يقول المحللون إن أبرز تداعيات انعدام الشفافية وضع مقدرات الخزانة العامة في غير موضعها، كزيادة الإنفاق على حماية النُظُم على حساب المتطلبات الاجتماعية.
بينما احتفل العالم أول من أمس، الأربعاء، بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد، تجلى سجل غير مشرف في شأن الفساد في الدول العربية، حيث أظهرت نتائج مؤشر مدركات الفساد لمنظمة الشفافية الدولية، أن قائمة أفضل 10 دول على مؤشر الشفافية لم تشمل ولو دولة عربية واحدة، فضلاً عن أن قائمة العشر دول الأكثر فسادًا تضم 4 دول عربية هي (ليبيا، والعراق، والسودان والصومال).
ويحتفل العالم في التاسع من ديسمبر/كانون الأول من كل عام بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد، وتلك مناسبة تتبنى فيها الأمم المتحدة ومنظمة الشفافية الدولية مجموعة من الفعاليات، التي تحذر من مخاطر الفساد، وبخاصة على مستقبل التنمية.
ومن بين 175 دولة شملها مؤشر الشفافية الدولية في عام 2014، حصلت دولة عربية واحدة على الترتيب 26 بتقويم 69 درجة من 100 درجة، هي مجموعة درجات المؤشر، وهي قطر، بينما بقيت كافة الدول العربية دون حاجز أقل من 50 درجة.
وتشير هذه البيانات إلى أن الفساد في الدول العربية يمارَس بشكل ملحوظ، ويحد من إمكانية نجاح مشروعات التنمية، وبخاصة في الدول التي تشهد صراعات مسلحة، حيث أن الدول العربية الأربع التي أتت في قائمة الدول العشر الأكثر فسادًا على مستوى العالم، هي دول تعاني من ويلات حروب أهلية، بعضها مضى عليه أكثر من ثلاثة عقود، وهي الصومال، ولا يتوقع أن تنتهي هذه الصراعات في باقي الدول مثل ليبيا والعراق والسودان في الأجل القريب.
وعادة يركز مؤشر الفساد على قياس ممارسات الفساد بشكل مباشر، مثل الحصول على الرشوة، أو فساد العقود الحكومية، أو تحقيق الموظف العام لمصالح شخصية مادية من وجوده في منصبه، ولكن الفساد في الدول العربية الذي يعيق التنمية، ولا يصنع إنساناً صالحاً، ينعم بالتنمية ويسعى إلى تحقيقها، تتعدد صوره، بأشكال أخرى غير مباشرة، تضاف إلى ما يتضمنه مؤشر الشفافية الدولية.
اقرأ أيضاً: تقرير:39.8 مليار دولار خرجت من مصر بصورة غير مشروعة
سوء استغلال الموارد
من الملاحظ أن غالبية الدول العربية لم تعط اهتماما مناسبا بموازناتها العامة، إلا في إطار ما فرضته عليها المنظمات الدولية، في حالة لجوئها إلى الاقتراض من الخارج، أو في ضوء تقويم مؤشر "الاستبيان العالمي للموازنة"، والذي يضم عددا قليلا من الدول العربية، ومن هنا تبدت الكثير من العورات في بعض الدول العربية، التي تناقش موازناتها بشكل علني، أو تتاح عنها بيانات منشورة.
ففي ظل معدل بطالة فاق نسبة 20% مؤخرا في العالم العربي، واتساع رقعة الفقر، وشيوع ظاهرة الهجرة إلى الخارج، سواء بطريقة شرعية أو غير شرعية، تبين أن هناك سوء توزيع للموارد المالية المتاحة في الدول العربية، ففي الوقت الذي تحافظ فيه هذه الدول على زيادة إنفاقها على أمن النُظم الحاكمة، يتراجع الإنفاق على متطلبات الرعاية الاجتماعية، والتعليم والصحة، والبنية الأساسية اللازمة.
ويقول المحللون إن سوء تخصيص الموارد ليس مجرد أرقام صماء تُرصد في الموازنة، ولكنها تعكس مدى صحة هذا الإنفاق وأهمية العائد منه، فتوجيه النفقات اللازمة لقطاعات التعليم والصحة، تساعد على بناء إنسان سويٍّ، يمكن أن يمارس دوره المجتمعي بشكل سليم، سواء كان ممولا يدفع الضرائب، أو مستفيداً من الخدمات التي تقدمها لدولة، ولذلك يتحدد موقفه من ممارسة الفساد أيّاً كان موقعه على مدى استفادته من الإنفاق العام.
اقرأ أيضاً: موازنة 2016 تثير أزمة بين البرلمان والمعارضة الجزائرية
ثقافة الإفساد
في ضوء الممارسات الاقتصادية والمجتمعية في العالم العربي على مدار العقود الأربعة الماضية، تم الترسيخ لثقافة الإفساد، من خلال ممارسات نالت قطاعات مهمة في المجتمع العربي، وبخاصة في مجالي التعليم والإعلام.
ورسخت الكثير من الأعمال الإعلامية لشخصية الإنسان السلبي، الذي لا يهتم بالشأن العام، والمتنازل عن حقوقه، كما أشاعت صورة شديدة السلبية عن دور البرلمان، ولم توضح للمواطن الفارق بين الواقع السلبي، وما ينبغي أن يكون عليه واقع البرلمانات الحقيقية.
غياب الديمقراطية
لا توجد دولة عربية واحدة لديها تجربة ديمقراطية يمكن الاعتماد عليها، أو الإشارة إليها، وحتى الآمال التي تعلق بها الشارع العربي من خلال ثورات الربيع العربي، تم إجهاضها، وعادت النظم الديكتاتورية تطل برأسها من جديد، وهي أشرس مما كانت من حيث قمعها للشعوب العربية.
ويبدو أن غياب الديمقراطية حرم المنطقة العربية من وجود برلمانات حقيقية يمكنها محاسبة الحكومات، واعتماد ومراجعة الموازنات العامة، ولذلك كان غياب الديمقراطية من أهم الأسباب، التي أدت إلى انتشار الفساد في الدول العربية، ومنع مكافحته.
وفي ظل غياب الديمقراطية، اعتمدت معظم الحكومات العربية على المركزية في خططها العامة، وكذلك في إعداد الموازنات، فحرم المواطن العربي من حقه في صناعة خطة التنمية، ومن دوره في الرقابة المجتمعية على الموازنة العامة.
اقرأ أيضاً: 7.8 تريليونات دولار أموال غير مشروعة عالمياً
جهود مبعثرة
وجاء الاهتمام بمكافحة الفساد من قبل المجتمع الأهلي العربي، في الغالب، من خلال برامج للمعونات من الدول الأجنبية، وليس بدافع ذاتي. وتخوض المنظمات الأهلية عادة أعمالها في الدول العربية على أنها جزء من الدولة، وأنها بعيدة عن ممارسة السياسة، وأن دورها ليس بديلا عن الأجهزة الرقابية، وهذه الادعاءات، وإن كانت فيها جوانب من الصحة، إلا أنها تجرد هذه المنظمات من أهم أدوارها، لذلك أثر هذه المنظمات في الدول العربية ضعيف أو غير موجود.
ويطالب المحللون بضرورة أن يعي المجتمع الأهلي، أو المدني، الذي تعمل في إطاره جمعيات مكافحة الفساد، أن دوره ليس من قبيل الترف، ولكنه من قبيل الواجب، وأن مكافحة الفساد في ظل برلمانات صورية أو كرتونية، تجعل من دور جمعيات مكافحة الفساد هذه من الأعمال التي لها دلالاتها الإيجابية اقتصادياً واجتماعياً، إذ لا بد من تكامل دور جمعيات مكافحة الفساد على الصعيد القطري، وعلى الصعيد الإقليمي، وأن تسعى إلى دور تنسيقي مع الأجهزة الرقابية والبرلمانات.
اقرأ أيضاً: استرداد الأموال المنهوبة.. نلتقي في شرم
ويحتفل العالم في التاسع من ديسمبر/كانون الأول من كل عام بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد، وتلك مناسبة تتبنى فيها الأمم المتحدة ومنظمة الشفافية الدولية مجموعة من الفعاليات، التي تحذر من مخاطر الفساد، وبخاصة على مستقبل التنمية.
ومن بين 175 دولة شملها مؤشر الشفافية الدولية في عام 2014، حصلت دولة عربية واحدة على الترتيب 26 بتقويم 69 درجة من 100 درجة، هي مجموعة درجات المؤشر، وهي قطر، بينما بقيت كافة الدول العربية دون حاجز أقل من 50 درجة.
وتشير هذه البيانات إلى أن الفساد في الدول العربية يمارَس بشكل ملحوظ، ويحد من إمكانية نجاح مشروعات التنمية، وبخاصة في الدول التي تشهد صراعات مسلحة، حيث أن الدول العربية الأربع التي أتت في قائمة الدول العشر الأكثر فسادًا على مستوى العالم، هي دول تعاني من ويلات حروب أهلية، بعضها مضى عليه أكثر من ثلاثة عقود، وهي الصومال، ولا يتوقع أن تنتهي هذه الصراعات في باقي الدول مثل ليبيا والعراق والسودان في الأجل القريب.
وعادة يركز مؤشر الفساد على قياس ممارسات الفساد بشكل مباشر، مثل الحصول على الرشوة، أو فساد العقود الحكومية، أو تحقيق الموظف العام لمصالح شخصية مادية من وجوده في منصبه، ولكن الفساد في الدول العربية الذي يعيق التنمية، ولا يصنع إنساناً صالحاً، ينعم بالتنمية ويسعى إلى تحقيقها، تتعدد صوره، بأشكال أخرى غير مباشرة، تضاف إلى ما يتضمنه مؤشر الشفافية الدولية.
اقرأ أيضاً: تقرير:39.8 مليار دولار خرجت من مصر بصورة غير مشروعة
سوء استغلال الموارد
من الملاحظ أن غالبية الدول العربية لم تعط اهتماما مناسبا بموازناتها العامة، إلا في إطار ما فرضته عليها المنظمات الدولية، في حالة لجوئها إلى الاقتراض من الخارج، أو في ضوء تقويم مؤشر "الاستبيان العالمي للموازنة"، والذي يضم عددا قليلا من الدول العربية، ومن هنا تبدت الكثير من العورات في بعض الدول العربية، التي تناقش موازناتها بشكل علني، أو تتاح عنها بيانات منشورة.
ففي ظل معدل بطالة فاق نسبة 20% مؤخرا في العالم العربي، واتساع رقعة الفقر، وشيوع ظاهرة الهجرة إلى الخارج، سواء بطريقة شرعية أو غير شرعية، تبين أن هناك سوء توزيع للموارد المالية المتاحة في الدول العربية، ففي الوقت الذي تحافظ فيه هذه الدول على زيادة إنفاقها على أمن النُظم الحاكمة، يتراجع الإنفاق على متطلبات الرعاية الاجتماعية، والتعليم والصحة، والبنية الأساسية اللازمة.
ويقول المحللون إن سوء تخصيص الموارد ليس مجرد أرقام صماء تُرصد في الموازنة، ولكنها تعكس مدى صحة هذا الإنفاق وأهمية العائد منه، فتوجيه النفقات اللازمة لقطاعات التعليم والصحة، تساعد على بناء إنسان سويٍّ، يمكن أن يمارس دوره المجتمعي بشكل سليم، سواء كان ممولا يدفع الضرائب، أو مستفيداً من الخدمات التي تقدمها لدولة، ولذلك يتحدد موقفه من ممارسة الفساد أيّاً كان موقعه على مدى استفادته من الإنفاق العام.
اقرأ أيضاً: موازنة 2016 تثير أزمة بين البرلمان والمعارضة الجزائرية
ثقافة الإفساد
في ضوء الممارسات الاقتصادية والمجتمعية في العالم العربي على مدار العقود الأربعة الماضية، تم الترسيخ لثقافة الإفساد، من خلال ممارسات نالت قطاعات مهمة في المجتمع العربي، وبخاصة في مجالي التعليم والإعلام.
ورسخت الكثير من الأعمال الإعلامية لشخصية الإنسان السلبي، الذي لا يهتم بالشأن العام، والمتنازل عن حقوقه، كما أشاعت صورة شديدة السلبية عن دور البرلمان، ولم توضح للمواطن الفارق بين الواقع السلبي، وما ينبغي أن يكون عليه واقع البرلمانات الحقيقية.
غياب الديمقراطية
لا توجد دولة عربية واحدة لديها تجربة ديمقراطية يمكن الاعتماد عليها، أو الإشارة إليها، وحتى الآمال التي تعلق بها الشارع العربي من خلال ثورات الربيع العربي، تم إجهاضها، وعادت النظم الديكتاتورية تطل برأسها من جديد، وهي أشرس مما كانت من حيث قمعها للشعوب العربية.
ويبدو أن غياب الديمقراطية حرم المنطقة العربية من وجود برلمانات حقيقية يمكنها محاسبة الحكومات، واعتماد ومراجعة الموازنات العامة، ولذلك كان غياب الديمقراطية من أهم الأسباب، التي أدت إلى انتشار الفساد في الدول العربية، ومنع مكافحته.
وفي ظل غياب الديمقراطية، اعتمدت معظم الحكومات العربية على المركزية في خططها العامة، وكذلك في إعداد الموازنات، فحرم المواطن العربي من حقه في صناعة خطة التنمية، ومن دوره في الرقابة المجتمعية على الموازنة العامة.
اقرأ أيضاً: 7.8 تريليونات دولار أموال غير مشروعة عالمياً
جهود مبعثرة
وجاء الاهتمام بمكافحة الفساد من قبل المجتمع الأهلي العربي، في الغالب، من خلال برامج للمعونات من الدول الأجنبية، وليس بدافع ذاتي. وتخوض المنظمات الأهلية عادة أعمالها في الدول العربية على أنها جزء من الدولة، وأنها بعيدة عن ممارسة السياسة، وأن دورها ليس بديلا عن الأجهزة الرقابية، وهذه الادعاءات، وإن كانت فيها جوانب من الصحة، إلا أنها تجرد هذه المنظمات من أهم أدوارها، لذلك أثر هذه المنظمات في الدول العربية ضعيف أو غير موجود.
ويطالب المحللون بضرورة أن يعي المجتمع الأهلي، أو المدني، الذي تعمل في إطاره جمعيات مكافحة الفساد، أن دوره ليس من قبيل الترف، ولكنه من قبيل الواجب، وأن مكافحة الفساد في ظل برلمانات صورية أو كرتونية، تجعل من دور جمعيات مكافحة الفساد هذه من الأعمال التي لها دلالاتها الإيجابية اقتصادياً واجتماعياً، إذ لا بد من تكامل دور جمعيات مكافحة الفساد على الصعيد القطري، وعلى الصعيد الإقليمي، وأن تسعى إلى دور تنسيقي مع الأجهزة الرقابية والبرلمانات.
اقرأ أيضاً: استرداد الأموال المنهوبة.. نلتقي في شرم