يسيطر الحسم العسكري على الأوضاع في اليمن، مع استمرار تقدّم القوات الموالية للشرعية، فيما تعثّرت الحوارات السياسية مجدداً بعد رفض الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، مقترحاً من المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، والذي تتضمن، بحسب ما تم تسريبه، عدداً من البنود، بينها آلية التعامل مع قرارات الأمم المتحدة الخاصة باليمن، واستئناف وتسريع المفاوضات التي تجريها الأمم المتحدة، فضلاً عن وضع حد لـ"مواجهة التنظيمات الإرهابية".
وكشفت مصادر سياسية يمنية لـ"العربي الجديد" عن أن "الحوارات السياسية باتت شبه متوقفة بعد رفض هادي مقترح المبعوث الأممي"، لافتة إلى أن "خيار الحسم العسكري بات هو الحل لدحر الانقلابيين، واستعادة الشرعية، وفرض سيطرة الدولة على كافة الأراضي اليمنية، بدعم من قوات التحالف التي تساند اليمن في ذلك لتطبيق القرار الأممي 2216". وأضافت المصادر أن "الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، يسعون إلى المراوغة ويستغلون مبادرات ولد الشيخ أحمد".
والتقى هادي، أمس، أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، في الدوحة، حيث أطلع أمير قطر على آخر تطورات الأوضاع الميدانية على الساحة اليمنية. وأفادت وكالة "سبأ" التابعة للحكومة اليمنية بأن هادي أكد، خلال اللقاء، أن "قوات الجيش والمقاومة الشعبية في طريقها إلى تحرير كافة المدن والمحافظات من المليشيات الحوثية وصالح الانقلابية".
من جهته، شدد أمير قطر، بحسب وكالة الأنباء القطرية، على حرص بلاده ودول مجلس التعاون على وحدة اليمن وسلامة أراضيه واحترام سيادته ودعم الشرعية واستكمال العملية السياسية، وفقاً للمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني في اليمن وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
أما في التطورات الميدانية، فقد عززت مليشيات الحوثيين والمخلوع من تواجدها بين إب وذمار، وإب وتعز، فيما استمر الحشد والحشد المضاد في الرضمة بين إب والضالع.
وتركزت الأعمال العسكرية في إب وذمار وتعز والبيضاء، ففي حين تحشد "المقاومة" والجيش الموالي للشرعية في مناطق دمت وجبن ومريس باتجاه الرضمة، والأخيرة تابعة لمحافظة إب، وتربطها بمحافظة الضالع، فإن مليشيات الحوثيين والمخلوع تحشد باتجاه الرضمة من يريم وذمار بشكل مستمر.
وتُركز المليشيات على تعزير دفاعاتها في مناطق إب والبيضاء، وتسعى لوأد تحركات "المقاومة" ووقف تقدّمها باتجاه ذمار، لا سيما أن "المقاومة" في ذمار اشتدت وطأة ضرباتها ضد المليشيات. وواصلت المليشيات في ذمار ملاحقة الناشطين والصحافيين والشخصيات القبلية والاجتماعية والحزبية المؤيدة لـ"المقاومة"، فيما لا زال مصير العشرات مجهولاً وفقاً لمصادر في المنطقة.
ويكثّف الحوثيون إرسال تعزيزاتهم إلى محافظة إب، لا سيما منطقة يريم القريبة من ذمار، باعتبارها تُمثّل المنفذ الذي يربط ثلاث محافظات هي إب ومنها إلى تعز، فضلاً عن منفذ باتجاه الضالع، وثالث باتجاه ذمار.
يأتي هذا فيما تشهد منطقة مكيراس الواقعة بين محافظتي أبين والبيضاء، مواجهات بين "المقاومة" والمليشيات، التي تحاول استعادة مكيراس لمنع دخول تعزيزات إلى محافظة البيضاء التي تشهد عمليات عسكرية للمقاومة.
اقرأ أيضاً: تعبئة عامة في وسط اليمن بقيادة المقدشي... وهادي بالدوحة
أما في تعز، فقد فقدت المليشيات السيطرة على جميع المواقع الاستراتيجية، وبات تواجدها محصوراً في مربعات ضيقة عند ضواحي الأجزاء الشمالية القريبة للمدخل الشمالي ومناطق المدخل الغربي للمدينة.
وكشفت مصادر محلية، لـ"لعربي الجديد"، عن أن المليشيات تحشد قواتها في منطقة الجندية في أجزاء الضواحي الشمالية، مشيرة إلى أن قوات من هذه المليشيات معززة بترسانة من المعدات العسكرية كانت مختبئة في أودية في تلك المناطق، ظهرت وتستعد لمواجهة قوات الشرعية في الضواحي الشمالية التي يقودها العميد ركن، صادق سرحان.
في المقابل، اتجهت قوات الشرعية لتحرير ما تبقى من مناطق المحافظة في الأجزاء الغربية التي تتصل بمدينة المخا الساحلية. وتقدّمت إلى منطقة بئر باشا، التي تبعد عن معسكر اللواء 35 مدرع الذي تسيطر عليه المليشيات، نحو 3 كيلومترات غرب المدينة، بالتزامن مع زحف قوات الشرعية من جبهة الضباب جنوب المدينة بقيادة العميد ركن، يوسف الشراجي، لتصبح مليشيات الحوثي في معسكر اللواء 35 بين فكي كماشة. وباتت قوات الشرعية على بُعد كيلومتر واحد من المعسكر، كما سيطرت على تل "هان" المطل على ضواحي منطقة الربيعي التي تعد البوابة الرئيسية للمدخل الغربي للمحافظة. وستتجه قوات الشرعية نحو مدينة المخا التي تبعد 115 كيلومتراً عن تعز، وستعمل على تحرير مينائها، وذلك بالتنسيق مع قوات التحالف، كما كشف مصدر عسكري لـ"العربي الجديد".
وتكمن أهمية المخا في مينائها الذي تبلغ مساحته الإجمالية حوالى 466 ألف متر مربع ويقع على ساحل البحر الأحمر، ويبعد عن باب المندب مسافة 40 ميلاً بحرياً شمالاً، وعن مدينة تعز نحو 115 كيلومتراً غرباً.
من جهة أخرى، كشف مصدر سياسي لـ"العربي الجديد" عن أن مكوّنات في "المقاومة"، بشقيها السياسي والعسكري، عقدت اجتماعاً الإثنين لمناقشة سير العمليات العسكرية للمعركة. وأكد المصدر أن كافة أراضي تعز ستكون خلال أيام قليلة تحت سيطرة قوات الشرعية.
كما واصل التحالف غاراته الجوية ضد أهداف تابعة للحوثيين وقوات صالح، في ضواحي صنعاء ومحافظة صعدة معقل الحوثيين والحديدة. وفي محافظة مأرب، وسط البلاد، واصل التحالف غاراته ضد مواقع الحوثيين والموالين لصالح في المناطق الغربية والشمالية في المدينة، وحسب مصادر تابعة للحوثيين، نفذ التحالف اليوم غارات ضد أهداف في منطقة "براقش" الأثرية.
اقرأ أيضاً: اليمن: غارات على مواقع الحوثيين ومواجهات في مكيراس