وقد شهدت الحملات الانتخابية، التي استمرت 37 يوماً منذ انطلاقها رسمياً في الثلاثين من مارس/آذار الماضي، والتي تعد الأطول زمنياً في تاريخ السياسة الحديثة في المملكة المتحدة، منافسة قوية بين الأحزاب الكبرى والأحزاب الصغيرة، للفوز بأكبر عدد من الدوائر والأصوات بشكل مثير ولافت.
وترجّح استطلاعات الرأي عدم فوز أي من حزبي "المحافظين" بزعامة ديفيد كاميرون، و"العمال" بزعامة إد ميليباند، بالأغلبية اللازمة لتشكيل الحكومة المقبلة، مما يعني تعزيز نفوذ الأحزاب الصغيرة، التي يطمع كل منها إلى مشاركة أي من الحزبين الرئيسيين في ائتلاف قادر على تشكيل حكومة أغلبية تقود البلاد حتى عام 2020.
اقرأ أيضاً: بريطانيا سيناريوهات ما بعد الانتخابات
وفي ظلّ غموض ما قد تسفر عنه صناديق الاقتراع في نهاية اليوم الانتخابي، يبدو السيناريو الأرجح أن تفضي نتائج التصويت عن "برلمان معلّق"، يحصل فيه "المحافظون" على العدد الأكبر من الأصوات، من دون الحصول على غالبية الـ51 في المائة من مقاعد مجلس العموم، وهي النسبة المطلوبة للحصول على الأغلبية المطلقة، وبالتالي تكليف الحزب بتشكيل الحكومة، وهذا يعني أن على "المحافظين" اختيار شريك آخر لتشكيل ائتلاف حكومي، وعلى الأرجح أن تكون استراتيجية "المحافظين" المفضّلة عبر اختيار الحزب أو الأحزاب الأقرب لسياساته.
ويرجّح المراقبون أن يعود حزب المحافظين للتحالف مع شريكه في الحكومة الحالية، أي حزب الأحرار الديمقراطي، وإذا لم يحصل الأخير على ما يكفي من المقاعد ربما ينضم إلى التحالف حزب الوحدويين الأيرلندي، المقرب من المحافظين. ولا يستبعد انضمام حزب "الاستقلال"، للتحالف، لا سيما أنه لايختلف مع المحافظين في قضايا عدة، منها الهجرة، وتوزيع الثروة، وخلق فرص العمل من خلال التخصيص، وعضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي. أما الملفات الخلافية بينهما، فيُمكن التوصل إلى "تسوية" حولها في إطار برنامج عمل مشترك.
ومن المستبعد جداً أن يلجأ "المحافظين" للتحالف مع "العمال"، لأنّ الحزبين على خصومة سياسية لا تسمح لهما بالتعايش في حكومة ائتلافية تمنح أياً منهما الحكم بشكل فعال. ويستبعد المراقبون أن يتحالف "المحافظين" مع "الوطني الاسكتلندي"، لا سيما بعد إعلان زعيمة الحزب نيكولا ستورجون، في مناظرة تلفزيونية، أنها "لن تتحالف مع المحافظين أبداً، بل ستسعى بكل جهدها لترى نهاية حكومة كاميرون".
وفي الجانب الآخر من المعادلة، لا يُستبعد احتمال فوز حزب "العمال" بأغلبية من المقاعد، ولكن غير الكافية لتشكيل الحكومة إلا بالتحالف مع شريك آخر، وهنا تبدو خيارات زعيمه إيد ميليباند، محصورة بين "الوطني الاسكتلندي" بالدرجة الأولى، ثم حزب "الخضر". وعلى الرغم أن ميليباند رفض عرضاً صريحاً للتحالف قدمته له زعيمة الحزب "الوطني الاسكتلندي" نيكولا ستورجون، خلال مناظرة تلفزيونية، إلا أن هذا الاحتمال غير مستبعد، بل يبدو الأقرب للتحقق، لا سيما أن الحزبين يعملان لإخراج "المحافظين" من الحكم.
وحتى العاشرة من مساء اليوم، موعد إغلاق صناديق الاقتراع، تظل ماهية الحكومة البريطانية المقبلة برسم ما ستفصح عنه عمليات فرز أكثر من 30 مليون صوت، موزعة في 40 ألف مركز اقتراع.