انخفاض الدخل في الأردن يصب في مصلحة الصنف الأرخص

24 يونيو 2015
المواطنون يلجأون إلى البضائع الرخيصة (خليل مزرعاوي/فرانس برس)
+ الخط -
لا يوجد تفسير لإقبال ذوي الدخل المحدود والفقراء، على شراء المواد غير النظامية "المهرّبة"، التي تغزو الأسواق التجارية في مختلف محافظات الأردن، سوى ارتفاع أسعار مثيلاتها الوطنية أو المستوردة بشكل رسمي، حيث لم تعد أسعار الأخيرة تتناسب مع المواطنين.

تفاوت الأسعار تبعاً لمصدر المواد، وفّر مناخاً خصباً، كي تتدفق خلال السنوات الأخيرة كميات كبيرة من الأصناف الغذائية المختلفة كالزيوت واللحوم والمعلبات والأغنام، والدخان، والألبسة، والأقمشة، والأجهزة الكهربائية، ومواد التجميل، إلخ، عبر المنافذ الحدودية غير الشرعية، إلى الأسواق المحلية على الرغم من عدم صلاحية بعضها للاستهلاك.


يرجع الخبير الاقتصادي فيصل حوامدة سبب لجوء المواطنين للمنتجات والمواد المهرّبة إلى تدنّي سعرها، ومواءمة ذلك مع دخله المتدنّي بطبيعة الحال، خصوصاً أن أسعار السلع ذات العلامة التجارية قد شهدت ارتفاعاً ملحوظاً، نتيجة الظروف التي تتعرض لها المنطقة. ويقول لـ "العربي الجديد" إن الحكومة، نظراً لتنامي الظاهرة، شدّدت في السنتين الأخيرتين من إجراءاتها وضبطت المنافذ الحدودية غير الشرعية، خاصة في مناطق "الرويشد" و"صبحا" التابعتين لمحافظة المفرق والرمثا على الحدود السورية، وبعض مناطق العقبة في الجنوب، وأصبح على صاحب الدخل المحدود أن يبحث عن بديل أو مصدر آخر يلبي حاجاته بسعر مقبول وسط موجة الغلاء هذه. ولم يكن أمامه سوى المنتج الصيني.

وكانت الأسواق الأردنية قد عانت، حسب أحد تجار سوق الهاشمي في العاصمة عمّان فضل الحياري، من بطء الحركة التجارية نتيجة ضعف الطلب على البضائع الأصلية، وتراجع القيمة الشرائية لدخل المواطن، الذي يُصرف معظمه على المواد الغذائية والمحروقات وفواتير المياه والكهرباء والاتصالات، ما دفع معظم التجار للتعامل مع البضائع الصينية، التي تتميز بسعرها المنخفض وربحها العالي، على عكس البضائع المحلية والمستوردة التي لا تغطي أرباحها تكاليف مصروفات المحل الإجمالية.

اقرأ أيضا: الأردنيون أقل سعادة: فتش عن الاقتصاد؟

ومع قناعة الحياري بجودتها المنخفضة نوعاً ما، إذا ما قورنت بنظيرتها الوطنية أو الأجنبية، إلا أنها، كما يقول لـ "العربي الجديد" متنوعة، وتناسب أسعارها جميع الشرائح، إذ تقل وسطياً بنسبة 70 - 50%.

التبادل التجاري

تشكّل المنتجات الصينية 30% من إجمالي البضائع المستوردة، وتتنوع في الأسواق إلى حد كبير، غير أن أكثرها رواجاً الإلكترونيات والكهربائيات والأدوات الصحية والألبسة والألعاب والأدوات المنزلية والأحذية ومستحضرات التجميل. وقد ازدهر سوقها مع تطور حجم التبادل التجاري بين الأردن والصين، حيث نما وفق مصدر في غرفة تجارة عمان، نحو 7 مرات بين عامي 2010- 2001، ووصل في عام 2011 إلى 2.78 مليار دولار، محققاً ارتفاعاً بنسبة %3.92 مقارنة مع عام 2010. فيما واصل ارتفاعه - وفق المصدر - ليصل إلى 3.6 مليارات دولار في عام 2013.

وهناك توجه لدى أغلب تجار الأردن، للتعامل مع الأسواق الصينية، بعد التطور الذي شهدته العلاقات بين البلدين عقب زيارة الملك الأردني للصين، وساعد هذا التوجه في ظهور شركات أردنية جديدة ركبت الموجة، تخصصت في تسهيل عقد الصفقات.

ويتهم مواطنون، تجار الجملة بالإثراء على حساب المواطن، عندما يختارون السعر الأقل للأصناف الصينية في عقودهم، بصرف النظر عن مستوى الجودة والمواصفات. يقول المواطن أمجد التل "كلّنا يعرف أن المصانع الصينية تقوم بتصنيع أي منتج حسب احتياجات العميل، فالأدوات الكهربائية الصينية الرخيصة على سبيل المثال، لا يمكن أن يستفاد منها لأكثر من عام، ومع ذلك فهناك من يفضلها على غيرها، لأنه لا خيار آخر لديه، فسعرها أقل بكثير من غيرها.

اقرأ أيضا: مازن المعايطة: الفقر والبطالة أكبر تحد لاقتصاد الأردني

وبخلاف هذه السمعة، يؤكد الخبير الاقتصادي سمير العيادي وجود أصناف جيدة وبمواصفات لا تقل جودة عن مثيلتها الأوروبية، فالمنتجات الصينية حقيقة تتباين إذا ما خضعت للمواصفات والمقاييس الأردنية، والسبب وجود تجار يفرضون مواصفات متدنية على مستورداتهم من أجل التنافس، ولذلك يضيف لـ "العربي الجديد" يقع المواطن المضطر لهذا المنتج أو ذاك ضحية "انخفاض سعره مقابل رداءة صنعه"، والمشكلة أن الأسواق اليوم تتعرض لعملية إغراق، ما يشكل خسارة ليس للمستهلك وحسب بل وللاقتصاد الأردني، الذي تحرق هذه المنتجات المستوردة منتجه الوطني، مع أن التوجه الحالي يسير باتجاه تعزيز شعار "صنع في الأردن".
المساهمون