رفض عدد من القوى السياسية والحزبية، وخبراء القانون في مصر قانون مكافحة الإرهاب، والذي وافق عليه المجلس الأعلى للقضاء بشرط تعديل أربعة بنود من أبوابه.
ومن بين تلك المواد التي اعترض عليها، تخصيص محاكم إرهاب لقضايا اعتبر أنه من الممكن أن تنظر فيها محاكم الجنايات العادية، بالإضافة إلى نص يجيز أن يحضر المحامون فقط، وليس المتهمون جلسات المحاكمة، ودفع تطبيق القانون نقابة الصحافيين في مصر إلى رفضه، مؤكدة، أن القانون يعد تقييداً لحرية الرأي والتعبير، ويحرّض على العنف والتمييز بين المواطنين، ويعيد من جديد عقوبة حبس الصحافي، ومصادرة حقه في الحصول على المعلومات من مصادرها المختلفة، الأمر الذي يمثل ارتداداً واضحاً على حرية الرأي والنشر والتعبير.
إلى ذلك، انتقدت منظمة العفو الدولية مشروع القانون، معتبرةً أنه يتضمن تعريفاً فضفاضاً "للجرائم الإرهابية" إلى حد أنه يمكن أن يفتح الباب على مصراعيه للتأويل الكيفي والانتهاك، ومن شأنه في نهاية المطاف، أن يجرم أي رأي مخالف، وأنه سيستخدم كأداة لخنق الاحتجاج السلمي. كما رأت المنظمة، أنّ من شأن القانون، أن يتيح للدولة إلصاق تهم متعلقة بالإرهاب بكل معارضيها، حتى إذا كانت مطالبه تتعلق بالإصلاح أو المطالبة بمحاربة الفساد.
وأعلنت 17 منظمة حقوقية مصرية، رفضها التام مشروع قانون مكافحة الإرهاب الذي أعدته الحكومة المصرية، مؤكدة أنه "يعزز دوافع التطرّف والإرهاب ويسهم في انهيار ركائز ومؤسسات الدولة".
وقالت المنظمات في بيانٍ مشترك لها، اليوم الثلاثاء، إنها تضم صوتها لموقف نقابة الصحافيين المصرية، الرافض لمشروع قانون مكافحة الإرهاب، نظراً لتعارضه مع المادة 71 من الدستور المصري، ولما يمثله هذا المشروع من إعادة للقيود التي ناضلت الجماعة الصحافية لإلغائها عبر عقود من تاريخها، وهو النضال الذي تُوّج في دستور 2014. كما تضم صوتها لرأي مجلس القضاء الأعلى في رفضه عدداً من مواد القانون باعتباره يهدر حقوقاً أساسية في التقاضي وحقوق الدفاع، وإنشائه محكمة "خاصة" لنظر قضايا الإرهاب.
وأكدت المنظمات أن القانون يشكل "اعتداءً سافراً على الدستور وأحكام المحكمة الدستورية العليا، ويقوّض ما بقيَ من النظام القضائي المصري العريق".
ومن بين المنظمات الموقعة على البيان: مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون، وجمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
ورفضت المنظمات ما وصفته بـ"العبث بدولة القانون والالتفاف على الدستور باستخدام تخريجات لفظية لإعلان حالة الطوارئ من دون التقيّد بأحكامه".
من ناحية أخرى، طالب عدد من القوى الحزبية بضرورة طرح القانون للنقاش المجتمعي، في ضوء الانتقادات التي لاحقت بعض مواده، بحيث أكد رئيس حزب المؤتمر، عمر المختار، أن القانون فيه الكثير من العيوب، والتي يجب العمل على تعديلها، مؤكداً أن الوضع الأمني في سيناء يتطلب رفع الكفاءة التدريبية والقتالية، واستخدام التكنولوجيا الحديثة وآليات الاستشعار والتنبؤ بالخطر.
بدوره، أكد الناشط الحقوقي، نجاد البرعي، أن سلبيات مشروع القانون كثيرة، وهناك العديد من المواد التي تقيّد الحريات وتفرض قيداً على حرية الصحافة في نقل المعلومات والأخبار، بما يناقض ما تم النص عليه في الدستور المصري، والذي تم إقراره في يناير/ كانون الثاني 2014. مشيراً إلى أن قوى سياسية مصرية سوف تجتمع لمناقشة القانون وطرح وجهة نظرها بشأنه وبشأن ما يثار حوله من شبهات عدم دستوريته.
وقال الخبير القانوني، شوقي السيد، إن من الثغرات الموجودة في قانون مكافحة الإرهاب، أنه لم يحدد الجريمة تحديداً واضحاً ودقيقاً ما يجعل الأمر في غاية الصعوبة، الأمر الثاني في ما يتعلق بالمدة الزمنية للعقاب، فهذا القانون لم يحدد مواعيد معينة أو دوائر محكمة النقض للانتهاء منها، والأمر الثالث يتعلق بعدم التعريف للكيانات الإرهابية، إنما ترك الأمر للاجتهادات، وهذا لا يصح مع القوانين، كما أنه لم يعالج البطء في التقاضي، وهو إعاقة القاضي عن أداء مهامه، والاستناد إلى الضباط الممثلين في المعمل الجنائي والطب الشرعي.
وأضاف "كنا نأمل إضافة مادة تنص على ضرورة إيجاد شرطة متخصصة، تكون مهمتها معاونة القضاة في الطب الشرعي، للأسف نحن أصبحنا أمام قانون لم يعالج بطء التقاضي". ويرى أن الحريات فيه مقيدة بشكل لافت للانتباه، كما يعيب على هذا القانون، أيضاً، مدة الحبس الاحتياطي سبعة أيام، وهي في الأساس أربعة أيام على ذمة التحقيق.
وفي هذا السياق، أشار الأمين العام لـ"المجلس الأعلى للصحافة" في مصر، صلاح عيسى، في تصريحاته، إلى أنّ اللجنة الوطنية لإعداد التشريعات الصحافية والإعلامية أصدرت بياناً تعلن فيه رفضها المطلق للقيود الجديدة في مشروع قانون مكافحة الإرهاب، والتي وضعت على الصحافة وحريتها، وذكر أن بعض المواد التي جاءت في مشروع قانون مكافحة الإرهاب لا تتعلق بجريمة التحريض على العنف، ولكنها تعترض على أشياء صحافية أخرى ليس لها علاقة بهذه الجريمة.
اقرأ أيضاً: انقسام في معسكر السيسي حول قانون الإرهاب