الانقلاب الأول كان بعد أسبوعين فقط من تولي السيسي الرئاسة، في يونيو/ حزيران قبل الماضي. في هذا الانقلاب ألغى السيسي قانوناً أصدره محمد مرسي، الأستاذ الجامعي والرئيس المنتخب، بعد شهر واحد من توليه الرئاسة في 2012، يقضي بانتخاب رؤساء الجامعات وعمداء الكليات وحتى رؤساء الأقسام العلمية، وأصدر الجنرال قانوناً جديداً يمنح نفسه حق تعيين رؤساء الجامعات ويضيف حقاً آخر لم يكن من صلاحيات رؤساء الجمهورية السابقين وهو تعيين عمداء الكليات أيضاً.
ويفطن الجميع مبكراً لنوايا الجنرال تجاه أعضاء هيئات التدريس ومراكز البحوث الذين ينطبق عليهم جميعاً قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972. وبهذه السرعة ينقلب السيسي على أهم مكتسباتهم بعد ثورة يناير، ويكرس الدكتاتورية من جديد.
الانقلاب الثاني كان برفض السيسي اعتماد الزيادة الثانية لرواتب الأساتذة، والتي كان من المقرر لها أن تطبق اعتباراً من شهر يوليو/تموز 2015، وأقرها الرئيس محمد مرسي، ونفذ المرحلة الأولى منها منذ اليوم الأول لتوليه الرئاسة في الأول من يوليو/تموز عام 2012، بواقع 3500 جنيه للأستاذ و3000 للأستاذ المساعد و2500 للمدرس و1500 للمدرس المساعد و1000 للمعيد، بتكلفة لم تزد عن 3.2 مليارات جنيه (400 مليون دولار).
الزيادة الثانية كانت ستضاعف رواتب أعضاء هيئات التدريس من درجة معيد حتى درجة أستاذ وبنفس التكلفة تقريباً.
مع العلم أن راتب المعيد على سبيل المثال كان لا يتجاوز الألف جنيه (125 دولاراً!!)، وراتب الأستاذ لا يتجاوز الخمسة آلاف جنية (625 دولاراً!!) قبل زيادة محمد مرسي. وعلى كل حال، فإن هذه الزيادات لا تقارن من قريب أو بعيد بالزيادات المتكررة للقضاة وضباط الجيش والشرطة الداعمين لحكم السيسي.
الانقلاب الثالث كان دموياً فقد طاول الأساتذة والطلاب، 213 أستاذاً جامعياً، ما بين شهيد أو معتقل أو مطلوب لدى الجهات الأمنية، بحسب تقرير جبهة "جامعيون ضد الانقلاب"، و880 قتيلاً من الطلاب والطالبات، بعضهم قُتل داخل الحرم الجامعي نفسه، و2129 طالباً وطالبة بين معتقلين أو ملاحقين قضائياً، وأحكام بالسجن بلغت 594 سنة سجناً و3 ملايين و860 ألف جنيه كفالات، وعدة أحكام بالإعدام ضد الطلاب، وثقتها إحصائية "مرصد طلاب حرية" الذي دشنه نشطاء من طلاب الجامعات المصرية.
وبهذه الانقلابات المتكررة على أساتذة الجامعات، وعلى رأسهم أول رئيس جمهورية منتخب، محمد مرسي، يتكشف أن الانقلاب كان على القامة والقيمة والاسم والرمز، وتقبع مصر في ظل الانقلاب، في المركز قبل الأخير في جودة التعليم من إجمالي 140 دولة على مستوى العالم، طبقاً لأحدث تقرير صادر عن التنافسية العالمية، والذي يصدر سنوياً عن المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس".
اقرأ أيضاً:الجامعات المصرية تخصم 10% من رواتب الأساتذة