يستمر الصراع الغربي ـ الروسي في أوكرانيا، وإن بات يتخذ شكل "حرب عقوبات"، فيما تمضي روسيا، بخطى متسارعة، في ضم شبه جزيرة القرم إلى أراضيها، الأمر الذي تواجهه حكومة كييف بخطوة جديدة باتجاه الغرب.
ووقع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يوم الجمعة، جملة من مشاريع قوانين تجعل القرم جزءاً من روسيا، مستكملاً بذلك انتزاعها من أوكرانيا.
وأشاد بوتين بدمج القرم في روسيا باعتباره "حدثاً رائعاً".
كانت روسيا قد أسرعت بإجراءات ضم شبه جزيرة القرم الاستراتيجية، الواقعة في البحر الأسود، بعد استفتاء جرى، الأحد الماضي، صوّت فيه سكان القرم بأغلبية ساحقة لصالح الانفصال عن أوكرانيا والانضمام لروسيا.
وفي تعليقه على العقوبات الغربية، ولا سيّما الأميركيّة منها، قال بوتين، يوم الجمعة، إن روسيا ليست بحاجة لمزيد من ردود الفعل الانتقامية جراء العقوبات الأميركية.
تصريحات بوتين جاءت بعد اصدار الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أوامر بفرض حزمة عقوبات جديدة تستهدف نحو أربعة وعشرين شخصاً، من الدوائر المقربة لبوتين ومصرف "روسيا".
وقال بوتين في تصريحات تلفزيونية، يوم الجمعة، خلال جلسة عقدها مجلس الأمن الرئاسي، إنه لا يرى سبباً لمزيد من ردود الفعل الانتقامية. وأضاف بلهجة تهكمية، أنه يفتح لنفسه حساباً في مصرف "روسيا" الذي استهدفته العقوبات الأميركية الأخيرة.
بدوره، فرض الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، عقوبات جديدة، تطال الدائرة المقربة من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين. وتضمنت حظر تأشيرات الدخول وتجميد أصول. وأظهرت وثيقة حصلت عليها وكالة "أسوشيتد برس"، أن زعماء الاتحاد الأوروبي، وافقوا على إضافة 12 مسؤولاً جديداً، إلى قائمة الأشخاص المفروض عليهم عقوبات، ليصل عددهم إلى 33 مسؤولاً. ومن بينهم نائب رئيس الوزراء الروسي، ديمتري روجوزين، واثنين على الأقل من المسؤولين المدرجين بالفعل في قائمة أميركية للعقوبات وضعت في وقت سابق من هذا الأسبوع.
وطالت العقوبات أيضاً عدداً من المسؤولين العسكريين. كما توعد الاتحاد الأوروبي بالإعداد لعقوبات اقتصادية أخرى، في حال تزايد تدهور الوضع في شرق أوكرانيا.
وفي خطوة تعبر عن تحدي أوكرانيا للسياسة الروسية، اتخذت حكومة كييف خطوة جديدة باتجاه الغرب، إذ وقع رئيس الوزراء الأوكراني، أرسين ياتسينيوك، يوم الجمعة، اتفاق شراكة سياسية مع الاتحاد الأوروبي خلال قمة لقادة التكتل الـ28. وهو الاتفاق نفسه الذي كان رئيس أوكرانيا السابق، فيكتور يانوكوفيتش، تراجع عن توقيعه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مفضلاً الحصول على قرض إنقاذ بقيمة 15 مليار دولار من روسيا. الأمر الذي أدى إلى اندلاع الصراع بينه وبين المعارضة الأوكرانيّة، لتشهد الجمهورية السوفيتية السابقة واحدة من أسوأ أزماتها السياسية في تاريخها الحديث.
في موازاة ذلك، شرعت أوكرانيا، يوم الجمعة، في المشاركة بمناورات عسكرية تضم قوات من اثني عشر بلداً عضواً بحلف شمال الأطلسي، ودولاً أخرى شريكة للحلف.
وبدأت المناورات، يوم الجمعة، بمنشأة تدريب نوفو سيلو شرق بلغاريا. وذكر المتحدث باسم الجيش الأميركي في أوروبا، جيسي جيسي غرانغر، أن المناورات المقررة قبل المواجهة بين الشرق والغرب بشأن ضم روسيا لشبه جزيرة القرم من أوكرانيا، ترمي إلى تعزيز المرونة الإقليمية والحفاظ على قدرة "الأطلسي" على التعاون المشترك، وتسهيل التدريب متعدد الجنسيات. ويأتي ذلك في أعقاب مناورات مشتركة من جانب قوات البحرية الأميركية والرومانية والبلغارية في البحر الأسود.
في غضون ذلك، حث الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أوكرانيا وروسيا، على الاجتماع لإجراء محادثات لمنع خروج الأزمة بينهما عن السيطرة وامتدادها إلى ما وراء حدود المنطقة.
وقال في العاصمة الأوكرانية كييف، يوم الجمعة، بعد اجتماعه بالقائم بأعمال الرئيس الأوكراني، أولكسندر تيرشينوف، إن "المهم في هذا الوقت بالنسبة لسلطات أوكرانيا وروسيا هو الجلوس معا وبدء حوار مباشر وبناء". وأضاف أنه كلما تأخر الحوار السلمي "كلما زادت مخاطر وجود مواقف خارجة عن نطاق السيطرة تتخطى هاتين الدولتين وحدود المنطقة".
إلى ذلك، أكدت وزارة الخارجية الأوكرانية، يوم الجمعة، أن التصريحات المتضاربة بشأن انسحابها من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية هي مجرد تكهنات.
ونقلت وكالة أنباء "ايتارتاس" الأوكرانية عن وزير الخارجية الأوكراني المؤقت، دانييل لوبكيفسكي، قوله: "لا أعلق على التكهنات، لا أعلم عن أي مشاورات مع الوزارة بهذا الموضوع، كما أن أوكرانيا ملتزمة تماماً بتعهداتها الدولية كافة".
وجاءت تصريحات لوبكيفسكي بعدما تم تسجيل مشروع قانون بشأن الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في البرلمان الأوكراني تقدم به نواب ينتمون لحزب الوطن والتحالف الديموقراطي الأوكراني للإصلاح.