بطرس حرب: رئيس الجمهوريّة اللبنانية بات ورقة حظ

نادر فوز

avata
نادر فوز
09 مايو 2014
F7D771CE-6903-4043-AAB7-1E3813CB3024
+ الخط -
يؤكد وزير الاتصالات اللبناني، بطرس حرب، أنّ الأزمة السياسية الحالية خطرة على واقع النظام اللبناني، مشيراً إلى أنّ الفشل في تخطي هذه الأزمة قد يقود اللبنانيين إلى نظام سياسي جديد. مشكلة وزير الاتصالات الحالي مع بعض الأطراف والسياسيين، هي في غياب الثقافة السياسية، وفي وضع المصالح الشخصية في مرتبة أعلى من مصالح الدولة والمؤسسات. يتابع حرب مع حلفائه في قوى 14 آذار النقاش ورسم الخطط في ما يخص ملف الرئاسة، بينما يعترف بتأثر الساحة اللبنانية بالأزمة الإقليمية. فقد يكون انتظار كيفية تحوّل مسار الأمور في المنطقة واجباً أو فرضاً على اللبنانيين. وفي جانب آخر، يؤكد حرب دعمه لزيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى القدس، معتبراً أنها تشكّل تحدّياً للنظام الصهيوني.

* تعطّلت جلسة انتخاب رئيس الجمهورية للمرة الثالثة على التوالي، هل غياب النواب عن جلسات الانتخاب حق يكفله الدستور للكتل والنواب؟

- لا شك أنّ الدستور لا ينص على إلزامية حضور النائب وإلا يخسر نيابته. إنّ حق الحضور أو الغياب يعود للنائب أن يقدّره. لكن النظام الداخلي في مجلس النواب يتناول إلزام حضور النواب لاجتماعات اللجان النيابية، والثابت في القانون الدستوري، أنه لا يمكن استخدام حق يؤدي إلى الإضرار في سير النظام والمرافق العامة وتعطيل الهيئات العامة.
هذا الحق يُمارَس للتعبير عن موقف، لكن في استحقاق رئاسي مماثل، يتحوّل هذا الحق من حق دستوري إلى وسيلة للضغط والابتزاز السياسي. وهذا يتناقض مع الديموقراطية. وأعتقد من أهم واجبات النواب الحضور والمشاركة في الانتخابات الرئاسية. ممارسة هذا الحق في هذا الشكل ضرب للنظام الديموقراطي وممارسة سلبية لحق يجب أن يُمارس إيجاباً وليس سلباً.

* هل وصلنا إلى الفراغ الرئاسي؟

- قد نصل إلى شغور وليس إلى فراغ، باعتبار أنّ الدستور منح مجلس الوزراء صلاحية لعب دور الرئاسة في حال الشغور ولأي سبب كان. على الرغم من ذلك، ثمة أزمة كبيرة في البلد، باعتبار أن ملء الحكومة لمنصب الرئاسة يتم على أساس أزمة، تمرير الأمور التي لا تقبل التأجيل، وإلا لما كانت هناك ضرورة لانتخاب رئيس للجمهورية؟ أعتقد أنه حتى لو كان مجلس الوزراء يستطيع ممارسة صلاحية الرئيس، فإنّ غياب الرئيس، الساهر على الدستور، غياب خطير جداً يؤدي إلى تعريض النظام السياسي لفقدان المناعة وبالتالي لإمكانية سقوطه أمام أي تحدٍ كبير يواجه البلد.

* كيف يمكن اختصار الأزمة والتوصل إلى تسمية شخصية توافقية لرئاسة الجمهورية ترضي 8 و14 آذار؟

- المشكلة تحوّلت إلى كيفية انتخاب رئيس للجمهورية يرضي كل الناس. وكأن رئيس الجمهورية بات ورقة يانصيب (لعبة حظّ)، تختار رقمك ولا تعرف ما إذا كنت ستصيب أو لا. المطروح رئيس لا موقف له، شخص توافقي لا لون له ولا رأي له، ولا نعرف كيف سيتعاطى في حال وصل إلى الرئاسة. وهذه مخاطرة بالبلد. أعتقد أن لبنان لا يحتمل تجارب مماثلة. عكس كل دول العالم حيث يتم اختيار شخصيات نظراً لتطلعاتها ورؤيتها وخبرتها، في لبنان ننتخب للتسوية. برأيي، التسوية تشبه الصفقة، والصفقة تتم دائماً على الأسوأ وليس الأحسن. يجب التخلي عن فكرة التوافق والمضيّ في احترام الدستور وعلى ما ينص عليه لانتخاب الرئيس. وربما قد يعمل الجميع، وفريق 14 آذار على الأخص، إلى طرح شخصيات قادرة على جمع اللبنانيين، باعتبار الرئيس هو لكل لبنان وليس لـ14 آذار.

* لكن فريق 14 آذار رشّح رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، للرئاسة، ما اعتبره خصومكم استفزازاً؟

- عملياً، خاض الدكتور جعجع أول معركة ولم ينل الأكثرية، والفريق الآخر يقوم بالتعطيل، فوصلنا إلى حائط مسدود نتيجة غياب الكتل ومقاطعتها الجلسات. طبعاً يجب أن ينتقل الخيار إلى شخصيات ترشيحها لا يعطّل النصاب. يحاول البعض القول إنّ ترشيح جعجع أدى إلى تعطيل النصاب، وأنا لست مؤمناً بهذه النظرية. فريق 8 آذار لم يتوصل بعد إلى تحقيق ما يتمناه، فيعطل النصاب. لو رشحنا أمين الجميل مرشحاً أو روبير غانم، كان فريق 8 آذار استخدم السياسة نفسها. قد يكون، بنظر بعض الناس، اسم جعجع استفزازياً، فيستعملون هذا الأمر حجة للتعطيل. فبات اسم جعجع يخدم الفريق الآخر ويسهّل عليه التعطيل.

* ألم يدفع هذا الواقع قوى 14 آذار إلى تبني اسم مرشّح آخر؟

- فلنقل أننا على تواصل دائم، واجتماعاتنا التشاورية مستمرة. هذا الملف وهذا النقاش مفتوحان في ضوء التطورات، بصورة إيجابية وبالتأكيد دون تصادمات بل بكثير من التفاهم. لا جعجع يخوض المعركة لأجل خوضها فقط، ولا نحن ننوي خوضها لذلك. معركتنا جميعاً هي بهدف إيصال شخص إلى سدّة الرئاسة يؤمن بمبادئنا ويستطيع على الأقل أن يدافع عنها. وبناءً على هذه القناعة، خططنا قد تتحوّل، فنحافظ على تبني الدكتور جعجع أو نختار اسماً آخر.

* متى تتبنى 14 آذار ترشيح بطرس حرب؟

- أنا أعلنت أني لن أترشح. طبعاً اسمي مطروح والناس تتصرف معي على أساس أني مرشح. قد يكون من المحتمل أن تتبنى 14 آذار شخصاً غير مرشح، أي مثلي أنا أو غيري. متى؟ أعتقد عندما تنضج القضية وعندما تبلغ مرحلة أن يكون بطرس حرب قادراً على استقطاب أصوات لا يمكن لغيره من المرشحين استقطابها.

* مَن تُرشِّح للرئاسة وفق هذه المعادلة؟

- تحمل 14 آذار مشروعاً وليس أشخاصاً. ما يهمّنا هو المشروع الذي يعيد بناء الدولة وتطبيق القانون ويعيد الدور للدولة، هذا المشروع الذي نريد إيصاله إلى بعبدا. لذلك نقول إنّ مَن نتبناه عليه أن يحمل تصوّرنا ويجسّد طموحاتنا الوطنية.

* ماذا عن ارتباط الاستحقاق الرئاسي بالاستحقاقات الإقليمية؟

- لا مصلحة للبنانيين بربط مصير لبنان بملفات أخرى. لكن، شئنا أم أبينا، التطورات الحاصلة في المنطقة تؤثر على البلد. لا أرى ربطاً مباشراً، نحن جالسون هنا ونعرف أنّ (المشير عبد الفتاح) السيسي سيُنتخب في مصر، والرئيس بشار الأسد في سوريا وأنّ (الرئيس نوري) المالكي انتهى حكمه في العراق. هذه أمور محسومة، لكن يجب انتظار التطورات على المدى المتوسط، أي كيف سيتعامل العالم مع إعادة انتخاب الأسد والسيسي، وكيف سيكون التعاطي مع التواصل والتوازن بين إيران والعالم الغربي والسعودية. طبعاً لبنان يتأثر بهذه الأمور، لكن أنا أقول إنه ليس على اللبنانيين انتظار كل هذه الاستحقاقات لتأمين مصالح وطنهم. ثمة إمكانية لشدّ هذا الارتباط أو حلحلته.

* ماذا عن قراءات السفراء في بيروت للوضع في لبنان؟

- أعتقد أن ثمّة إجماعاً دولياً وقراراً دولياً على عدم انفجار الوضع في لبنان. ثمة ضغط دولي ومواكبة دولية للحفاظ على الاستقرار والهدوء السياسي. تشكيل الحكومة يدخل في هذا التوجه، وكذلك وقف أعمال العنف في طرابلس. الموقف الدولي يصبّ في هذا الاتجاه، ولا يزال على ما هو ويعتبر أن عدم انتخاب رئيس يضعف مناعة النظام اللبناني والاستقرار في لبنان. ثمة إجماع دولي على ضرورة قيام الانتخابات في موعدها، لكن هل هذا يؤمّن الاستحقاق؟ لا أعرف، لأن كل دولة من هذه الدول الكبرى لها مشكلتها. رئيس الولايات المتحدة (باراك أوباما) اتّخذ قراراً بعدم تلويث يدي بلاده بأي دولة في العالم، (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين مشغول بأوكرانيا واهتماماته لا تضم تفاصيل الانتخابات اللبنانية. وكذلك السعودية وإيران. أكثر طرف قادر على أن يكون مرتاحاً للوضع في لبنان اليوم هي إيران، ولنكن واقعيين. وطبعاً السعودية لها عينها على لبنان. والتعاطي مع الملف الرئاسي اللبناني يجب أن يدخله التوازن على ما أعتقد.

* ما الذي يمنع وقوع الانفجار في لبنان؟

- لا شيء يمنع الانفجار. الوضع في لبنان هو ترجمة لهذا الوضع الإقليمي المتأزم. لا أزمة في لبنان لولا هذا الوضع في المنطقة، ونحن ندفع ضريبة هذه الأزمة. على اللبنانيين أن يعرفوا كيف يفصلوا بين ما يجري في لبنان وخارجه. من المؤسف القول وكأن اللبنانيين لم يعودوا معنيين بهذا الشكل الحار لمصير لبنان، ومصير الدولة والمؤسسات والحريات والازدهار. بكل أسف ودون تعميم، أصبحوا أسرى لمواقع معينة مرتبطة بمصالح دولية وإقليمية. يمكن إضافة المصالح الشخصية التي يوليها البعض أهميّة على حساب المصلحة الوطنية. ثمّة مَن ربط مصلحته الشخصية بوجود لبنان وليس العكس.

* نتيجة الأزمة السياسية الحالية، هل بات لبنان على أبواب نظام سياسي جديد؟

- إذا انهار النظام الحالي، من الطبيعي أن نكون متّجهين إلى أمر جديد. لكن أعتقد أنه ليس من مصلحة أحد في لبنان أن ينهار النظام. ولهذا ندعو جميع الأطراف، الأقوياء والضعفاء، إلى عدم الانخداع بالظروف الحالية. القوي اليوم قد يصبح ضعيفاً في المستقبل، والعكس صحيح. قد تتغيّر الظروف. ودعوتي، بكل إخلاص للجميع، أن هذا البلد "قد يطير"، وفي النتيجة أحدٌ لن ينتصر فيه، بل ربما قد يحقق البعض مكاسب شخصية فقط. علينا المحافظة على الدولة وعلى المبادئ التي قام عليها لبنان. كل دول العالم تقوم على معارض وموالي. لماذا في لبنان يعتبر الجميع أنّ الخروج من الحكومة وكأنه غير موجود؟

* هي أزمة نظام أم لا؟

- ثمة أزمة نظام إذا استمرّت هذه الحالة وهذه الأوضاع، وبالتأكيد ثمة أزمة ثقافة سياسية.

* ما رأيك بزيارة البطريرك بشارة الراعي إلى القدس المحتلة؟

- برأيي يجري تحميل هذه الزيارة أكثر ممّا يجب. غبطة البطريرك ليس أول شخص عربي أو دولي يقوم بزيارة لا دخل لها بالنظام الصهيوني. بالعكس، الراعي ذاهب للقول إن القدس منطلق المسيحية والديانة المسيحية، وأنه لا يمكن فرض تقويض القدس. الهجوم الذي شُنّ على البطريرك، جزء منه غير مبرر وجزء آخر ناتج عن طرف اعتاد على التعاطي بهذا المنطق مع الأمور، وقسم ثالث لا يريد أن يفهم سبب هذه الزيارة. هي زيارة رعوية، إذا تدخلت السياسة فيها فتكون في إطار تحدي النظام الصهيوني. ووجود الراعي في القدس لا يخضع إلا لتدابير إدارية للسلطة الإسرائيلية وبالتأكيد ليس سياسية.

* ألا تضرب هذه الزيارة رمزية الكنيسة وموقع البطريركية المارونية؟

- بتصوري البطريرك مدرك لما يقوم به، والقرار يعود إليه. بالطبع أخذ القرار ولديه معطيات ليست بحوزتنا. لو سألتني في حال كنت أنا مكان البطريرك لقلت: "أنا أبعد عن الشر وأغني له". هذا لا يعني أني أدين هذه الزيارة، بل من أجل عدم السماح بتفسيرات سلبية. وأنا لا أقبل، كلبناني أولاً، وكمسيحي ثانياً، أن تُرفع سيوف الاتهامات في وجه الراعي لأنه اتخذ هذا القرار. أعتقد أن الزيارة مفيدة.

* ما الجديد في محاولة اغتيال بطرس حرب؟

- أنا نسيت هذا الملف، لأنه "فالج ولا تعالج". بكل أسف لم أفهم الموقف في عدم سير التحقيقات كما يجب مع شخص مشتبه به. استغربتُ وقلت لحزب الله ذلك، وقلت إني لم أفهم سبب هذا التعاطي، وأستغرب موقف الحزب. بالنسبة لي ليس عندي قضية اسمها محاولة اغتيال بطرس حرب أو الاقتصاص ممَّن حاول اغتيالي. أنا أساساً لم أدّعِ، وسبق أن أعلنت، خلال حفل تقديس البابا بولس الثاني في ندوة تلفزيونية، أني أسامح المسؤول عن تلك المحاولة. لا أزال أتمنى أن يجري التحقيق، ليس لسبب شخصي، بل للتثبيت المبدئي بوجود دولة وقانون وعدالة.

* هل يسهّل طي صفحة محاولة الاغتيال طريقك إلى قصر بعبدا؟

- لم أضع الموضوع على طريق بعبدا. هو فقط من زاوية إنسانية. في الأساس لم أدّع على المتّهم لأني غير مؤمن بهذه القضية.

دلالات

ذات صلة

الصورة
أنشطة ترفيهية للأطفال النازحين إلى طرابلس (العربي الجديد)

مجتمع

أطلقت منظمات وجمعيات أهلية في مدينة طرابلس اللبنانية مبادرات للتعاطي مع تبعات موجة النزوح الكبيرة التي شهدتها المدينة خلال الفترة الأخيرة.
الصورة
دمار جراء غارات إسرائيلية على بعلبك، 25 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة غارات دموية على مناطق عدّة في محافظة بعلبك الهرمل اللبنانية أدت إلى سقوط عدد كبيرٍ من الشهداء والجرحى وتسجيل دمار كبير
الصورة
غارة جوية على قرية الخيام جنوب لبنان، 3 أكتوبر 2024 (فرانس برس)

سياسة

يكثّف جيش الاحتلال الإسرائيلي من سياسة تدمير المربعات السكنية ونسفها في جنوب لبنان على غرار الاستراتيجية التي يعتمدها في غزة منذ بدء حربه على القطاع
الصورة
آلية عسكرية إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة، 6 أكتوبر 2024 (ميناحيم كاهانا/فرانس برس)

سياسة

شهر أكتوبر الحالي هو الأصعب على إسرائيل منذ بداية العام 2024، إذ قُتل فيه 64 إسرائيلياً على الأقل، معظمهم جنود، خلال عمليات الاحتلال في غزة ولبنان والضفة.
المساهمون