تسبب إغلاق التحالف لمطار صنعاء الدولي منذ ثلاث سنوات وفرض حصار خانق بري وجوي وبحري على اليمن بأزمة إنسانية ومعيشية قاسية لملايين اليمنيين، إذ تحولت العاصمة المكتظة بالسكان ومناطق يمنية أخرى إلى سجن كبير، بالإضافة إلى خسائر مادية فادحة لقطاع الطيران واقتصاد البلاد.
وكان مطار صنعاء قبل إغلاقه يخدم أكثر من 11 محافظة ويستفيد منه حوالي 80% من سكان اليمن.
ولا يبدو هناك أي مؤشرات تلوح في الأفق حول فتح المطار وإعادة تشغيله أمام الرحلات المدنية رغم إعلان المتحدث الرسمي باسم التحالف، تركي المالكي، مؤخرا، عن الاتفاق مع منظمة الصحة العالمية لإعادة تشغيل مطار صنعاء ليقتصر على الرحلات العلاجية.
وفي المقابل أكدت وزارة النقل الخاضعة لسيطرة الحوثيين عدم وجود أي مؤشرات من قبل التحالف لفتح المطار ورفع الحصار الجوي عن اليمن.
ويؤكد العنسي في تصريحات خاصة لـ "العربي الجديد"، عدم فتح المطار حتى اليوم، وعدم وجود أي ترتيبات خاصة بإعادة تشغيله رغم حرص صنعاء على إبقائه جاهراً للتشغيل، إذ يستقبل بشكل دوري الرحلات التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الدولية، رغم ما تعرض له من قصف متواصل من قبل طيران التحالف منذ بداية الحرب.
وحسب العنسي، فإن على المجتمع الدولي القيام بدوره لتخفيف المعاناة الإنسانية على الشعب اليمني جراء الحصار المفروض على اليمن، والضغط على التحالف لفتح مطار صنعاء الدولي أمام كافة الرحلات المدنية.
ويشهد مطار صنعاء منذ أغسطس/ آب الماضي أعمال صيانة واسعة لإعادة تأهيله لاستقبال الرحلات التجارية بعد 3 سنوات من الإغلاق، بحسب اتفاق مسبق.
وعلى الرغم من استمرار غلق المطار، يشرف فريق أممي بالتعاون مع وزارة النقل في صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين على الجاهزية الفنية لمطار صنعاء الدولي وفقا للمعايير الدولية المتبعة عالميا.
في هذا الخصوص، عقد اجتماع في مقر مؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية في العاصمة مع الجهات الدولية المنتدبة في مطار صنعاء الدولي، ناقش الإجراءات المتبعة للرحلات الأممية والمنظمات الدولية التي تصل إلى المطار وفقا للمعايير الدولية تمهيداً لإعادة تشغيل المطار لاستقبال الرحلات المدنية بشكل رسمي في حال أعطت المشاورات الجارية نتائج إيجابية تفضي لرفع الحصار عن المطار وميناء الحديدة، طبقاً لمصادر مطلعة تحدثت لـ "العربي الجديد".
في هذا الإطار، يقول رئيس مؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية (التابعة للحوثيين)، محمد إسحاق، إنه تم تطوير وتحديث كافة الإجراءات التشغيلية لمطار صنعاء والخدمات الملاحية في مجال الطيران المدني حسب المتطلبات والمعايير الدولية ومنظمة الطيران المدني الدولي "الإيكاو".
ويؤكد على أهمية تطوير وتحديث الخدمات التي يقدمها مطار صنعاء الدولي للرحلات الأممية من كافة النواحي الفنية والمهنية والأمنية، معتبرا أن إغلاق المطار طوال هذه الفترة جريمة في حق الإنسانية بشكل عام.
ويشير إلى أن تعنت التحالف في إغلاق المطار زاد حجم الكارثة الإنسانية في اليمن وتسبب في تزايد عدد الوفيات للمرضى الذين هم بحاجة ماسة للسفر إلى الخارج، وغيرها من الكوارث الإنسانية الأخرى.
ويعتبر مراقبون وتقارير رسمية إغلاق المطار كارثة إنسانية، حيث يعد البوابة الرئيسة لتدفق حركة الشحن الجوي من الأدوية والمستلزمات الطبية التي لا تنقل إلا عبر الجو وخصوصا للأمراض المزمنة، إذ أدى إغلاق المطار إلى وفاة الكثير من المرضى لعدم مقدرتهم على السفر ولتأخر وصول الأدوية الضرورية.
من ناحيته، يقول مدير مطار صنعاء الدولي خالد شائف، إنه لا يوجد أي مبرر أو ذريعة لإغلاق المطار، إذ لا يشكل أي تهديد لأي طرف، فالمطار مدني ويخدم كل أبناء اليمن، مشدداً على أن بقاء المطار مغلقاً لا هدف منه سوى معاقبة جميع أبناء الشعب وزيادة معاناته وحصاره وتجويعه وعزله عن العالم وتحويل البلاد إلى سجن كبير لكل اليمنيين.
ويضيف أن استهداف المطار بدون شك أثّر بشكل كبير على جاهزيته وقدرته الاستيعابية ولكن تم معالجة الإضرار التي لحقت به.
وكان التحالف العربي قد أعلن مؤخرا، إعادة فتح مطار صنعاء أمام الرحلات التجارية في خطوة اعتبرها إنسانية لنقل المرضى بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية.
الباحث الاقتصادي أسامة المعلمي، يسلط الأضواء على الأضرار الاقتصادية لإغلاق مطار صنعاء وميناء الحديدة والمنافذ البرية والبحرية بشكل عام، ويقدرها بنحو 2.5 مليار دولار جراء القصف والصيانة والأضرار في المعدات وتوقف تصدير بعض المنتجات خصوصاً الزراعية والسمكية.
ويؤكد المعلمي لـ "العربي الجديد"، أن حياة الناس ومعاناتهم آخر ما يفكر فيه جميع الأطراف المتصارعة في اليمن، بعد إخضاع نسبة كبيرة من السكان للجوع والفاقة والمساعدات الإغاثية التي يتم ابتزازهم بها، ولا تصل لمستحقيها إلا بنسبة ضئيلة.
ويؤكد "ضرورة رفع الحصار الجوي والبري والبحري عن اليمن إذ زادت الأمور، ويجب تحييد الملف الاقتصادي عن الصراع الدائر لتخفيف معاناة الشعب".
ويشكك مواطنون في صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين بما تم تداوله من أنباء حول اقتراب فتح مطار صنعاء أمام الرحلات التجارية، وأبدوا في نفس الوقت غضبهم من الأضرار الناجمة عن إغلاقه.
ويقول المواطن سعد الرحبي، إن التحالف "يتلذذ" في معاناة وإذلال الشعب اليمني، من خلال الحصار الجائر على المطارات والموانئ والمعاناة اليومية القاسية للمواطنين خصوصا المرضى.
ويضيف الرحبي لـ"العربي الجديد": إذا تم فتح مطار صنعاء كما أعلن التحالف ستكون خطوة هامة لرفع جزء من المعاناة الإنسانية أمام المواطنين المتضررين من إغلاقه لكني لا أتوقع ذلك.
ويرى الموظف، محمد ناصر، أن التحالف يناور ويتخذ مع مختلف الأطراف المتصارعة من معاناة الناس ورقة في الصراع الدائر في اليمن.
ويقول لـ "العربي الجديد"، إن إغلاق مطار صنعاء جريمة إنسانية ترتكب بحق المواطنين اليمنيين نتيجة عدم قدرتهم على التنقل إلى عدن نظراً للتكاليف المادية الباهظة، وكذا بسبب النقاط الأمنية للحزام الأمني المدعوم إماراتياً والمحيطة بمداخل العاصمة المؤقتة لمنع المواطنين القادمين من المحافظات الشمالية من المرور.
من جانبه، شدّد المواطن سمير الوافي من الجهاز الإداري لأمانة العاصمة صنعاء لـ "العربي الجديد"، على تفاقم معاناة الكثير من المرضى والمسافرين والطلاب المبتعثين للدراسة في الخارج وعموم المواطنين ولا يجب أن تمر مرور الكرام.