم نعمان، لـ"العربي الجديد"، إن ملايين من اليمنيين الأبرياء من الأيدي العاملة وغيرهم كانوا وقودا في هذه الحرب التي تجتاح اليمن لتخلق أكثر من 20 مليون جائع، إضافة إلى تعمّد دولتي التحالف (السعودية والإمارات) منذ بداية الحرب إذلال أفراد الشعب اليمني واستهداف مصادر دخلهم ولقمة عيشهم.
ولم يتوقف الاستهداف عند المصانع والمعامل والمشاغل الإنتاجية التي تستقطب الأيدي العاملة، بل وصل الأمر إلى غذاء اليمنيين، إذ يؤكد هذا الخبير الاقتصادي استهداف طيران التحالف وقذائف طرفي الحرب، صوامع الغلال في محافظة الحديدة الساحلية (غرب) التي يعمل فيها أحد أهم موانئ اليمن طوال السنوات الماضية. وتعرضت كميات كبيرة من القمح المستورد والحبوب والمساعدات الإغاثية الدولية التي يتم تخزينها في هذه الصوامع للإتلاف، في الوقت الذي يجتاح فيه الجوع كافة الشرائح الاجتماعية في اليمن، إلى جانب تدمير الصوامع الأخرى المتبقية العاملة في عدن جنوب اليمن، والتي عادت للعمل بأقل من نصف طاقتها.