28 يونيو 2018
باحث في العلاقات الدولية
من حقنا أن نحلم بما نشاء.. لم نكن نعرف بأنه يمكننا ذلك حتى أصبحنا أحراراً في بلاد أخرى غير بلادنا، كنا نظن أن ثورتنا ستتيح لنا حق الحلم في بلادنا، إلا أن التهجير والقتل والتدمير والنزوح، جعلتنا نحقق ذلك في جغرافيا غير تلك التي ننتمي إليها..
لم يكن من المنطقي أن نكتب ما نشاء أو نرسم خططاً عن مستقبلنا بطموح لا حدّ لأبعاده، كانت الأحلام مؤطرة بتفاصيل معينة، لا.. بل كانت مؤطرة بألفاظ محددة ولم يكن يخرج أي منا عن هذه الألفاظ.
كان كل الأطفال يحلمون بأن يصبحوا أطباء ومهندسين، وما من أحد بينهم كان ليفكر بأن يصبح سياسياً أو ناشطاً اجتماعياً أو صحافياً أو حتى باحثاً في العلاقات الدولية! ماذا؟.. باحث في العلاقات الدولية؟
حتى لو فرضنا أن ولداً يمكنه أن يحلم بأن يصبح باحثا في العلاقات الدولية، فمن الذي أشار عليه بهذه المهنة؟ من من أهله قد شرح له تفاصيلها وزين له مزاولتها ورسم لابنه صورة هذا الباحث وساعده على الشغف نحوها؟.. من يجرؤ؟!.
ماذا ستجيبه آنسته في الصف الابتدائي إن سألته عن مهنته المستقبلية التي يحلم بها وقال لها: سأصبح باحثاً في العلاقات الدولية؟ ستفاجأ بتوصيف وظيفي لم يسبق لها أن قرأت عنه، أو سمعت أن أحداً من أقاربها قد زاول هذه المهنة، وستفكر ملياً بأحد الباحثين في العلاقات الدولية، ولن يخطر ببالها أن لفظاً مرموقاً كهذا لن ينطبق على أحد تعرفه هي أبداً، حتى ولو كان عبد المسيح الشامي من أقربائها.. فهذا الأخير لا يمكن لأحد من السوريين إلا أن يصفه ببوق، تستهلكه القنوات الرسمية التابعة للنظام السوري، وتقذف به نحو المناظرات السياسية التي لا طائل منها سوى الجعجعة.
لن يخطر ببالها أنّ أشهر الباحثين في العلاقات الدولية، هم من صاغوا لها أسلوب حياتها وأسلوب حياة كل سكان الأرض، وأثّروا في سياسات بلدانهم ولهم توصيفات أخرى وذلك تبعاً لكل بلد.
ستسأل الآنسة طالبها: "ماذا تعرف عن هذه المهنة أصلاً لتحلم بها؟ يا فصعون؟"، فبهذا السؤال تكون الآنسة قد رمت الكرة بملعب الطالب، الذي يبدو أن ما لديه من اطلاع يفوق ما لدى آنسة تقولب تفكيرها بقوالب البعث والطلائع، ومعهد إعداد المدرسين الذي يشرف عليه عصابة من القيادة القطرية.
ستفكر الآنسة أثناء انبهارها بما يفعله الباحث في العلاقات الدولية؛ أين يبحث؟ وعمَّ يبحث؟ هل يؤدي أيضاً تحية العلم كل يوم أمام سارية باردة؟ لا بد أنه يقرأ كثيراً وزوجته تعاني من توضيب الجرائد المملة المملوءة بالمقالات المطبوعة بخطوط ناعمة.
ولا بد أنه يطرح أسئلة صعبة على زوجته، ويجبر كل أسرته على متابعة نشرات الأخبار. هل هذا الطفل ابن أحد الباحثين؟ ما الذي دفع هذا الولد المشاغب للتفكير بهذه المهنة؟ هل عليّ أن أستدعي المدير لأستشيره بخطورة المهنة التي لا أعرف حتى أنا توصيفها؟
فيجيبها الطفل ببراءة: "رأيت في التلفزيون جارنا الشرطي وقد كتبوا تحت اسمه أن مهنته باحث في العلاقات الدولية، وقد ألبسوه بدلة لم أره بها من قبل قط، أريد مثل هذه البدلة وأريد أن أظهر على التلفزيون!".
لم يكن من المنطقي أن نكتب ما نشاء أو نرسم خططاً عن مستقبلنا بطموح لا حدّ لأبعاده، كانت الأحلام مؤطرة بتفاصيل معينة، لا.. بل كانت مؤطرة بألفاظ محددة ولم يكن يخرج أي منا عن هذه الألفاظ.
كان كل الأطفال يحلمون بأن يصبحوا أطباء ومهندسين، وما من أحد بينهم كان ليفكر بأن يصبح سياسياً أو ناشطاً اجتماعياً أو صحافياً أو حتى باحثاً في العلاقات الدولية! ماذا؟.. باحث في العلاقات الدولية؟
حتى لو فرضنا أن ولداً يمكنه أن يحلم بأن يصبح باحثا في العلاقات الدولية، فمن الذي أشار عليه بهذه المهنة؟ من من أهله قد شرح له تفاصيلها وزين له مزاولتها ورسم لابنه صورة هذا الباحث وساعده على الشغف نحوها؟.. من يجرؤ؟!.
ماذا ستجيبه آنسته في الصف الابتدائي إن سألته عن مهنته المستقبلية التي يحلم بها وقال لها: سأصبح باحثاً في العلاقات الدولية؟ ستفاجأ بتوصيف وظيفي لم يسبق لها أن قرأت عنه، أو سمعت أن أحداً من أقاربها قد زاول هذه المهنة، وستفكر ملياً بأحد الباحثين في العلاقات الدولية، ولن يخطر ببالها أن لفظاً مرموقاً كهذا لن ينطبق على أحد تعرفه هي أبداً، حتى ولو كان عبد المسيح الشامي من أقربائها.. فهذا الأخير لا يمكن لأحد من السوريين إلا أن يصفه ببوق، تستهلكه القنوات الرسمية التابعة للنظام السوري، وتقذف به نحو المناظرات السياسية التي لا طائل منها سوى الجعجعة.
لن يخطر ببالها أنّ أشهر الباحثين في العلاقات الدولية، هم من صاغوا لها أسلوب حياتها وأسلوب حياة كل سكان الأرض، وأثّروا في سياسات بلدانهم ولهم توصيفات أخرى وذلك تبعاً لكل بلد.
ستسأل الآنسة طالبها: "ماذا تعرف عن هذه المهنة أصلاً لتحلم بها؟ يا فصعون؟"، فبهذا السؤال تكون الآنسة قد رمت الكرة بملعب الطالب، الذي يبدو أن ما لديه من اطلاع يفوق ما لدى آنسة تقولب تفكيرها بقوالب البعث والطلائع، ومعهد إعداد المدرسين الذي يشرف عليه عصابة من القيادة القطرية.
ستفكر الآنسة أثناء انبهارها بما يفعله الباحث في العلاقات الدولية؛ أين يبحث؟ وعمَّ يبحث؟ هل يؤدي أيضاً تحية العلم كل يوم أمام سارية باردة؟ لا بد أنه يقرأ كثيراً وزوجته تعاني من توضيب الجرائد المملة المملوءة بالمقالات المطبوعة بخطوط ناعمة.
ولا بد أنه يطرح أسئلة صعبة على زوجته، ويجبر كل أسرته على متابعة نشرات الأخبار. هل هذا الطفل ابن أحد الباحثين؟ ما الذي دفع هذا الولد المشاغب للتفكير بهذه المهنة؟ هل عليّ أن أستدعي المدير لأستشيره بخطورة المهنة التي لا أعرف حتى أنا توصيفها؟
فيجيبها الطفل ببراءة: "رأيت في التلفزيون جارنا الشرطي وقد كتبوا تحت اسمه أن مهنته باحث في العلاقات الدولية، وقد ألبسوه بدلة لم أره بها من قبل قط، أريد مثل هذه البدلة وأريد أن أظهر على التلفزيون!".