كشفت صحيفة "ذا تلغراف" البريطانية، في تقرير لها اليوم الخميس، أنّ القوّات العسكرية البريطانية تواجه "موجة جديدة" من التحقيقات الجنائية، بعد تقديم وزارة الدفاع استجوابات بشأن انتهاكات ارتكبها جنود بريطانيون في أفعانستان.
ويواجه جنود بريطانيون، تحقيقات جنائية تركّز على أفعال ارتكبوها على وجه التحديد في العراق، إلّا أنّ معلومات حصلت عليها "ذا تلغراف"، كشفت أنّ هناك 550 "ادعاء تاريخياً" بشأن ارتكاب جرائم حرب في أفغانستان، تحقق فيها وحدة خاصة من الشرطة تم تشكيلها من قبل عدد من الوزراء.
وقد تم إنشاء مقر جديد للوحدة الخاصة، والتي أطلق عليها اسم "عملية نورثموور"، في قاعدة جوية في كورنوول، فيما خصّصت الحكومة مبلغاً إضافياً بلغت قيمته سبعة ملايين ونصف المليون جنيه إسترليني من أجل نفقات التحقيقات، في وقت سابق من العام الحالي.
وأحد الادعاءات الجديدة قدّمها عنصر في حركة "طالبان"، قائلاً إنه اعتقل لمدة 106 أيام من قبل القوات البريطانية بشكل غير قانوني، رغم زعم تلك القوات بأنّه صانع قنابل قد تؤدي إلى مقتل جنود منها في حال أُفرج عنه حينها.
وبعد تقديم الادعاءات الجديدة، بحسب الصحيفة، تدرس التحقيقات الحالية ادعاءات حول انتهاكات ارتكبتها القوات البريطانية في أكثر من ألفين ومئتي قضية، في كل من أفغانستان والعراق.
وأوضحت الصحيفة أنّ الاستجوابات في انتهاكات أفغانستان تم وضعها في البداية من قبل 60 ضابطاً في الشرطة العسكرية الملكية، إلا أنّ عدد التحقيقات التي أرسلتها وزارة الدفاع بلغت أكثر من الضعف، لتصل إلى 124 في الأشهر الأخيرة.
ونقلت الصحيفة عن النائب عن حزب المحافظين جون ميرسر، وهو نقيب سابق في الجيش سبق أن خدم في إقليم هلمند في أفغانستان، أنّه "تفاجأ" من التحقيقات التي تجريها وزارة الدفاع في مزاعم الانتهاكات "على مثل هذا النطاق".
وألقى ميرسر، وهو رئيس لجنة الدفاع البرلمانية، باللوم على دقة الوضع على الأرض في أفغانستان وتعقيداته، قائلاً لـ "ذا تلغراف" إنّ "ملاحقة الجنود أنفسهم الذين كنا نأمرهم بإطلاق النار فقط عند الحاجة القصوى لذلك، مؤلم لمن يشاهده فكيف لمن يكون جزءاً منه".
وكانت وزارة الدفاع البريطانية قد أكدت، أمس الأربعاء، أنّ القضايا التي يجري التحقيق فيها تتضمن اتهام جنود باعتقال قائد في حركة "طالبان" وإساءة معاملته خلال فترة اعتقاله التي تجاوزت 100 يوم في هلمند.
واعتقلت القوة البريطانية سردار محمد في أبريل/ نيسان العام 2010 وزعمت أنّ إطلاق سراحه يشكل تهديداً لها، أو أنّه قد يتعرّض للتعذيب في حال تسليمه للسلطات الأفغانية، في حين أنّ وحدة "عملية نورثموور" تحقق الآن بأنّه تعرّض للتعذيب على يد القوة البريطانية نفسها خلال توقيفه.
وبحسب وزارة الدفاع، فإنّ العديد من القضايا التي تخضع للتحقيق الجنائي، تتضمن حالات لأفغان تم احتجازهم "للاشتباه في تورطهم في نشاط المتمردين". وأشارت الصحيفة إلى أنّ عدداً من منظمات حقوق الإنسان قالت إنّ "الجنود البريطانيين الذين احتجزوا محمد أطلقوا عليه كلباً هاجمه ونهش كتفه، ثم قاموا بضربه وركله بأرجلهم فيما كان موثق الأيدي".
ويقاضي محمد الحكومة البريطانية "لاحتجازه بشكل غير قانوني"، حيث من المنتظر أن تصدر المحكمة العليا حكماً في قضيته الشهر المقبل. وفي حال أتى حكم المحكمة لصالحه، فإنّه سيفتح الباب أمام مئات من مطالب التعويضات كانت قدمت أغلبها مؤسسة حقوق الإنسان "ليه داي".
وهو كان قد سُلم إلى السلطات الأفغانية، وسُجن في مدينة لشكار جاه بعدما أصدرت محكمة أفغانية حكماً بسجنه مدة عشرة أعوام، لكن تم إطلاق سراحه في العام 2014. وخلال فترة سجنه زارته شخصيات بريطانية في ثلاث مناسبات، لكنّه لم يقدم ادعاء حول سوء معاملته، بحسب الصحيفة.
ونقلت الصحيفة عن متحدث باسم مؤسسة "ليه داي" لحقوق الإنسان تأكيده أنّ المؤسسة تعمل على 90 ملفاً لأفغان آخرين، في قضايا مرفوعة ضد وزارة الدفاع، حول احتجازهم بصورة غير قانونية وتعرّضهم أو أحد أقاربهم لسوء المعاملة أو القتل بصورة غير قانونية من قبل القوات المسلحة البريطانية في أفغانستان، قائلاً "ندرك أيضاً أنّ الشرطة العسكرية الملكية تحقق في حالات مخالفات مزعومة بمحض إرادتها".
في المقابل أوردت الصحيفة تصريحات لمتحدث باسم وزارة الدفاع قال فيها إنّ "قواتنا المسلحة تخضع لأعلى المعايير العسكرية، لكن هناك، وبشكل نادر، ادعاءات موثقة حول سلوك إجرامي من قبلها ويجب أن نحقق فيه".
واعتبر المتحدث، وفق الصحيفة، أنّ "إجراء تحقيق مستقل هو أفضل وسيلة للتأكّد من أنّ أفراداً أبرياء لا ينجرون أمام المحاكم من دون سبب"، لافتاً إلى أنّ "أياً من الادعاءات التي تحقق فيها عملية نورثموور لم ترفع حتى الآن إلى النيابة العامة لوزارة الدفاع".