تفرّغ أوسكار م. دومينغيز لـ الرسم منذ صغره بعد تعرّضه إلى مرض أثّر على نموّه وشوّه عظام وجهه وأطرافه، وقد انتقل وهو المولود في جزر الكناري إلى باريس في ثلاثينيات القرن الماضي حيث أدخله الرسامون الطليعيون ضمن دوائرهم، وفي مقدّمتهم الفرنسي إيف تانغوي ومواطنه بابلو بيكاسو.
التقى الفنان الإسباني (1906 - 1957) بأندريه بروتون وبول إيلوار وانضمّ إليهما في حركتهما السوريالية، حيث قدّم العديد من الأعمال المميزة في هذا الإطار عبر استخدام الغواش الذي تم نشره بشكل رقيق على ورقة أو سطح آخر (تم استخدام الزجاج)، ثم يُضغط على سطح آخر مثل لوحة قماشية، لينتج العديد من التكوينات الغرائبية، وقد نال شهرة واسعة إلى أن انتحر بقطع معصميه.
يعود المنظّمون إلى المعرض الدولي الذي نظّمه السورياليون في باريس عام 1938
"جاميس. سكار دومونجيز وبابلو بيكاسو" عنوان المعرض الذي افتتح في الخامس عشر من تموز/ يوليو الماضي في "متحف بيكاسو" بمدينة برشلونة الإسبانية، ويتواصل حتى الثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، ويقدّم أثراً جديداً يضاف إلى أمور أخرى جمعت الفنانيْن في صداقتهما التي امتدت أكثر من ربع قرن.
يعود المنظّمون إلى المعرض الدولي الذي نظّمه السورياليون بين كانون الثاني/ يناير وشباط/ فبراير عام 1938 في باريس، وشارك فيه الفنان الفرنسي مارسيل دوشامب الذي لطالما نزع فتيل الخلافات بين كلّ من بروتون وإيلوار، والفنانيّن الإسباني سلفادور دالي والألماني ماكس إرنست كمستشارين تقنيين.
تم تنظيم هذا المعرض في ثلاثة أقسام في محاولة لتكريس مجمل الأفكار والتنظيرات السوريالية التي شغلت بال العديد من الكتّاب والفنانين والنقّاد، حيث عُرضت اللوحات، وكذلك قطع وأشياء اعتبرها أعضاء الحركة تعبيراً فنياً عن رؤاهم، بالإضافة إلى غرف مزينة بشكل غير عادي أعيد تصميمها بطرق مختلفة وجالت فيها بعض عارضات الأزياء.
وخلال المعرض، تسبّب دومنيغيز في إحداث ضجة كبيرة مع عرضه فونوغرافاً (غرامافون) مطلياً باللون الأبيض بالكامل، على شكل بطن يدور تحت يد تعمل كإبرة، بينما تخرج أرجل المرأة من مكبّر الصوت وأطلق عليها "جاميس"، تماماً مثلما سبّبته منحوتة "تاكسي المطر" لدالي، وهي عبارة عن سيارة يتساقط عليها الماء وتزحف فوقها مجموعة من الحلزونات الحيّة.
اعتقد الجميع أن هذه القطعة التي نفّذها دومنيغيز قد فُقدت إلى أن اكتُشف أنه أعطاها لصديقه بيكاسو عام 1945، بحسب ما يشير مقال مصورّ كتبه الصحافي نيك مورغولي بعد نحو عامين، حول ما قام به الفنان السوريالي الإسباني بتحويل فونوغراف إلى كائن مثير ومنوم وغامض ومثير للقلق، وبدأ كما وأنه نحَت جسداً أنثوياً وقطّع أوصاله من أجل وضعه على القرص الدوار، وأن يبتلع البوق الجسد بحيث لا شيء يبقى مرئياً سوى الساقين، أو بالأحرى القدمين، يرتديان أحذية عالية الكعب.
يُعرض العمل الفني في "متحف بيكاسو" "في استعادة لأجواء معرض السورياليين عام 1938، واستحضار أداء "الراقصة السريالية" التي قدّمتها العارضة هيلين فانيل في ليلة الافتتاح".