وسط إجراءات الوقاية من انتشار فيروس كورونا، تنطلق في عموم أنحاء روسيا، اليوم، المرحلة الرئيسية من الامتحان الحكومي الموحد للمدارس الثانوية الروسية لمئات الآلاف من خريجي دفعة 2020، مع توفير قفازات وكمامات طبية مجانية للتلاميذ ومراعاة التباعد الاجتماعي. على الرغم من ذلك، لن يكون ارتداء القفازات والكمامات إلزامياً إلا لمنظمي الامتحانات، فيما تُرك للسلطات المحلية في كل إقليم تحديد مستوى الخطورة وإعلام التلاميذ بنظام إجراء الاختبارات. كما تم تعميم مطلب وجود الطواقم الطبية بلجان الامتحانات في كافة الأقاليم لقياس درجة حرارة جميع التلاميذ وتقييم حالتهم الصحية من دون اشتراط الخضوع لاختبارات كوفيد-19 إلا للعاملين باللجان. وبعكس السنوات السابقة، يقتصر اجتياز امتحانات الثانوية العامة على التلاميذ الراغبين في مواصلة الدراسة في المرحلة الجامعية، على أن يتم إعلان النتيجة بحلول منتصف أغسطس/ آب المقبل.
في هذا الإطار، تؤكّد رئيسة اللجنة الوطنية الروسية لأولياء الأمور، إيرينا فولينيتس، على اطمئنانها لإجراءات ضمان سلامة صحة التلاميذ أثناء الامتحانات في ظل استمرار تراجع عدد الإصابات اليومية الجديدة بكورونا، وتماثل الغالبية المطلقة من المصابين للشفاء. وتقول لـ"العربي الجديد": "شيئاً فشيئاً، يرفع نظام العزل الذاتي في روسيا، وقد تقرّر إجراء امتحانات المدارس الثانوية بعد تأجيل كبير، وأي إرجاء آخر كان سيعني عدم بدء العام الدراسي الجديد في الجامعات في موعده".
ولمّا كانت المؤسسات التعليمية الروسية قد تحولت منذ منتصف مارس/ آذار إلى نظام التعليم عن بعد منعاً لأي تجمعات عامة أثناء الوباء، أثار ذلك مخاوف من تأثر مستوى الخريجين سلباً هذا العام. وتعلّق فولينيتس: "يؤثر نظام الدراسة عن بعد سلباً على جودة التعليم حتى للكبار، فما بالك الأطفال؟ نتعامل معه على أنه مجرد بديل مؤقت. هناك شائعات تفيد باستمراره في بداية العام الدراسي المقبل. لكننا نأمل في العودة إلى الدراسة بشكل طبيعي، ولن نلجأ للتعليم عن بعد إلا في حال حدوث موجة ثانية من الوباء".
مع ذلك، تلفت فولينيتس إلى أن تدهور جودة التعليم لن يؤثر على مساواة فرص الخريجين في الالتحاق بالجامعات، إذ أنه أدى إلى تراجع مستواهم جميعاً من دون أن يكون حكراً على فئة بعينها.
من جهة أخرى، توقع خبراء استطلعت صحيفة "إزفيستيا" الروسية آراءهم تحسناً في نتائج الامتحان الحكومي الموحد في ظل غياب التلاميذ "الضعفاء" الذين لا يطمحون للالتحاق بالجامعات. وقال مدير مركز تحليل البيانات التعليمية التابع للأكاديمية الروسية للاقتصاد الوطني والخدمة العامة يفغيني ماليفانوف: "هناك قسم من التلاميذ الذين كانوا يدخلون الامتحانات فقط للحصول على الشهادة، وسيحصل هؤلاء عليها من دون اجتياز الامتحان الحكومي الموحد. يعني ذلك تراجعاً في عدد الخريجين الذين كانوا يدخلون الامتحانات من دون الاستعداد لها بشكل جيد. سيسقط هؤلاء من الإحصائيات، ولذلك قد تتحسن النتائج قليلاً".
وبحسب أرقام الهيئة الفيدرالية الروسية للرقابة على التعليم "روس أوبر نادزور"، فإنّ 48 ألفاً من الخريجين سجلوا أنفسهم فقط لامتحاني اللغة الروسية والرياضيات المطلوبين لنيل شهادة المدرسة الثانوية من دون مواصلة التعليم الجامعي، وهو أمر بات متوفراً من دون دخول أي امتحانات من أساسها هذا العام. مع ذلك، أظهر استطلاع نشرت خدمة الكراسة التفاعلية "سكاي سمارت" نتائجه في يونيو/ حزيران عام 2020، أن 74 في المائة من أولياء الأمور الروس يتخوفون من تأثير كورونا سلباً على نتائج امتحانات أبنائهم، فيما أعرب 21 في المائة فقط عن ثقتهم بأن الوضع الراهن لن يؤثر على النتيجة. كما أبدى 85 في المائة من أولياء الأمور مواقف سلبية من احتمال بدء العام الدراسي الجديد بنظام التعليم عن بعد، لافتين إلى مجموعة من المشاكل التي اصطدموا بها مثل تراجع جودة التعليم والخوف على صحة أبنائهم في ظل انعدام الأنشطة البدنية اللازمة. ويشكون من اضطرار الآباء إلى زيادة مشاركتهم في تعلّم الأطفال، إضافة إلى بعض المشاكل التقنية.
وكان من المقرر أصلاً أن تنطلق امتحانات المدارس الثانوية الروسية في 25 مايو/ أيار الماضي، وأرجئت إلى 8 يونيو/ حزيران إلى حين انحسار الوباء. وفي نهاية الأمر، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن تحديد يوم 29 يونيو/ حزيران موعداً لبدء الامتحانات، لكنّه تقرّر أن تجري الامتحانات في اليومين الأولين بنظام تجريبي، على أن تنطلق المرحلة الرئيسية اليوم.