أفلت عدد من سكان تيزنيت، جنوب المغرب، من موت محقق بعد أن أدت التساقطات المطرية الكبيرة، إلى انهيار سور تاريخي، يعود إلى أيام حكم الموحدين. فليس البشر وحدهم من تضرر من الفيضانات في مناطق الجنوب، على وجه الخصوص، بل طال الدمار المآثر التاريخية من أسوار وقلاع تاريخية، تعرضت على مر السنوات الماضية، إلى عوادي الزمن، قبل أن تأتي السيول الأخيرة، لتكمل عمليات طمس التاريخ المشترك.
ولم يقتصر الأمر على الإرث الثقافي المادي المشترك، بل امتد ليطال الدمار حتى المقابر ومدافن المسلمين، بعد أن داهمت مياه الفيضانات القبور وجرفت في طريقها الأجداث والجثث.
ووجدت الدولة نفسها، عاجزة عن معالجة تداعيات الفيضانات، التي ما تزال مستمرة، وتدخلت في مناطق عديدة بوسائل بدائية، في حين تعيش مدن الجنوب عزلة تامة، بعد أن أعلنت السلطات المنطقة منكوبة، ونزل وزير الداخلية، في آخر لحظة إلى مناطق سوس، لتفقد الوضع، وسط تطمينات للسكان، ووعود الإعانات القادمة من الرباط.
من جهة أخرى، وفي أول رد احتجاجي من السكان، شهدت مدن الجنوب، وفق مصادر لـ "العربي الجديد"، أكثر من 13 وقفة احتجاجية للسكان أمام مقرات السلطات المحلية تحت رقابة أمنية مشددة، ندد فيها المحتجون بتهاون مؤسسات الدولة في ظل الظروف المأساوية التي يعيشونها.
وطالب هؤلاء بمحاسبة المسؤولين عن هشاشة البنية التحتية المغشوشة. ووفق المصادر نفسها، فقد نظمت الساكنة وهيئات المجتمع المدني بمدينة كلميم المنكوبة ست وقفات ومسيرات بكل من أحياء النوادر والنخيلات واللوح وعبودة والقصبة وأمام مقر الولاية.
وأكدت المصادر أنه على بعد كيلومترات من كلميم المركز، نظمت أربع وقفات في كل من منطقة أسرير ودوار تارمكيست ومنطقة لبيار.
كما نظمت الساكنة وقفة احتجاجية بمدينة بويزكارن، ووقفتين بسيدي إفني، وواحدة بكولومينا وأخرى بالمدينة.
وأمام بطء التدخل الحكومي، شكلت في عدد من المناطق المتضررة والمنكوبة، لجان شبابية شعبية للتدخل، وهو الأمر الذي حدث في نواحي الجديدة، عندما تدخل السكان لتسليك الطريق المقطوعة، بعد أن استحال العبور بفعل فيضان واد فليفل.
ومن المتوقع، أن ترتفع وتيرة الاحتجاجات الاجتماعية، في الأيام المقبلة القادمة، بسبب البيروقراطية في توزيع الإعانات التي تقدمها الدولة، وسيادة المحسوبية. وقد بدأت البوادر الأولى للاحتجاجات في جماعتي "أسرير" و"تغمرت" بعد أن حاصر واد واركنون وواد صياد السكان، الذين هجروا مساكنهم المهددة بالسقوط، في ظل عزلة شاملة وتضرر شبكات الماء والكهرباء والاتصالات.