حصل واحد من كل عشرة بريطانيين يعملون في المفوضية الأوروبية تقريبا على جنسية دولة أخرى من دول الاتحاد الأوروبي، منذ التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد، لكنهم رغم ذلك يتقبلون احتمال تقلّص فرص ترقّيهم.
وتعكس لقاءات وبيانات من الاتحاد الأوروبي توافرت لوكالة "رويترز" نظرة تشاؤمية للمستقبل في بروكسل تسود بين نحو 900 بريطاني يعملون في المفوضية الأوروبية، بعد أن تنسحب بريطانيا فعليا من الاتحاد، في مارس/آذار من العام المقبل، بعد الاستفتاء الذي أجرته في يونيو/حزيران عام 2016.
ويشيرون كذلك إلى دور الجنسية في الترقي الوظيفي في الاتحاد الأوروبي، رغم السياسة الرسمية التي تمنع التمييز على أساس جواز السفر، وقد خبَر بعض البريطانيين ذلك بالفعل.
وقال مسؤول في منتصف مراحل الترقي المهني خدم في المفوضية لأكثر من 20 عاما وحصل، مثل كثيرين غيّروا جنسياتهم، الآن، على جواز سفر أيرلندي "كبريطانيين انتهت حياتنا المهنية هنا بالفعل... لكن لن ينظر إليّ أحد باعتباري أيرلنديا.. إنها مجرد وسيلة تأمين في الوقت الراهن".
وتعهّد جان كلود يونكر، رئيس المفوضية الأوروبية، رسميا، للبريطانيين، في أواخر مارس/آذار، بأن المفوضية لن تمارس حقها في عزلهم بعد يوم 29 مارس/آذار عام 2019 عندما يفقدون جنسية الاتحاد الأوروبي التي تعتبر من مسوغات التعيين فيها، لكن رغم هذا التعاطف مع معاناتهم من جانب القيادة يعبّر البريطانيون العاملون عن موقفهم بالتخلي عن جنسيتهم البريطانية.
وتظهر بيانات معلنة أنه في الأول من يناير/كانون الثاني من هذا العام كان هناك 894 موظفا سجلوا الجنسية البريطانية كجنسية أولى لهم في المفوضية الأوروبية، لكن هذا الرقم تراجع بنسبة 13%، أي 135 شخصا، عنه قبل عام وبنسبة 21%، أي 240 شخصا عن بداية عام 2016.
وتظهر بيانات داخلية أوردها مسؤول في الاتحاد الأوروبي أنه، منذ مايو/أيار 2016، تقاعد "عدد يزيد قليلا عن 150" بريطانيا أو استقالوا أو تركوا العمل بانتهاء عقد توظيف مؤقت يمنح لنحو ربع العاملين في المفوضية، وعددهم 32 ألف موظف.
وجرى تعيين نحو 65 بريطانيا جميعهم باستثناء أربعة فقط بعقود قصيرة الأجل، أي أن صافي التراجع بلغ 85 شخصا.
جوازات سفر جديدة
والمفاجئ أنه بالمقارنة بهذا الانخفاض، غيّر "أكثر قليلا من مائة" بريطاني جنسيتهم الأولى إلى جنسية دولة أخرى من دول الاتحاد البالغ عددها 27 دولة، خاصة أيرلندا التي تنحدر أصول العديد من البريطانيين منها وكذلك فرنسا.
وتسمح بريطانيا بالجنسية المزدوجة، فالذين يغيّرون جنسياتهم لا يتعين عليهم التخلي عن جنسيتهم البريطانية.
وأظهرت الأحاديث مع مسؤولين من الاتحاد الأوروبي - رفضوا جميعا نشر أسمائهم وهم يتحدثون عن اختيارات شخصية- أن بعض البريطانيين لديهم بالفعل جنسيتان وغيّروا فقط الجنسية الأولى في سجلات المفوضية.
وبعضهم سارع بالسعي للحصول على جنسية جديدة بعد الاستفتاء، والبعض الآخر لديه جنسية أخرى لكن لم يغيرها في السجلات بعد، في حين يفكر الكثيرون أو تقدموا بالفعل بطلبات للحصول على جنسية دولة أخرى.
ومن بين الدول التي يسعون للحصول على جنسيتها بالتأكيد بلجيكا، لكنها قاومت منح الجنسية لبعض العاملين في الاتحاد الأوروبي، رغم إقامة بعضهم لعقود في بروكسل، على أساس أنهم خارج النظام الضريبي المحلي.
وناشد يونكر شخصيا رئيس وزراء بلجيكا، هذا الشهر، لإبداء بعض التعاطف، ودور الجنسية في الترقي الوظيفي في الاتحاد الأوروبي مسألة حساسة.
رسمياً "يترك المسؤولون جوازات سفرهم على الباب"، لكن المسؤولين يتوقعون من فريق العمل كذلك أن يعبّر عن التنوع داخل الاتحاد.
وقالت متحدثة باسم المفوضية لرويترز "لا نرى كيف يمكن لتغيير الجنسية الأولى ... أن يحقق أي ميزة. الترقي في الاتحاد الأوروبي يعتمد فقط على الكفاءة"، لكن حتى قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كان البعض يتحدى ذلك قائلا، في أحاديث خاصة، أنه يجري تجاوز البريطانيين في الترقي أو حرمانهم من أعمال قد يرى رؤساؤهم أنها قد تسبب تضارب ولاءات بين بروكسل ولندن.
ويقول بعض العاملين البريطانيين إن ذلك كان يشعرهم بالإحباط لأنهم يشعرون أن التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي عزز تمسكهم بمشروع تخلى عنه أبناء وطنهم.
وقال أحد قدامى العاملين "كان ذلك مؤلما"، وأضاف "منذ الاستفتاء أشعر بتراجع هويتي البريطانية، لكن العالم يرى تراجع هويتي الأوروبية".
(رويترز)