في موقف لافت ومثير لغضب البرلمانيين في الدنمارك، اعتبر حزب الشعب الدنماركي اليميني المتشدد أن تقرير "تراجع حقوق الإنسان والحريات الشخصية في الدنمارك"، ونشره "العربي الجديد"، "ثناء على سياستنا في تشديد قوانين الهجرة".
واعتبر مقرر شؤون الهجرة والدمج في الحزب، مارتن هينركسن، اليوم الأربعاء، أن انتقادات المركز الدنماركي لحقوق الإنسان للتطورات السلبية الحقوقية في البلد "إيجابية لأنها تثبت فاعلية القرارات والقوانين التي دفعنا بها وتحمل الدولة مسؤوليتها في المجتمع". ويشير هينركسن في هذا المجال إلى دور حزبه، الموصوف بالشعبوي، بالدفع بتشديد القوانين الدنماركية في مسائل الهجرة والحقوق الشخصية للمواطنين.
والتقرير الحقوقي المشار إليه اعتبر أن الحريات كافة "واجهت في بلد ليبرالي ديمقراطي خلال عام 2017 وبداية 2018 حالة من الضغط الكبير". ويرى هذا السياسي المتطرف، الذي تعتمد حكومة الائتلاف الليبرالي على قاعدته البرلمانية، بأن "سياسة الهجرة وقوانين جديدة تتعلق بالأجانب يعود الفضل لنا (حزبه المتشدد) للدفع بها وتبنيها، وهذا ليس سراً، وإن كانت ليست قوانين ليبرالية، لكنك مضطر أن تتخذ إجراءات غير ليبرالية لتحميل الأشخاص مسؤولية سحب حرياتهم منهم". بتلك الصراحة بات اليمين الدنماركي المتطرف يعبر عن سعادته بتراجع الحريات التي كانت الدنمارك من أشد المدافعين عنها.
مقابل هذا الموقف، الذي استهجنه اليوم اليسار وبعض من اليمين، دعا عدد من ساسة الأحزاب إلى ضرورة "التنبه للأضواء الحمراء التي يشعلها تقرير تراجع الحقوق"، وفقا لما تقول روسا لوند، من حزب اللائحة الموحدة اليساري لـ"العربي الجديد".
وتضيف لوند "حقوق التمتع بالحريات حجر أساس في ديمقراطيتنا، لكن يبدو أن التلاعب بها صار جزءا من يومياتنا".
كذلك تؤكد نائبة مدير المركز الدنماركي لحقوق الإنسان، لويزا هولك، الوصف الذي أعلنته لوند، وتقول: "الأمر يتعلق بمبادئ مجتمع كامل بنى ديمقراطيته على الحريات، وهناك قوانين (تشريعات تم اتخاذها) باتت تحد من الحريات الفردية في الحياة الخاصة وحرية التعبير والحركة، هذه خطوات جد خطيرة إذا تبنتها الدولة".
وما يشير إليه التقرير الحقوقي يرتبط بتقييد حرية "من حكم عليهم من أفراد العصابات من السفر بين البلديات في الدنمارك"، إضافة إلى مقترحات بمعاقبة أهاليهم، وتجريم "المتشردين"(بلا مأوى) والحكم بالسجن على متسولين، وتهم جنائية بحق من يتفوه بما يظن أنه "تطرف" وغيرها من القضايا الكثيرة التي أشار إليها حقوقيون معنيون بمراقبة تبنّي التشريعات المتعارضة مع الدستور، حسب رأي هؤلاء.
وعبر معدو التقرير عن صدمتهم "من المس بمبادئ الليبرالية في ظل حكومة مشكلة من أحزاب ليبرالية وحزب المحافظين".
وعلى عكس موقف اليمين المتطرف، الذي اعتبر تراجع الحريات "تطورا إيجابيا" وهلل له بشكل "صادم"، تذهب الأحزاب الليبرالية، فينسترا والتحالف الليبرالي، مع أحزاب البديل واللائحة الموحدة، وراديكال فينسترا من اليسار، إلى التعبير عن "قلق جدي من رصد تراجع الحريات في الدنمارك، وضرورة أخذ ما جاء في التقرير بجدية للدراسة والتفحص".
واعتبرت الشخصية القيادية في راديكال فينسترا، ومقررة الشؤون العدلية، زينا ستامبا، بأن "مقترح منع لباس الرأس والسجن للمتسولين وإقامة متشردين في معسكرات هي قوانين تستهدف للأسف الأقليات ومجموعات اجتماعية ضعيفة، هذا بالتأكيد ليس مقبولا في دولة الحريات ويجب تغيير تلك القوانين، وعلينا البحث عن أغلبية برلمانية لذلك".
ورأى اليسار اليوم، ممثلا بحزب اللائحة الموحدة، بأن مجموعة القوانين والتشريعات المعدلة والتي تطاول الحد من فرص الشخص لاختيار محاميه بنفسه (خصوصا الشبان المتهمين من أصل مهاجر) ومنع بعض الأشخاص من زيارة أهاليهم وأقاربهم والأصدقاء في مدن أخرى "يتناقض كلية مع مبادئ الحريات والديمقراطية"، وفقا لما تختم به عضوة البرلمان روزا لوند.