تسلمت ألمانيا منذ بداية الشهر الجاري رئاسة الاتحاد الأوروبي ولمدة ستة أشهر، حيث من المفترض أن تقوم برلين بتنسيق سياسات الكتلة بين الدول الأعضاء. وتأتي قيادة ألمانيا لدول الاتحاد الأوروبي في فترة صعبة، إذ توجد العديد من الخلافات بين دول الشمال الغنية ودول الجنوب الأوروبي بشأن كيفية التحفيز وأموال الإنقاذ من جائحة كورونا.
على الصعيد الألماني تتخوف الشركات الألمانية من السياسات الحمائية التي ربما تنفذها بعض الدول الأعضاء بالاتحاد. وفي هذا الصدد ذكرت صحيفة "دي فيلت" الألمانية أن غرفة التجارة والصناعة الألمانية سجلت مطالبها قبل بضعة أسابيع للحكومة، والتي بينها منع السياسات الحمائية لاستعادة السوق الموحدة، كما لفتت إلى أهمية فتح الحدود على الرغم من الضوابط التي نسقت بطريقة أفضل عما كانت عليه في بداية أزمة كورونا، كما طالبت باحترام المبادئ التجارية بالشكل الذي يبرز السوق الداخلية للدول كسوق واحدة بعد تخفيف الإجراءات، وأن تعمل السوق التي تعد العمود الفقري للاقتصاد الأوروبي بسلاسة خاصة في الأزمات الاقتصادية.
كما دعا أرباب العمل الحكومة الاتحادية لمتابعة المصالح الألمانية والمشاريع التشريعية الأوروبية الأساسية، والتي من بينها سياسات الحد الأدنى للأجور داخل دول الاتحاد الأوروبي وخطط إعادة التأمين ضد البطالة. واعتبر السياسي ألكسندر غراف لامبسدورف في تعليقات لشبكة" ايه ار دي" الإخبارية الألمانية، أنه يجب على الرئاسة أن تتعامل أولاً مع حالات الإفلاس والحفاظ على الوظائف، وبعدها يمكن الحديث عن قضايا أخرى تتعلق بتطور الاتحاد الأوروبي.
من جهته، حذر رئيس الصناعيين ديتر كيمبف الحكومة الفيدرالية من التعثر، لافتاً، في حديث مع وكالة الأنباء الألمانية، أن على المانيا وخلال رئاستها للاتحاد الأوروبي أن تعمل بشكل متسق على الانتعاش الاقتصادي في أوروبا. وفي السياق نفسه ذكرت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ"، أن على المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن تعمل بشعار المستشار الألماني الأسبق هيلموت كول: لسنا بحاجة إلى أوروبا ألمانية، بل إلى ألمانيا أوروبية".
من جانبه قال رئيس البرلمان الألماني، وزير المالية السابق، فولفغانغ شويبله، والذي لعب دوراً رئيسياً في إدارة أزمة ديون اليورو من 2009 حتى 2017، وإعادة جدولة ديون اليونان، ينبغي العمل على تعزيز توسيع الاتحاد النقدي ليشمل كامل دول الاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى أن الكتلة الأوروبية بحاجة إلى سياسة اقتصادية ومالية مشتركة لتحقيق الاستقرار للعملة الأوروبية الموحدة على المدى الطويل، مضيفاً أن الأمر اليوم يتطلب الشجاعة التي لم تكن لدينا عام 2010، لتحقيق المزيد من الاندماج في منطقة اليورو، ولا يجب تفويت الفرصة مرة أخرى.
وفي المجال نفسه، انتقد شويبله المناقشات الحالية في بروكسل بشأن صندوق إعادة الانتعاش الاقتصادي، وما إذا كانت أموال المساعدة المخطط لها يجب أن تقدم كمنح أو قروض، مبرزاً أنه وبدلاً من التركيز على جوانب التمويل ينبغي إجراء مناقشة مفتوحة على المستوى الأوروبي حول المشاريع المشتركة التي يجب أن تنفذها الدول الأعضاء، وكيفية ضمان الاستخدام الفعال للأموال مع مبادئ توجيهية صارمة، أي الحديث بشكل أكبر حول مسألة ما نريد القيام به على وجه التحديد من أجل النهوض بأوروبا.
وقال، هناك الآن فرصة لمراجعة النموذج الاقتصادي بأكمله بشكل نقدي وتصحيح تجاوزات العولمة، كما ناشد الاتحاد الأوروبي باتخاذ احتياطات أفضل ليكون أكثر مرونة وسيادة في الأزمات، وللقيام بذلك لا بد من استقلالية استراتيجية أكبر، من خلال بناء سلاسل توريد بديلة مع العديد من أماكن الإنتاج الفعالة من حيث التكلفة لتنويع المخاطر الجغرافية.
إلى ذلك قال مكتب الإحصاءات أمس الثلاثاء، إن الإنتاج الصناعي الألماني انتعش في مايو/أيار، ليرتفع 7.8 بالمئة على أساس شهري بعد أن انخفض بنسبة مُعدلة قدرها 17.5 بالمئة في أبريل/نيسان. وذلك في أحدث مؤشر على أن أكبر اقتصاد في أوروبا يتعافى من إجراءات العزل العام.