يحتفل العالم، أو بالتحديد المؤمنون بعدالة القضية الفلسطينية، في هذا اليوم من كل عام منذ 1977، بـ"اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني"، بناء على قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في ذلك العام. واختير هذا التاريخ لأنه في 29 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1947، اتخذت الجمعية العامة القرار 181 (د-2)، الذي أصبح يعرف باسم قرار التقسيم، وقد نص على أن تُنشأ في فلسطين "دولة يهودية" و"دولة عربية"، مع اعتبار القدس كيانا متميزاً يخضع لنظام دولي خاص.
وقد باشرت "حملة التضامن مع فلسطين" في بريطانيا، استعداداتها لـ"اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني"، اليوم الأربعاء، وذلك في استمرارية لنشاطها التضامني مع القضية الفلسطينية منذ عام 1982. للحملة وجود في أكثر من 60 فرعاً في كامل الأراضي، وتعمل على خط "محاربة تجاهل إسرائيل للقانون الدولي، واستمرار الاحتلال العسكري لفلسطين، إضافة إلى التمييز الممنهج ضد أبنائها". كما تنشر الحملة الوعي بين البريطانيين وسياسييهم حول الظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون، وتطالب بحل سلمي وعادل يحترم حقوق وكرامة الفلسطينيين والإسرائيليين. وتقوم بحملات عدة، منها دعم مقاطعة الاحتلال، وتمارس الضغط على الشركات العاملة في الأراضي المحتلة عام 1967، إضافة إلى الحملات البرلمانية للضغط على الحكومة والإعلام البريطانيين.
وتعتمد الحملة في مقاربتها للدفاع عن الفلسطينيين على انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها السلطات الإسرائيلية بحقهم. ومن أجل حماية الحقوق الفلسطينية، تسعى المنظمة للضغط على الحكومة البريطانية وجمهور الناخبين للتأثير في الحكومة الإسرائيلية، التي تعتبر بريطانيا حليفاً مقرباً لها.
وتقوم المنظمة حالياً بخمس حملات نشطة تستهدف الحكومة والبرلمان البريطانيين، إضافة إلى الشركات المتعاونة مع الاحتلال الإسرائيلي. ووفقاً لبن جمال، مدير الحملة فإنه "على مدى السنين الماضية، نرى نمو اللوبي الوطني المؤيد لفلسطين في قوته، فيعبّر العديد من النواب البرلمانيين من مختلف الأحزاب عن دعمهم ورغبتهم في الانخراط في هذه القضايا شديدة الأهمية".
وينوّه إلى أنه "يقوم الناشطون في جميع أرجاء البلاد بمحاسبة ممثليهم المنتخبين، ونحن نطالب هذا العام بالتحرك حيال إنشاء المستوطنات، واحتجاز الأطفال الفلسطينيين، وهناك رغبة متزايدة في رؤية صانعي القرار يتعاملون مع هذه القضايا". ويكشف أنه "سبق للحملة أن اجتمعت، يوم الأربعاء الماضي، بمشاركة 60 نائباً في مجلس العموم، لاطلاعهم على عمليات البناء في المستوطنات الإسرائيلية وكيفية تأثيرها على حياة الفلسطينيين، إضافة إلى الاعتقال العسكري للأطفال الفلسطينيين من قبل السلطات الإسرائيلية".
وفي مئوية وعد بلفور، يشير جمال إلى أنه "نظمنا حملات تعريفية أسبوعية في المجتمعات المحلية، والعديد من المناسبات والمؤتمرات، واختتمنا ذلك بمظاهرة في لندن في الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، احتشد فيها 15 ألف شخص، قدموا من كافة أرجاء بريطانيا ليرفعوا أصواتهم دعماً لفلسطين، وليطالبوا الحكومة بتصحيح خطئها في فلسطين". ويشدّد على أن "حملة التضامن مع فلسطين تواجه تحديات جسيمة في عملها في بريطانيا، مثلها كجميع حملات التضامن العالمية، لأنها تواجه جهوداً مخططة من قبل إسرائيل وحلفائها ضمن المملكة المتحدة لخنق الأصوات المعارضة والأنشطة التي تدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني". ويضيف أن من السلبيات أن حكومة بريطانيا قد حاولت التقدم بتشريعات تحد من قدرة المجالس المحلية على مقاطعة الشركات المتورطة في الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني.
كما أن المنظمة تقود حملة لمقاطعة شركة "هيولت باكارد" (إتش بي)، التي يعتمد جيش الاحتلال الإسرائيلي على أنظمتها البرمجية والإلكترونية، المصنوعة خصيصاً لخدمته في احتلاله وتضييقه على الفلسطينيين. ويُضاف إلى ما سبق، الحملة لوقف تجارة الأسلحة مع دولة الاحتلال، سواء من خلال تزويدها بالأسلحة أو شرائها منها. وتضغط أيضاً على الشركات التي تستثمر في مشاريع الاحتلال الاستيطانية وقمع الفلسطينيين. ومن أهم المؤسسات التي تستهدفها المنظمة بنك "إتش إس بي سي" الذي يستثمر أمواله في شركات السلاح التي تزود إسرائيل بالأسلحة.
وقد تمكنت المنظمة من تحقيق بعض النجاحات في السنوات الماضية، ومن أهمها المساهمة في تصويت البرلمان البريطاني على الاعتراف بدولة فلسطين في أكتوبر/ تشرين الأول 2014. فقد قام 57 ألفاً من أنصار الحملة بمراسلة نوابهم في البرلمان البريطاني طالبين منهم التصويت لصالح القرار، والذي تم تمريره، وإن لم يكن ملزماً للحكومة البريطانية. وتمكنت الحملة من الضغط على متجر "جون لويس" الشهير لوقف بيع منتجات "صودا ستريم" المصنعة في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية. وأجبرت الحملة مع نظيراتها الدوليين شركة "فيوليا" على بيع حصتها في سكة الحديد الخفيفة في القدس المحتلة، إضافة إلى وعود شركة "جي 4 إس" ببيع فرعها الإسرائيلي.
ومن نشاطات الحملة، أنها تعمل مع عدد من المنظمات اليهودية، بهدف "إعادة تعريف معاداة السامية التي تكال ضد جميع من ينتقدون دولة الاحتلال". وتعتمد على التبرّعات من أعضائها وداعميها، ولا تتلقى أي دعم حكومي أو حزبي أو من أي من الشركات التجارية الكبرى للحفاظ على استقلالية قرارها. كما أنها ليست منظمة خيرية، فالمنظمات السياسية في بريطانيا لا تتلقى الدعم الذي تناله المنظمات الخيرية، وهو ما يعقد وضع تمويلها.
وتنفق الحملة التبرعات التي تحصل عليها على الحملات التي تجريها ويشمل ذلك تنظيم التظاهرات والاجتماعات، إضافة إلى مصاريف مكتبها في لندن. وتتمتع بدعم عدد من الشخصيات البريطانية ومن بينهم برلمانيون وشخصيات عامة وحقوقيون. وتشمل القائمة أسماء منها زعيم حزب العمال المعارض، جيريمي كوربين، والكاتبة الفلسطينية غادة كرمي، والمخرج البريطاني كين لوك، والممثلة جولي كريستي، والموسيقي كريم دينيس (لوكي)، والأستاذ الجامعي إيلان بابيه، والباحث الفلسطيني سلمان أبو ستة، والبارونة جيني تونغ، إضافة إلى الراحل إدوارد سعيد.