نجحْتُ في إقناع أمّي
بأن تمشي معي هذا المساء
فهي تشكو مؤخّراً من تشنّج مفاجئ في عضلات حزنها
التي تطلّبت حياةً كاملة من الخسارات
وكثيراً من التمارين القاسية
لتقوى على الانهيار بانضباط جمبازيّ صارم
كما في التصوير البطيء
الذي يحوّل مكابدات الأعضاء والمفاصل والشرايين لجمالٍ
عبثيٍّ عنيف
يداها مشدودتا دائماً إلى أعلى، إلى قلوبنا المبكّرة في التحليق
غير مكترثتين لبزوغ كتفيها النحيلين من السرير كفجر يحمل عن العالم
الساعات الأخيرة من العتمة
لم يصفق المحلّلون الرياضيّون لوثباتها العجيبة إلى أرواحنا المائيّة
ولتوازنها المدهش وهي تمشي على أطراف أصابعها على الحبال
الرفيعة المشدودة بين رغباتنا وخيباتنا
لكي يتسنّى لنا الاستمرار في الحبّ دون أن ننظر إلى الهاوية
ولم يحبس العالم أنفاسه لمرأى قلبها الشاحب وهو يتعثّر ويقتعد الارض
وحيداً في ماراثونات دون فائزين،
كنّا نراه ولا نسعفه لاعتيادنا على هزائم صغيرة تفتك بهدوء ولا تتناولها نشرات الأخبار
نجحت في اقناعها أن تمشي معي
وأن تكون سماءً احتياطية لجسمي الممعن في التغريد خارج السرب، كصلاة دون معبد
ومهبطاً سرّياً لقلبي الحرّ في السقوط، كآخر النجوم أو أقلّها حظّاً
لأتمكّن أخيراُ، أنا بنتُ خيالِها،
بعد سنوات من الحذر في الطرق والتوجّس من الجسور،
من الوقوع في غرام جبال تغريني بالقفز أو بتقليد الغيوم
والهروب من رجال لا يؤمنون إلاّ بما ملكت أيمانهم من ضجرٍ رغيد
يمكنني الآن أن أعوم، دون حسابات كثيرة، في عطش عشوائيّ
أو على شبر ماء
وأن لا أهتمّ كثيراً إن زاد وزن حزني في الشتاء
واثقةً أنّه سيستعيد رشاقته
حال يلسعني بيده الإلهيّة المبحوحة
نهر نحيف وهادر من الاشواق
* شاعر من فلسطين
اقــرأ أيضاً
بأن تمشي معي هذا المساء
فهي تشكو مؤخّراً من تشنّج مفاجئ في عضلات حزنها
التي تطلّبت حياةً كاملة من الخسارات
وكثيراً من التمارين القاسية
لتقوى على الانهيار بانضباط جمبازيّ صارم
كما في التصوير البطيء
الذي يحوّل مكابدات الأعضاء والمفاصل والشرايين لجمالٍ
عبثيٍّ عنيف
يداها مشدودتا دائماً إلى أعلى، إلى قلوبنا المبكّرة في التحليق
غير مكترثتين لبزوغ كتفيها النحيلين من السرير كفجر يحمل عن العالم
الساعات الأخيرة من العتمة
لم يصفق المحلّلون الرياضيّون لوثباتها العجيبة إلى أرواحنا المائيّة
ولتوازنها المدهش وهي تمشي على أطراف أصابعها على الحبال
الرفيعة المشدودة بين رغباتنا وخيباتنا
لكي يتسنّى لنا الاستمرار في الحبّ دون أن ننظر إلى الهاوية
ولم يحبس العالم أنفاسه لمرأى قلبها الشاحب وهو يتعثّر ويقتعد الارض
وحيداً في ماراثونات دون فائزين،
كنّا نراه ولا نسعفه لاعتيادنا على هزائم صغيرة تفتك بهدوء ولا تتناولها نشرات الأخبار
نجحت في اقناعها أن تمشي معي
وأن تكون سماءً احتياطية لجسمي الممعن في التغريد خارج السرب، كصلاة دون معبد
ومهبطاً سرّياً لقلبي الحرّ في السقوط، كآخر النجوم أو أقلّها حظّاً
لأتمكّن أخيراُ، أنا بنتُ خيالِها،
بعد سنوات من الحذر في الطرق والتوجّس من الجسور،
من الوقوع في غرام جبال تغريني بالقفز أو بتقليد الغيوم
والهروب من رجال لا يؤمنون إلاّ بما ملكت أيمانهم من ضجرٍ رغيد
يمكنني الآن أن أعوم، دون حسابات كثيرة، في عطش عشوائيّ
أو على شبر ماء
وأن لا أهتمّ كثيراً إن زاد وزن حزني في الشتاء
واثقةً أنّه سيستعيد رشاقته
حال يلسعني بيده الإلهيّة المبحوحة
نهر نحيف وهادر من الاشواق
* شاعر من فلسطين